من «النرويج» إلى «المغرب».. «كريم» وقف وحيدًا يشجع فريقه
قبل أيام من انطلاق المباراة النهائية بين فريقي الأهلي المصري والوداد المغربي ضمن بطولة دوري أبطال إفريقيا، أعد «كريم الدرديري» حقيبته كما اعتاد دومًا قبل أي مباراة يخوضها النادي الأهلي، متوجهًا إلى المغرب، ليؤازر فريقه ويشجعه أثناء التدريبات والإحماءات التي تسبق يوم المباراة الحاسمة.
وفور وصوله إلى المدرجات، لم يجد إلا نفسه ليقرر أن يطبق مقولة «الألف صوتهم صوت مليون»، لكن تلك المرة كان صوته فقط هو الحاضر في أرجاء استاد العربي الزاولي بنادي الاتحاد الرياضي البيضاوي، ليلتفت الجميع حوله، وترصده عدسات الكاميرات، وتشتعل منصات التواصل الاجتماعي حول الشاب الذي وقف وحيدًا يشجع فريقه.
قرر «كريم» السفر من القاهرة إلى النرويج في عام 2011، بعد أن حصل على منحة لدراسة نظم المعلومات الإدارية هناك، وبالفعل تحولت حياته بأكملها في تلك اللحظة، لكن الشىء الوحيد الذي لم يتغير حتى وقتنا هذا هو عشقه للنادي الأهلي، والسفر وراءه في كل مكان.
وفي يوليو 2020، حصل «كريم» على منحة دراسية جديدة بجامعة «ستافنجر» في النرويج، متخصصًا في دراسة علم الاجتماع، وقبل ذلك بسنوات استطاع أن يصبح عضوًا بالاتحاد النرويجي للنقابات العمالية (أكبر منظمة شاملة وأكثرها تأثيرًا لنقابات العمال في النرويج، وتضم مليون عضو من سكان البلاد).
سنوات طوال مضت على الشاب الثلاثيني وهو يعيش بعيدًا عن بلاده، ورغم ذلك لم يمنعه شىء عن مشاهدة مباريات «المارد الأحمر» سواء عبر الشاشات التليفزيونية أو قطع تذاكر السفر وحضور المباريات من داخل الاستاد، لتكون محطته الجديدة استاد مركب محمد الخامس، الذي سيشهد المباراة النهائية للبطولة الإفريقية.
وبين ليلة وضحاها، أصبح حديث رواد التواصل الاجتماعي، خاصة بعد إصراره على غناء الهتافات التشجيعية للفريق بأعلى صوت لديه، وبنفس طريقة المشجعين القدامى؛ ما جعل رئيس النادي الأهلي المصري «محمود الخطيب» يتوجه إليه ويشكره على تلك اللفتة الإنسانية، كما أهداه تذكرة لحضور المباراة حين علم أن «كريم» جاء إلى المران مباشرة، ولم يبتع التذكرة بعد.
مباريات عدة لا تحصى حضرها «كريم» في بلاد وبطولات مختلفة، جعلته ركنًا أساسيًا من النادي الأهلي، لا يستطيع النوم في الليلة التي لم يحضر فيها أي مباراة للفريق، وبعد أن أدرك مدى احتياج اللاعبين للدعم في الوقت الحالي؛ لأن المباراة النهائية سُتقام على أرض الفريق المنافس، لم يتردد ثانية واحدة قبل حجز تذكرة السفر إلى المغرب.
وصف «كريم» لحظة وقوفه في المدرج: «كنت في حالة من السعادة لا توصف بعد أن تأكدت من روح الفريق وحماسه لتحقيق البطولة الحادية عشرة والثالثة على التوالي، رأيت اللاعب الجنوب إفريقي «بيرسي تاو» يمازح زملاءه ومديره الفني «بيتسو موسيماني»، الجميع هنا ينتظر يوم المباراة وسط حالة من الحب بين المصريين والمغاربة».
أشار أيضًا إلى الطوابير المهولة أمام بوابات نادي الرجاء المغربي، بمشاركة مشجعي فريق الوداد والأندية المغربية الأخرى، معتقدًا أن مساحة المدرجات المتبقية لمشجعي النادي الأهلي لن تتجاوز 15 ألف مشجع.
وجه المشجع الأهلاوي رسالة مطمئنة لرئيس النادي الأهلي، حين توجه إليه ليحييه على حضوره وهتافه في المدرجات، وأبلغه أن هناك عددًا كبيرًا من مشجعي الأهلي سيصل غدًا للوقوف بجانب الفريق، وسيحصل النادي على البطولة الجديدة رغم العقبات التي تقف أمامه.
وبالعودة إلى الوراء قليلًا، تذكر «كريم» أجواء مباريات النادي الأهلي التي حضرها سابقًا: «سافرنا وراه بلاد كتير، شجعنا من قلبنا طول الـ90 دقيقية حتى في الخسارة، في كل بلد كنا بنشوف الأجانب قد إيه بيحبوا الأهلي وبيحبوا عمرو فهمي (أحد مؤسسي رابطة مشجعي الأهلي، الذي وافته المنية في فبراير 2020)».
أشاد أيضًا بدور المدرب العام للفريق «سامي قمصان» والمساعدين من جنوب إفريقيا، خلال مران الفريق من توجيهات صارمة للاعبين، مؤكدًا أن الفريق بأجمعه يعمل كمنظومة متكاملة، يساندون بعضهم البعض لتحقيق اللقب من جديد.
يستعد الشاب الآن لحضور التدريبات الجديدة للفريق، لكن وسط المشجعين الذين غادروا القاهرة، صباح اليوم، ليساندوا النادي الأهلي المصري، ويقفوا بجانب «كريم» داخل المدرجات، آملين جميعهم العودة إلى البلاد حاملين البطولة الأغلى لـ«المارد الأحمر».