مرشدون وقتلة
شيدت جماعة الإخوان معبدًا خاصًا بها أحاطت به أعضاءها وغطت على أسرارها وأدارت مؤامراتها من داخل ذلك المعبد الذى عرفنا بعض أسراره من كتب الباحثين ودراسات المتخصصين وبعض فضايح المنشقين، لكن مازال هناك الكثير من الخبايا التى لا نعرفها، فهناك حوالى قرن كامل من الزمان عاصرت الجماعة خلاله حكومات عديدة، منها ملكية، وأربعة رؤساء تعاقبوا على حكم مصر، وأدار العلاقة معهم ثمانية مرشدين للجماعة، وتعاقبوا أيضًا من مؤسسها حسن البنا الساعاتى حتى محمد بديع المرشد الأخير المعلن والرسمى.
ولكل مرشد حكايات ومواقف مع القضايا الوطنية التى مرت على مصر طوال 94 عامًا هى عمر الجماعة، منذ تأسيسها عام 1928، حتى الآن.
فحرب فلسطين التى اندلعت عام 1948 عاصرها حسن البنا المرشد الأول فاستثمرها لصالح الجماعة خير استثمار، وما زالت الأكاذيب التى نسجت عن دور الجماعة فى حرب فلسطين هى وقود شحن لاستقطاب الأعضاء الجدد والمتعاطفين.
وعلى نفس النهج الانتهازى تعامل حسن الهضيبى المرشد الثانى مع العدوان الثلاثى على مصر، ولكن بدلا من استغلال الحرب فى تدعيم علاقة الإخوان بالشارع المصرى فعل العكس، وتواصل مع السفارة البريطانية ليعرض نفسه بديلا للزعيم جمال عبدالناصر.
أيضا كان لكل مرشد سقطات وذلات لسانه التى كشفت عما تبطنه الجماعة تجاه الدولة المصرية وتجاه المجتمع، فكما تنصل البنا من أفعال جماعته حتى ينجو بنفسه من أفعال القتل والتفجيرات التى تورط فيها التنظيم السرى للجماعة، وكان آخرها قتل رئيس وزراء مصر النقراشى باشا، حيث قال بكلمته الشهيرة «ليسوا إخوانًا وليسوا مسلمين»، فى حين ارتكز فكر المرشد الخامس للجماعة مصطفى مشهور على معاملة الأقباط باعتبارهم أهل ذمة، وطالب بضرورة دفعهم الجزية وعدم دخولهم الجيش لأداء واجبهم الوطنى فى الدفاع عن بلدهم، وفقًا لتصريح أدلى به مشهور للزميل خالد داود، فى صحيفة الأهرام ويكلى فى منتصف التسعينيات من القرن الماضى.
وقد لا يعلم معظمنا الكثير عن أسرار معبد الإخوان، كما أسماه الدكتور ثروت الخرباوى الباحث والمفكر فى كتابيه المهمين «سر المعبد 1 و 2»، خاصة مقومات وأسباب وطريقة اختيار مرشد الجماعة ومخصصاته المالية وصلاحياته، وكما وصف الدكتور جهاد عودة أستاذ العلوم السياسية بجامعة حلوان فى كتابة المهم «سقوط دولة الإخوان» بطغيان الأسبقية الزمنية على الكفاءة والقدرات عند اختيار المرشد، فاشترطت لائحة النظام العام للجماعة ألا يقل عمر مرشد الإخوان عن 40 سنة هلالية، وأن يكون قد مضى على انتظامه فى الجماعة كأخ عامل لمدة لا تقل عن 15 عامًا، وأن يتفرغ تمامًا للجماعة فى مقابل تخصيص راتب شهرى يكفيه هو وأسرته.
ويرأس مرشد الإخوان الذى يشترط أن يكون مصريًا وفقًا للائحة الإخوان الداخلية المراقبين العموم للجماعة فى نحو 70 دولة حول العالم، فيما يسمى تجمعهم بالتنظيم الدولى للجماعة، حيث يسمى رئيس الجماعة فى كل دولة بالمراقب العام.
ونلاحظ هنا أن لائحة الجماعة التى اشترطت مصرية المرشد العام تأتى عكس التصريح الشهير للمرشد السابع مهدى عاكف، وانفرد به زميلنا سعيد شعيب والذى قال فيه: «طظ فى مصر وأبو مصر لو هيحكمنا مسلم حتى لو ماليزى»، وهى طبيعة جماعة الإخوان التى تقول عكس ما تفعل، وهو ما سنتناوله بالتفصيل عن كل مرشد من مرشدى الجماعة الثمانية فى مقالاتنا القادمة إن شاء الله.