تميزت أفكاره بعمقها وأصالتها
فى ذكرى الفيلسوف الالمانى.. الوجود والزمن عند «هايدجر» وفقا لعبد الرحمن بدوي
يعد المفكر والفيلسوف الألماني مارتن هايدجر، الذي رحل عن عالمنا في مثل هذا اليوم من عام ١٩٧٦، واحدا من أكبر فلاسفة القرن العشرين، فهو أكثرهم غموضا وصعوبة علي الفهم، خاصة في فلسفته عن الوجود بكتابه الأشهر “الوجود والزمن”.
تعود صعوبة أفكار وفلسفة مارتن هايدجر إلي عدة أسباب، عمق الأفكار التي قدمها وأصالتها، والتي تعد فتح جديد في مجال الأنطولوجيا الوجودية، أوعلم الوجود، وهناك أيضا جفاف النص الفلسفي عند مارتن هايدجر وغموضه في بعض الأفكار التي طرحها وبالتالي تعدد التأويلات المختلفة لها.
ويبرز من بين أسباب صعوبة فلسفة هايدجر، اللغة، فقد نحت ألفاظا ومصطلحات جديدة ومركبة، شديدة الصعوبة علي غير المتمرس في الألمانية فهمها أو الإلمام بها، والوقوف علي دلالاتها الحقيقية، وقصور الترجمة وأحيانا سوئها في نقل النص الفلسفي لهايدجر، وفي نقل مصطلحات ألمانية قد لا يوجد لها أصل في اللغة المترجم إليها كاللغة العربية أو غيرها من اللغات العالمية.
وأفضل من قدم مارتن إلي العربية دكتور زكريا إبراهيم والدكتور عبد الرحمن بدوي، وكتب الأخير شاركا فلسفة وأفكار هايدجر، في كتابه "الزمن الوجودي"، أن الوجود نوعان، كلاهما يطلق بعدة معان: وجود مطلق، ووجود معين التصورات، أو كما قال أرسطو "هو أكثر الأشياء كلها عموما وكلية"، وهذه الكلية ليست كلية الجنس، أعنى ان الوجود ليس جنسا يشمل الموجودات باعتبراها خاضعة للتقسيم إلى أجناس أدنى وأنواع إنما هى كلية فوق كل جنس مهما كانت درجته في العلو، والخاصية الثانية لفكرة الوجود المطلق، أعنى أنه غير قابل لأن يحد، وهذا ما لاحظه بسكال أيضا فقال: "ليس في وسع المرء أن يحاول تعريف الوجود دون أن يقع في الخلف والإحالة: لأننا لا نستطيع أن نحد لفظا دون أن نبدأ بقولنا: هو، سواء عبرنا عن ذلك صراحة أو إضمارا. وإذن فلتحديد الوجود، لابد أن نقول: هو وبهذا نستخدم المعرف في التعريف". وهذا يرد في النهاية إلى كون ماهية الوجود غير معروفة.
ــ الزمن في المذهب الوجودي عند مارتن
في دراسته المعنونة، بــ “الزمن في المذهب الوجودي عند مارتن هايدجر”، والمنشورة في مجلة عالم الفكر، يذهب الدكتور عبد الرحمن بدوي إلي أن: “التاريخ هو التاريخ الخاص في زمان الآنية الموجودة، وما يعد ذا قيمة كتاريخ بالمعني الأسمي هو ذلك التأرخ الذي في الوجود ــ المجموع قد مضي ولكنه مأثور ولا يزال ذا أثر فعال”.
ويخلص بدوي إلي أنه: إذا تأملنا الآن في الزمن ابتداء من الحاضر، فأننا نفهم “الحاضر” علي أنه هو الآن، في مقابل الآن “الماضي” الذي لم يعد بعد، والآن “المستقبل” الذي لم يأت بعد، ولكن الحاضر يعني أيضا أن يكون حاضرا . لكننا لم نعتد النظر في الزمان من حيث أن الحضور يفهم بمعني الماهية.