ما بين «انتشاره مذهل» و«ليس وباء».. هل جدرى القرود خطير مثل كورونا؟
تتواصل الإصابات الجديدة المؤكدة بفيروس «جدري القرود» في مختلف دول العالم، وأعلنت منظمة الصحة العالمية عن تسجيل 130 حالة مؤكدة ومشتبه بها في 11 دولة.
وتضمنت دول العالم التي شهدت تسجيل إصابات مؤكدة بالمرض الفيروسي النادر كلاً من: بريطانيا وفرنسا وبلجيكا وألمانيا والولايات المتحدة وإسبانيا والبرتغال وأستراليا والسويد وإسرائيل وإيطاليا.
ويثير هذا الانتشار السريع تساؤلاً حول مدى خطورة الوضع، وإمكانية تحول المرض إلى وباء مثل فيروس «كورونا المستجد»، الذي لا يزال العالم يعاني من تداعياته حتى الآن، ولم ينتهي ولا تزال موجات انتشاره المتلاحقة تضرب العديد من الدول.
ويمكن التأكيد أنه لا توجد إجابة حاسمة عن هذا السؤال، في ظل تباين آراء الخبراء حول المرض، ما بين وصف انتشاره الحالي في أوروبا وأمريكا الشمالية بأنه «استثنائي غير مسبوق»، ووصفه في المقابل بأنه «ليس وباء».
ويستند المطمئنون إلى المرض- إن صح التعبير- إلى أنه حتى الآن لم يتم تسجيل وفاة واحدة بـ«جدري القرود» بين كل الحالات الجديدة، كما أن غالبية أعراض المصابين خفيفة، وتشمل: الحمى والطفح الجلدي وتضخم الغدد الليمفاوية.
وقال المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية في أوروبا، هانز كلوج، إن معظم المصابين يتعافون في غضون أسابيع قليلة، دون أي علاج.
وحسب المنظمة الدولية أيضاً، ينتشر المرض بطريقة مختلفة وأبطأ من «كورونا»، فبينما ينتقل الأخير عن طريق الرذاذ والتنفس، تحدث العدوى بـ«جدري القرود» من المخالطة المباشرة لدماء الحيوانات المصابة بالعدوى، أو لسوائل أجسامها أو آفاتها الجلدية أو سوائلها المخاطية، وينتقل من إنسان إلى آخر عن طريق الإفرازات أو الملامسة فقط.
وأكد رولف جوستافسون، أستاذ الأمراض المعدية في السويد، أنه «من الصعب جدًا تخيل أن الوضع قد يزداد سوءًا»، مضيفًا: «سنجد بالتأكيد بعض الحالات الأخرى في السويد.. لكنني لا أعتقد أنه سيكون هناك وباء بأي شكل من الأشكال، ليس هناك ما يشير إلى ذلك في الوقت الحاضر»، وفق ما نقلته «أسوشيتد برس».
في المقابل، هناك أمور تثير القلق بشأن «جدري القرود»، أولها إمكانية أن يكون أكثر حدة عند الأطفال الصغار والحوامل ومن يعانون من نقص المناعة، كما تقدر منظمة الصحة العالمية أن المرض قاتل بنسبة «وفاة واحدة بين كل 10 أشخاص مصابين»، في وضع يشبه ما حدث مع «كورونا».
وقال علماء وأطباء أفارقة إن المرض موجود في غرب ووسط إفريقيا، لكنهم للمرة الأولى يشاهدون انتشاره السريع هذا، واصفين إياه بأنه «استثنائي وغير معتاد».
من بين هؤلاء العلماء أويويل توموري، الرئيس السابق للأكاديمية النيجيرية للعلوم، الذي قال: «لقد ذهلت من هذا.. أستيقظ كل يوم وهناك المزيد من البلدان المصابة».
وأضاف عضو العديد من المجالس الاستشارية لمنظمة الصحة العالمية، في تصريحات لـ«أسوشيتد برس»: «هذا ليس نوع الانتشار الذي شهدناه في غرب إفريقيا. لذلك قد يكون هناك شيء جديد يحدث في الغرب».
ولم يختلف كريستيان هابي، مدير المركز الإفريقي في علوم الأمراض المعدية، الذي قال: «لم نشهد أبدًا شيئًا مثل ما يحدث في أوروبا». وأضاف: «لم نر أي شيء يحعلنا نقول إن أنماط انتقال جدري القرود قد تغيرت في إفريقيا، لذلك إذا حدث شيء مختلف في أوروبا، فإن أوروبا بحاجة إلى التحقيق في ذلك».
ونبّه إلى نقطة مهمة، وهي أن تعليق حملات التطعيم ضد مرض «الجدري» بعد القضاء على المرض في عام 1980، يمكن أن يساعد دون قصد في انتشار «جدري القرود».
ويدعم تحذيرات العلماء الأفارقة بشأن «الانتشار المختلف» للمرض في إفريقيا، إعلان منظمة الصحة العالمية، اليوم، عن تسجيل نحو 80 حالة مؤكدة لمصابين بفيروس «جدري القرود» في 11 دولة، فضلاً عن 50 حالة أخرى قيد التحقيق، حتى الآن.
وفي ألمانيا، قال وزير الصحة، كارل لوترباخ، إن المختصين يجرون مجموعة من الفحوص الدقيقة لمعرفة ما إذا كانت هناك أي «تغييرات جينية قد تجعل هذا الفيروس أكثر عدوى من عدمه».