الفضائح على الطريقة الحديثة
بعد أن تم بث فضائحها للعالم على الهواء مباشرة، انتهت أخيرًا حلقات.. أقصد جلسات محاكمة الممثل الأمريكى جونى ديب وطليقته الممثلة أمبر هيرد التى اتهمته بضربها وتكسير أثاث المطبخ، بينما أكد أنها آذته بشدة نفسيًا وجسديًا، حيث صفعته أكثر من مرة وكسرت إصبعه، بخلاف خيانتها له مع الممثل جيمس فرانكو، ما دفع ديب- على حد تعبيره- إلى إدمان المخدرات.
مفاجآت أكبر، وفضائح أكثر حملتها الجلسات التى فاقت متابعتها أنجح المسلسلات العالمية، بعد تحقيقها على مدار أسابيع المراكز الأولى فى محركات البحث الإلكترونية أو ما يسمى بـ«التريند»، بخلاف تدافع الجماهير للحضور إلى قاعة المحاكمة بهدف مشاهدة جلساتها مقابل آلاف الدولارات.
صحيح أن الكثير من المشكلات يقع بين الأزواج، لكن من المؤكد أن الأمر يختلف حينما يكون بطلاها فى نجومية ديب وهيرد، متابعة الناس منطقية إذن، خصوصًا مع وجود عامل إثارة كبير هو كم التسجيلات المعروضة التى كشفت عن أن كلًا منهما كان يصور الآخر دون علمه.
منذ فترة قصيرة اتهمت مراسلة لبنانية زوجها الممثل المصرى بالاستيلاء على متعلقاتها الشخصية، الأمر الذى أنكره فى أكثر من حوار تليفزيونى، قبل أن تبدأ حرب الفيديوهات التى توثق أقوال كل منهما، حدث ذلك بعد فترة أيضًا قصيرة مرت على واقعة المطرب وطليقته النجمة التى اتهمته بضربها، مما تسبب لها فى عاهة مستديمة، لينكر طليقها ما ذكرته بالدلائل فى برنامج تليفزيونى شهير.
السؤال الآن: ما الذى يدفع زوجين إلى تسجيل أدق تفاصيل خلافاتهما بالصوت والصورة؟ ثم لماذا يقرر النجوم بكامل إرادتهم نشر فضائح حياتهم الزوجية على شاشات الفضائيات ومواقع التواصل الاجتماعى؟ هل هى رغبة فى التطهر أم التريند؟
أتفهم أن يقبل ممثل دورًا أو عملًا ليس على المستوى المطلوب، الحاجة للوجود أو الفلوس مبرر يمكن تفهمه، لكن ما هو غير مفهوم أن يفضح المشاهير بإرادتهم أطراف علاقة شخصية جمعتهم بآخرين باستخدام ما أمكن من وسائل التشويه واستجداء التعاطف.
المشكلة أن عدوى هذا السلوك أصبحت أكثر انتشارًا بين الناس مما جعله اتجاهًا عامًا انجرف للتشنيع بأحط وسائل الانتقام والابتزاز، وصل إلى حد استخدام أزواج صور زوجاتهم الخاصة وتهديدهن بنشرها لهدف الانتقام، أو لإجبارهن على التنازل عن حقوقهن المادية بعد الانفصال، التكنولوجيا ليست مدانة بالتأكيد، هى أداة حيادية، الغرض هو الفيصل الذى يحدد مشروعية استخدامها، لكن الأزمة فى اختلال ميزان القيم وفق مضمون الغاية تبرر الوسيلة، والترويج له بسلوكيات المشاهير.
الحقيقة المؤسفة أننا شركاء أساسيون فى هذه اللعبة، بل إننا كمشاهدين نعتبر أصحاب الضلع الأهم بين أضلاعها، والمتمثل فى المتابعة التى تقفز بمثل هذه الوقائع إلى قمة المشاهدات، المترجمة فى النهاية إلى ربح مادى ومعنوى لصناع المحتوى وأبطاله، بالإضافة إلى المساهمة الفاعلة لبعض الفضائيات والمنصات الإلكترونية بإتاحة مساحات واسعة فى برامجها لمثل هذه المهاترات أو بث جولاتها على الهواء مثل مباريات كرة القدم.
أذكر تسجيلًا صحفيًا للسيدة فاتن حمامة سألها المُحاور من خلاله عن عمر الشريف كزوج، مما دفع سيدة الشاشة إلى قمة غضبها لأول مرة صارخة: «أنا دلوقتى زوجة راجل تانى ومش ممكن أسمح بسؤال زى ده»، ربما يمكننا اعتبار ذلك أحد أسباب احترام الناس غير المحدود لهذه السيدة وغيرها من الفنانين الذين يتحلون بنفس السلوك بالرغم من امتلاء حياتهم الشخصية بكل ما يجعلهم حديث الناس.. أو بلغة العصر «يخليهم تريند».. بالمناسبة.. لا صحة للمقولة التقليدية «الفنان قدوة»، بمعنى أنه معصوم أو حتى مثالى، ببساطة لأن الفنان إنسان، ولكل إنسان هفوات وأخطاء، مختبئة خلف أسوار من السرية، الشهرة هى فقط البهارات التى تجعل اختراق هذه الأسوار أشهى، لذلك فى كل أنحاء العالم هناك من يطلق عليهم «البابا راتزى»، وهم المتخصصون فى تتبع الحياة السرية للمشاهير، لكنْ هناك فرقًا فى أن يقتحم أحدهم غرفة نومى وبين أن أنقلها بإرادتى إلى الشارع، هى أيضًا ليست دعوة للكذب أو الادعاء، لكن من المؤكد أن الصدق لا يستلزم فضح تفاصيل حرجة، تخص أطراف علاقة عشناها يومًا ما.