بعد «زلة لسان» بوش.. هكذا خدع الرئيس الأمريكي الأسبق العالم أثناء غزو العراق
آثار الرئيس الأمريكي الأسبق، جورج بوش «الابن»، جدلًا واسعًا، عبر وسائل الإعلام، ومواقع التواصل الاجتماعي، عقب «زلة لسان»، وقع فيها حول العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا.
وقال الرئيس الأسبق خلال كلمة له بـ«معهد بوش»، إن النظام الانتخابي في روسيا، هو الذي أدى إلى التصعيد في أوكرانيا، وقال: «الانتخابات الروسية مزيفة، والنتيجة هي غياب المساءلة في روسيا، وقرار رجل واحد؛ لشن غزو غير مبرر ووحشي للعراق، أعني أوكرانيا».
وتابع بوش مرتبكًا وسط ضحكات من الجمهور «والعراق أيضا»، مُضيفًا في محاولة؛ لتجاوز الموقف المحرج: «أنا عمري 75 عامًا».
وتُجيب «الدستور» في التقرير التالي، على سؤال كيف خدع الرئيس الأسبق العالم والمجتمع الدولي؛ ليبرر غزوه للعراق؟
تبريرات بوش لغزو العراق
مازال غزو العراق، بعد مرور ١٩ عامًا، موضوعًا خلافيًا، ولم تنعم البلاد بعد بالسلام؛ لاسيما وأنه منذ انسحاب القوات الأمريكية في عام 2011، بعد فترة طويلة مما توقعه وزير الخارجية آنذاك، رامسفيلد، تصاعد العنف الطائفي بين الغالبية الشيعية في البلاد، والأقلية السنية التي حكمت البلاد في ظل نظام حكم صدام حسين،
وفي عام 2014 مع ظهور تنظيم داعش الإرهابي، دخلت البلاد في ذروة حرب أهلية.
كما سيطر المسلحون المتشددون على معظم مناطق شمال العراق، بما في ذلك مدينة الموصل، ثاني أكبر المدن في البلاد، وتتفاوت تقديرات الخسائر بسبب أعمال العنف بعد الغزو بشكل كبير، وتشير تقديرات بعض الأكاديميين الأمريكيين إلى أن نحو 500 ألف مدني عراقي ربما قتلوا خلال الفترة من 2003 إلى 2013، كما استخدم جورج بوش الإبن، تبريراته لاحتلال العراق، هو إحكام قبضة صدام حسين على العراق كحجة تبرر الغزو.
وفي حينها زينت الولايات المتحدة الأمريكية، لصدام غزو الكويت، وعندما فعلها، حاصرت العراق منذ عام ١٩٩٠ وحتى غزوه بمساعدة بريطانية فى ١٩ مارس ٢٠٠٣، وربما لم يكن الغزو هو الجريمة الكبرى، أو حل حزب البعث، بل تفكيك الجيش العراقى، وما هيأ بيئة خصبة؛ لتأسيس نظام سياسى يقوم على المحاصصة الطائفية بين السنة والشيعة، والعرقية بين العرب والأكراد، وتاليا نمو كل التنظيمات المتطرفة والإرهابية.
وحسب شبكة بي بي سي البريطانية، فإن أمريكا، بقيادة جورج بوش الإبن، والمحافظين الجدد الموالين لإسرائيل، وعدت بتحقيق الحرية والديمقراطية، وتمخَّض وعدها بعد ١٧ سنة، عن نظام طائفى بغيض، وطبقة سياسية فاسدة، ثار عليها الشعب العراقى خلال الشهور الماضية.
أسلحة الدمار الشامل
وفي عام ٢٠٠٣، قال جورج دبليو بوش: «عثرنا على أسلحة الدمار الشامل في العراق»، مُعربًا عن ارتياحه بقرار الغزو الأحادي، قائلًا: «أنا واثق بأن القرارت كانت صائبة».
قرار الرجل الواحد
وقد بدأت الحرب العراقية رسميًا في 20 مارس ٢٠٠٣، ونشر التحالف بقيادة الولايات المتحدة قوات قوامها 200 ألف جندي، على الرغم من عدم وجود تفويض من الأمم المتحدة وفي ظل احتجاج مئات الآلاف من الأشخاص في شتى أرجاء العالم.
وكان يعني الأمر في ذلك الوقت تدخلًا سريعًا، في إطار حملة تهدف إلى الإطاحة بنظام حكم صدام حسين، الذي قاد البلاد منذ عام 1979، وكان يملك ما وصف بأسلحة الدمار الشامل، وبعد ١٩ عاما على الحرب، بات العراق بلدا متشظيًا وغير مستقر سياسيًا، وأضعفه الصراع الطائفي.
حملة عسكرية
وبلغت تكلفة العمليات العسكرية مليارات الدولارات، فضلًا عن خسائر آلاف الأرواح، ولجوء الملايين إلى دول أخرى، كما شهدت المنطقة اضطرابات من جديد.
وقبل عام من غزو التحالف بقيادة الولايات المتحدة، رُوج لدعوة للتدخل، وفي يناير 2002، ذكر الرئيس الأمريكي في ذلك الوقت، جورج دبليو بوش، خلال كلمته في خطاب حالة الاتحاد السنوي، العراق بالاسم كجزء من «محور الشر» الذي يضم أيضا إيران وكوريا الشمالية.
حيث قال حينها: «يواصل العراق إبراز عدائه لأمريكا ويدعم الإرهاب، حيث خطط النظام العراقي على مدار عقود لتطوير جمرة خبيثة وغاز الأعصاب وأسلحة نووية».
وبعد أسبوعين من ذلك، أدلى وزير الدفاع الأمريكي دونالد رامسفيلد، بإجابة على سؤال بشأن العراق وأسلحة الدمار الشمال خلال مؤتمر صحفي، قائلًا: «نعرف أين أسلحة الدمار الشامل، إنها في المنطقة حول تكريت وبغداد وشرقها وغربها وجنوبها وشمالها»، وفي أبريل من العام ذاته، أدلى رئيس الوزراء البريطاني في حينها توني بلير بكلمة أمام البرلمان تحمل انتقادات شديدة لصدام حسين أيضا.
وعلى نقيض ما حدث في حرب الخليج عام 1991، قوبل الهجوم الثاني على العراق بمعارضة شديدة في الولايات المتحدة وشتى أرجاء العالم، كما رفضت فرنسا وإيطاليا، بعد أن كانتا قد شاركتا في الجهود العسكرية السابقة، المشاركة في التحالف في ذلك الوقت.
وأعرب وقتها الرئيس الفرنسي جاك شيراك عن معارضة شديدة للتدخل العسكري، الأمر الذي عكر صفو العلاقات بين باريس وواشنطن، وهو ما دعا إلى توجيه أوامر إلى ثلاثة مطاعم في مجلس النواب الأمريكي من أجل تغيير اسم البطاطس المقلية "الفرنسية" على قوائم الأطعمة واستخدام إسم جديدة هو بطاطس "الحرية".
كما أعرب ساسة أمريكيون عن قلقهم، من بينهم باراك أوباما، سيناتور ولاية ألينوي الذي لم يكن ذائع الصيت في ذلك الوقت، والذي قال في 2002: «لا أعارض جميع الحروب، بل أعارض الحرب الغبية. حرب لا تتأسس على سبب، بل على الرغبة، لا مبدأ لها، بل تتأسس على السياسية».
وفي لندن تجمع حشد تجاوز مليون شخص في مسيرة كبيرة احتجاجا على الحرب، كما أعرب واحد من الشخصيات الرئيسية في حكومة رئيس الوزراء توني بلير، زعيم الأغلبية العمالية في مجلس العموم، ووزير الخارجية السابق روبين كوك، الذي قدم استقالته على خلفية هذه القضية.