الجمهور فى شبكة العنكبوت
فيلم مهرجانات.. تعبير تقليدي ليس له مصدر أو معنى واضح.. في الغالب هو الفيلم الخالي من المُشهيات التجارية مثل الأكشن والكوميديا وغيرهما.. هناك أفلام تتطلب ذائقة خاصة واستيعابا أعمق.. صحيح.. أفلام ستانلي كوبريك، ميخائيل هاينكيه، تيرينس ماليك وغيرهم، لكن المشكلة أن تعليب الأفلام تحت عنوان فيلم مهرجان هو وصم أي فيلم نجح على مستوى النقد بأنه غير جماهيري أو العكس، وهو غير الصحيح بالطبع.. في النهاية غير مطلوب من صناع أي فيلم سوى الإتقان حسب نوعيته، ولا يعيبهم استهداف شباك التذاكر بغض النظر عن مدى نجاحهم في تحقيق ذلك، في النهاية تُصنع الأفلام ليشاهدها الناس لا صناعها.
(العنكبوت) فيلم يستهدف النجاح الجماهيري من تأليف محمد ناير، وإخراج أحمد نادر جلال، وبطولة أحمد السقا، منى ذكي، محمد ممدوح، ظافر العابدين، يسرا اللوزي، ريم مصطفى، محمد لطفي وأحمد فؤاد سليم .
تبدأ الأحداث بتبادل صفقة مخدرات بين عضو عصابات المافيا غسان الصيرفي (باسم قهار) وآدم جبران ( ظافر العابدين).. يهاجم حسن أو العنكبوت (أحمد السقا) موقع التسليم؛ ليسرق أموال آدم الذي يتسلم قيادة العائلة بعد موت مؤسسها جبران.. يواجه آدم انقسامات عائلته وأطماعها ما بين فتحي (محمود لطفي) الكاره لآدم وقيادته غير الموفقة من وجهة نظره، ومروان المتحالف معه (محمد ممدوح) وعثمان (زكي فطين عبدالوهاب) الخاضع لزوجته ناهد (ريم مصطفى) التي تربطها علاقة غير مشروعة مع مروان، بالإضافة إلى تعاونها معه ضد آدم، وصلاح الأخ الأصغر لجبران (أحمد فؤاد سليم) .
يشتعل الصراع بين آدم والعنكبوت، خاصة بعد نجاحه في سرقة كل بيانات المجموعة وأرقام حساباتها السرية عن طريق مهندس الاتصالات في شركة مروان، لينقل آدم أموالها إلى حسابات مجهولة ما يضع أسرة جبران في موضع حرج لعجزهم عن رد أموال غسان التي سرقها العنكبوت في الصفقة الأولى لتتوالى المفاجآت طوال الأحداث.
ينجح الفيلم قبل بداية أحداثه (avann titre) في تقديم إيقاع مشدود رغم تقليدية حدث تسليم المخدرات.. سائق الشاحنة يمنعه زميله من الغناء، كناية على خطورة ما هم مقبلون عليه.. المستلم يتم قتله.. مجهول يطارد مندوب غسان.. نكتشف أنه العنكبوت.
يستمر الفيلم في إيقاعه اللاهث حتى النهاية، وهو ما يحسب للمخرج أحمد نادر جلال الذي تمكن من أدواته تمامًا، كما أتقن مشاهد الأكشن التي تم تنفيذها بجودة ممتازة ساهم سخاء الإنتاج في خروجها بشكل مبهر، عبّرت المَشاهد الداخلية أيضاً عن الرهبة المُحيطة بعائلة جبران من خلال حركة الكاميرا البطيئة، وهو ما يشير إلى تأثر المخرج بأسلوب فرانسيس كوبولا خاصة في فيلمه الشهير الأب الروحي.
بخلاف بعض الثغرات في السيناريو مثل اضطرار العنكبوت إلى التعاون مع مهندس الاتصالات، رغم وجود أكثر من وسيلة للتواصل مع آدم مباشرة، وكذلك ضعف بناء الشخصيات، إلا أن سيناريو محمد ناير استطاع أن يثري الفيلم بعدد من المفاجآت التي تعتبر من الملامح الأساسية لهذه النوعية من الأفلام دون أن تكون مفتعلة، كما أسس بشكل جيد لدوافع العنكبوت التي تبرر معاداته لعائلة جبران قبل أن يتم تفسير تفوق قدراته الشخصية والحركية بتفجير مفاجأة حقيقة صلته بعائلة جبران، الحوار خلا من الثرثرة وجاء مُركَزًا، كما اعتمد بشكل أساسي على الصورة، وهي ميزة تحسب لأفلام الأكشن وللسينما عمومًا.
ابتعدت موسيقى الفيلم في أغلب مشاهده عن الصخب المعتاد في هذه الأفلام مما ضاعف التوتر والترقب لدى المُشاهد، كما أجاد المخرج اختيار مواقع التصوير التي جاءت جديدة وموظفة بشكل جيد وفق طبيعة الأحداث والشخصيات، خاصة مشهد هبوط العنكبوت فوق الشاحنة قبل تفجيرها .
قدم أحمد السقا أداء حركيًا مقنِعًا وبدت لياقته ملحوظه، مما ساهم في تجديد الاقتناع به كبطل أكشن، وأضافت منى زكي الكثير إلى الفيلم بتقمصها دور ليلى في إطلالة مرحة وطازجة، كما لمع في عدة مَشاهد محمد ممدوح وأحمد فؤاد سليم وريم مصطفى، أيضًا تميز أكرم الشرقاوي وأثبت امتلاكه قدرات ممثل جيد، بينما كان الممثل العراقي باسم قهار بمثابة مفاجأة الفيلم بحضوره الطاغي الذي يؤهله لمكانة متميزة على الشاشات المصرية.