عودة للجيش الأمريكى إلى الصومال.. لملاحقة حركة الشباب!
بعد 72 ساعة من إعادة انتخاب الرئيس الصومالي "شيخ محمود" رئيسًا للصومال للمرة الثانية، تواردت المعلومات والبيانات عن عودة للجيش الأميركي إلى الصومال!
.. كان فوز الرئيس حسن شيخ محمود للمرة الثانية في الانتخابات الرئاسية الصومالية، التي جرت وسط منافسة مع 36 مرشحا، شبه محسومة نتيجة توازنات سياسية أمنية توفرت لهذا الزعيم الذي تجاوز انتخابات ماراثونية، لأول مرة يتم بثها عبر التليفزيون الرسمي الصومالي، وكانت وقائعها مباشرة..، حيث نال الرئيس شيخ محمود 165 صوتا، أي أكثر من العدد المطلوب للفوز في مواجهة الرئيس المنتهية ولايته محمد عبدالله محمد.
* ما هي قصة عودة الجيش الأميركي إلى الصومال؟
ما كشفته «البنتاغون» واضح: سيعيد الرئيس بايدن نشر ما يصل إلى 500 جندي أمريكي في شرق إفريقيا، إلى الصومال، حيث تتطلع الإدارة إلى إعادة إنشاء وجود صغير في البلاد لمواجهة حركة الشباب التابعة لتنظيم القاعدة.
إلى ذلك قال مسئول كبير في الإدارة الأميركية إن القوات، التي يتم إعادة تمركزها من الدول المجاورة، ستساعد في إقامة "وجود عسكري أمريكي صغير ومستمر في الصومال".
صحيفة «نيويورك تايمز» ألمحت، في تقرير عاجل، إلى حيثيات "الخطوة العسكرية" لأول مرة، بما تعكس زاوية تاريخية حول انسحاب القوات من الصومال الذي أمر به الرئيس السابق ترامب في ديسمبر 2020.
عمليا: سيتغير دور الولايات المتحدة الأمني والعسكري، الذي كان مقتصرا على تقديم المشورة لقوات الصومال والاتحاد الإفريقي، وربما شمال غرب القارة الإفريقية والبحار والممرات المائية المحيطة.
في الجيوسياسية المأمولة أمنيا، ينظر استراتيجيا لدلالات وماهية قرار الرئيس بايدن وبالطبع البنتاغون، وهنا، نقل عن مسئول رفيع في الإدارة الأميركية لقناة "الحرة"، الاثنين، أن الرئيس الأميركي، جو بايدن، وافق على نشر مئات من عناصر القوات الخاصة في الصومال لمكافحة الإرهاب.
.. هناك تضارب في طبيعة وإعداد الوحدات والجنود الذين سيتواجدون في الصومال، فقد نقلت صحيفة "نيويورك تايمز" عن مسئول مطلع قوله إن بايدن وقّع على أمر تنفيذي ينص على إرسال القوات، ليخالف بذلك قرارا اتخذه الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، بسحب حوالي 700 جندي كانوا متمركزين في الصومال..
* فتح ملفات حرب مفتوحة
بات القرار، في حالة التنفيذ، أن بايدن وافق على طلب وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون" بالحصول على سلطة مستقلة في استهداف قرابة 12 مشتبها بضلوعهم في "حركة الشباب" الإرهابية المرتبطة بتنظيم القاعدة، كما تناول الإعلام الأميركي، بما يشبه "الصدمة"، طبيعة القرار العسكري الذي يعيد الجيش الأميركي إلى منطقة تموج بالصراعات الداخلية والخارجية، ذلك أن القرارات الأخيرة، للبنتاغون، ستعيد فتح ملف حرب مفتوحة خلال 3 إدارات أميركية، وإنها تتناقض مع قرارات بايدن في سحب قواته من أفغانستان، إذ قال حينها: "حان الوقت لإنهاء الحرب التي لا نهاية لها".
الرئيس الأميركي أقر بشكل نهائي القرار، ووافق على مقترح وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن، في بداية مايو الجاري، وأكدت ذلك المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي، آدريان واتسون، في تصريح قالت فيه إن الخطوة ستتيح "قتالا أكثر فاعلية ضد (حركة) الشباب".
وأضافت أن "قرار إعادة توفير تواجد مستمر اتخذ لرفع أمن قواتنا وفاعليتهم للحد الأقصى، والسماح بتزويد دعم أكثر فاعلية لشركائنا".
* قرار بايدن.. ومكافحة إرهاب القاعدة
خلال العقد الماضي، كان لدى الولايات المتحدة 750 جنديًا متمركزًا في الصومال في ذلك الوقت، وصاغ الرئيس السابق ترامب قرار الانسحاب وقتها كان بتهور واضح.. معلنا أن القرار كجزء من جهوده لإنهاء "الحروب الأبدية".. تم إعادة تموضع تلك القوات في البلدان المجاورة، وسوف تتحرك فى الداخل والخارج لمحاولة المساعدة في عمليات مكافحة الإرهاب.
ما حدث، حسب المؤشرات الأمنية، أن حركة الشباب نمت لتصبح أكبر فرع عالمي للقاعدة وأفضلها تمويلا.
كان غياب الجيش الأميركي فرصة للجماعة بأن تزداد قوة، وزادت من وتيرة هجماتها في المنطقة، بما في ذلك ضد الأفراد الأمريكيين.
علاوة على ذلك، فإن قيام القوات الأمريكية بالتناوب عبر الصومال خلق "خطرا حقيقيا للغاية لحماية القوة"، كما أنها خلقت تحديات تتعلق بالكفاءة عن طريق نقل المعدات وتفريغها ذهابًا وإيابًا عندما كان المشغلون قد عملوا.
البنتاغون، تعتقد أن الوجود العسكري الأمريكي ليس سوى جزء من نهج الإدارة تجاه الصومال، والذي يشمل أيضًا الدبلوماسية والمساعدة الأمنية وبرامج تحقيق الاستقرار لمواجهة حركة الشباب.
.. وفي ظل أزمات عالمية أمنية ونزاعات وحروب، تحديدا الحرب الروسية- الأوكرانية، فإن المنطقة الإفريقية في عديد من الدول تحتاج التعزيزات القوية، «إن استعادة الوجود العسكري الأمريكي واستمراره سيساعد على زيادة الأمن وحرية الحركة لموظفين آخرين مثل زملاء وزارة الخارجية والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية أثناء قيامهم بمهام دبلوماسية وتنمية مهمة».
* تحليل ذكى لمديرة التهديدات الحرجة «إميلي إستل»
في قراءة مهمة واستراتيجية ذكية قالت الباحثة "إميلي إستل"، زميلة أبحاث في American Enterprise Institute ومديرة الأبحاث لمشروع التهديدات الحرجة: "إن التواصل بين الأهداف "المحلية" و"العالمية" يعني أيضًا أن السلفيين الجهاديين يمكنهم الاستفادة من الفرص غير المخطط لها لتحويل قدراتهم إلى الخارج" .
.. ولفتت إلى أن الأمر المتعلق بالصومال يأتي بعد أن "بدأت جماعة الشباب في الصومال التابعة لتنظيم القاعدة في إفريقيا بالفعل في تحويل نجاحاتها المحلية إلى قدرات دولية.. لطالما جادل المحللون حول ما إذا كانت حركة الشباب منظمة قومية صومالية ترتدي ملابس الجهاديين، أو إذا كانت تسعى حقًا إلى الجهاد العالمي.. لا يرى قادة الشباب مثل هذا التناقض وقد بدأوا في استخدام ملاذهم كقاعدة لاستهداف الطيران الدولي.. وضعت حركة الشباب قنبلة على طائرة لأول مرة في عام 2016، وفي الآونة الأخيرة، قام مدربون كبار في حركة الشباب في الصومال بفحص واختيار عضو لمتابعة تدريب الطيارين والتخطيط لهجوم بأسلوب 11 سبتمبر.. تم تطوير هذه الحبكة بشكل جيد ولحسن الحظ (عثرت) الولايات المتحدة على المعلومات اللازمة لتعطيلها".
وتؤكد قراءة "إميلي إستل": "يُعد النمو السريع للجماعات السلفية الجهادية الإفريقية أحد أكثر الاتجاهات إثارة للقلق في العقد الماضي.. حركة الشباب مترسخة في الصومال وتدير مشروعا إجراميا بملايين الدولارات.. لم يهاجم فرع القاعدة في مالي حتى الآن خارج غرب إفريقيا، لكنه يطور قدرة هجوم متفجر، ويعزز سيطرته على المدنيين، وينتشر في الساحل الغربي لإفريقيا.. كلتا الجماعتين تراقبان، مثال طالبان، وتراهنان على أنها ستتغلب على خصومها".
* نظرة على الواقع الصومالي
لا يمكن الجزم بما يحدث فعليا في الواقع الصومالي، العالم خرج من أزمات بيئية وصحية «تفشي فيروس كورونا كوفيد-19»، والأخيرة «الحرب الروسية- الأوكرانية»، عدا عن نزاعات المنطقة وشرق المتوسط.. ولعل مراكز بحثية متخصصة تتابع فهمها للأمور، ففي تقرير مشترك عن المفتشين العامين بوزارة الدفاع ووزارة الخارجية والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، كتب المسئولون أن القوات الصومالية غير قادرة على مقاومة التهديدات الإرهابية داخل البلاد دون دعم القوات الأمريكية.
.. وأشاروا: "على الرغم من سنوات عديدة من الضغط المستمر في الصومال والولايات المتحدة والدولي لمكافحة الإرهاب، فإن التهديد الإرهابي في شرق إفريقيا لم يتدهور: تحتفظ حركة الشباب بحرية الحركة في أجزاء كثيرة من جنوب الصومال، وأظهرت القدرة والنية للهجوم خارج الحدود، بما في ذلك استهداف المصالح الأمريكية".
.. عمليات، ولتداخل الصراعات القبلية والأصولية والاقتصادية، فالواقع في الصومال حرج: «إن قوات الأمن الصومالية غير قادرة على احتواء التهديد من حركة الشباب وداعش في الصومال، الأمر الذي يشكل تهديداً أصغر لكنه لا يزال قوياً، دون دعم دولي كبير».
.. إن وضع الصومال، جيوسياسيا، أمنيا، يضع المنطقة في زاوية حرجة، بالذات عودة قوى حركة الشباب، التي تنتشر، وفق برامج وتكتيك عصابات القاعدة واستراتيجيتها، فهل يسيطر الجيش الأميركي والقوات الخاصة وسلاح البحرية من مآلات الحقيقة المرة في الصومال، برغم الماضي المختلف.
*[email protected]
*حسين دعسة، مدير تحرير في جريدة الرأي الأردنية