تقرير أمريكي يثمن الاكتشافات الأثرية الأخيرة في صعيد مصر
ثمّن موقع "المونيتور" الأمريكي، نقلا عن مراقبين، الاكتشافات الأثرية الأخيرة في صعيد مصر، حيث نجحت البعثة الأثرية المصرية العاملة بمنطقة جبل الهريدي في سوهاج، في الكشف عن أحد نقاط التفتيش والمراقبة من عصر الملك بطليموس الثالث والعثور على بقايا المعبد البطلمي الذي نجحت بعثات المجلس الأعلى للآثار في الكشف عن أجزاء منه خلال مواسم حفائر سابقة في أوائل ألفينيات القرن الحالى، إضافة إلى ما يقرب من 85 مقبرة تعود إلى فترات مختلفة منذ نهاية الدولة القديمة وحتى نهاية العصر البطلمي.
ونقل الموقع عن مصطفى وزيري الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، قوله في بيان أن المعبد المكتشف تم تكريسه للإلهة إيزيس وهو يعود لعصر الملك بطليموس الثالث (يورجتيس) ويمتد بطول ٣٣م وعرض ١٤م، بمحور من الشمال إلى الجنوب.
ولفت إلى أن نقطة التفتيش المكتشفة عبارة عن مبنى من الطوب اللبن والآجر يشبه ما يسمي بمبني البرج (Tower House)، تم بنائه بهدف التفتيش والمراقبة وإحكام المرور بين حدود الأقاليم وجمع الضرائب وتأمين السفن وحركة الملاحة في النيل.
كما نقل الموقع عن أيمن عشماوي رئيس قطاع الآثار المصرية بالمجلس الأعلى للآثار، قوله إن المعبد المكتشف يتكون من صالة مكشوفة مستطيلة الشكل يتوسطها صف مكون من أربعة أعمدة يليه صالة مستعرضة يتوسطها عمودين تؤدي إلى قدس الأقداس ويتوسط المعبد من الغرب سلم، وشكلت أرضية المعبد من البلاطات الحجرية من الحجر الجيري المحلي.
وتابع أن البعثة نجحت كذلك في الكشف عن بيوت أحد رؤوساء العمال وعدد من بقايا الأوراق الخاصة بأسماء العمال ورواتبهم ومهامهم، بالإضافة إلى ما يقرب من 85 مقبرة تعود إلى فترات ومراحل مختلفة من التاريخ المصري؛ منذ نهاية الدولة القديمة وحتى نهاية العصر البطلمي.
وبين الموقع أن البعثة عثرت أيضًا بجانب المعبد والمقابر المكتشفة على عدد 30 بطاقة مومياوات، والتي كانت تعد بمثابة تصريح للدفن أو شهادة وفاة بها اسم المتوفى ووظيفته وعمره وأسماء والديهم، مكتوبة باللغة اليونانية القديمة فقط والخط الهيراطيقي، مع بقايا رفات آدمية وبقايا مومياوات، مضيفة أن بعض المقابر التي عثر عليها كانت محفورة في عدة مستويات في الجبل، وبعضها مقابر ذات بئر أو عدة آبار للدفن، ومقابر أخرى ذات ممر منحدر ينتهي بغرفة للدفن.
مراقبون يكشفون أهمية الاكتشافات الأخيرة في صعيد مصر
أكد مراقبون تحدثوا لـ"المونيتور" أهمية الاكتشافات الجديدة في صعيد مصر مشددين على ضرورة استغلالها لتنشيط قطاع السياحة في مصر.
وقال بسام الشماع الباحث في علم المصريات والمرشد السياحي البارز لـ "المونيتور": "سوهاج منطقة أثرية مهمة تعطي الاكتشاف قيمة كبيرة ، خاصة أنها تجمع بين مراحل مختلفة من التاريخ المصري".
وأضاف: "إن اكتشاف برج المراقبة يشير إلى أن هذا الموقع لم يكن مجرد نقطة تفتيش بين المناطق بل كان يستخدم أيضًا لتأمين الملاحة ومرور السفن في نهر النيل مما يؤكد أهمية النهر في تشكيل الحضارة المصرية القديمة"، وتابع أن العثور على منازل للعمال وأصحاب العمل يكشف عن معلومات حول التسلسل الهرمي الوظيفي والعاملين والموظفين ورواتبهم ومهامهم.
من جهته، قال عبد الرحيم ريحان، خبير الآثار ومدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمى بمناطق آثار جنوب سيناء، لـ"المونيتور": "اكتشاف نقطة التفتيش (برج المراقبة) يثبت أن القدماء المصريين كانوا على علم بكيفية البناء بالطوب اللبن منذ ذلك الحين".
وشدد على الأهمية التاريخية للمعبد الذي تم اكتشافه لأنه كان مخصصًا للإلهة إيزيس، وهي إحدى الآلهة الرئيسية في الديانة المصرية القديمة التي انتشرت عبادتها في العالم اليوناني الروماني.
وفي معرض حديثه عن حوض تنقية الحجر الجيري المكتشف، تابع: "كان التفاعل بين الإنسان والبيئة سمة رئيسية من سمات الحضارة المصرية في جميع عصورها التاريخية، واستخدام مواد البناء المحلية كما هو موضح هنا في استخدام الحجر الجيري".
وأشار إلى أن "الاكتشاف يعزز القيمة الأثرية والسياحية لسوهاج ويساهم في إنعاش السياحة فيها، حيث كان معبد أبيدوس في سوهاج يعد الوجهة الرئيسية للحج في مصر القديمة حيث يُعتقد أن رأس الإله أوزوريس قد دفن في أبيدوس".
وتابع: "السياحة التاريخية في العالم تحتل نسبة ضئيلة مقارنة بالسياحة الترفيهية أو البيئية ، لكن مصر تحتل النصيب الأكبر منها ، خاصة مع الاكتشافات الحديثة التي أثارت اهتمامًا عالميًا، بالإضافة إلى ذلك ، فإن الحدثين اللذين تم عقدهما مؤخرًا لنقل المومياوات وتطوير طريق الكباش قد أعادا إلى حد كبير ولع الحضارة المصرية، لذلك يجب استغلال هذا الزخم لتحفيز السياحة".