هالة جلال.. الانتصار لجيل مهزوم!
صعب أن يبرز مشروعك الفني موافقا قناعاتك الشخصية وخلاصاتك الثقافية والفكرية كما أردته؛ فبينما تحلم بتحقيق المشروع فعليا، بالصورة التي تطابقك، توقن أن الشركاء، وهم عناصر عديدة متباينة الرؤى بالطبع، سيكون من بينهم من يختلف معك أو يناقضك، ومهما تكن سطوة موقعك في أثناء التنفيذ فإنك ستصادم آراء الآخرين، ولكن الشطارة حينئذٍ أن تنتصر لطريقتك بلياقة ومرونة وذكاء، كما تنتصر هالة جلال، ويكون انتصارك شاملا لا يمثلك وحدك بل يمثل جيلك كله.. وأخص جيلك المهزوم الذي لم يستطع الصمود أمام تحولات العالم الكبرى؛ فباع قضيته أو تشتت كليا أو زواه الإحباط!
ولدت هالة جلال، المخرجة والكاتبة والمنتجة، في 22 سبتمبر 1966، تخرجت فى كلية الإعلام جامعة القاهرة في 1988، وبعدها فى المعهد العالي للسينما في 1994، عملت ببداياتها في القناة الثالثة المصرية، ثم ركزت جهودها في المجال الفني، وبإشراقتها العبقرية دعمت السينما المستقلة، وحرصت على تطوير بصمة السينما التسجيلية والوثائقية، واعتنت بابتكارات شباب المبدعين، هؤلاء الذين لا زالت تقدم لهم منحا إنتاجية بشروط يسيرة معلنة، وهو إسهام فعال منها في تجديد الحركة الفنية وإثرائها.
أنتجت هالة قرابة 15 فيلما، وكتبت أفلاما كثيرة، وفي الإخراج كانت ناجحة، بالمقاييس النقدية والجماهيرية، وهو ما يندر حدوثه!
بالأمس القريب فاز فيلمها "من القاهرة" بجائزة لجنة التحكيم بمهرجان مالمو (مهرجان سويدي للسينما العربية).
وقبل ذلك، في 2006، فاز فيلمها "دردشة نسائية" بالجائزة الفضية في مهرجان روتردام للفيلم العربي، وفي الواقع هي ناشطة سينمائية، أعني يمكن وصفها هكذا باطمئنان، فكم هي كثيرة التجوال في البلدان مع حقيبتها الفنية الثرية، وكم تحاضر في الورش والمؤامرات، وكم تتحدث في الشأن الفني بعلم وحماسة، وتشارك في لجان التحكيم الدولية والمحلية.
ما يميز هالة، باعتقادي، أنها حالة متكاملة وفريدة من الالتصاق بالذات.. بمعنى النأي عن تأثيرات الآخرين التي تشكل وعي الناس كيفما تشاء، لا سيما التأثيرات الضارة، فهي ابنة وعيها الإنساني الخالص الحر، وابنة القراءة المكتبية الواسعة العميقة، واستقراء الواقع بجدية، واستنطاق الأحداث بأناة.
من أعمالها الذائعة: فيلم المرأة والساطور 1996 «سكريبت»، الفيلم القصير ولا المواعيد 2001 «مساعد مخرج»، فيلم دردشة نسائية 2004 «مخرج»، الفيلم القصير نقطة ومن أول السطر 2007 «مخرج»، الفيلم التسجيلي من القاهرة «مخرج».
وقامت، عبر رحلتها النبيهة اللافتة، بإخراج أفلام: دائرة مغلقة، والنساء المصريات في البرلمان، ونساء البحر المتوسط واختيارات الحياة (متعاونة في الإنتاج مع جهات رسمية بالدولة كالتليفزيون المصري والمجلس القومي للمرأة ومع شركات إنتاج مستقلة كشركة سمات ومراكز ثقافية معتبرة كالمركز الثقافي البريطاني).
وأنتجت أفلاما قصيرة وتسجيلية، كألوان الحب للمخرج أحمد غانم، والباب للمخرج عبدالفتاح كمال، وبيروت أول لقطة للمخرج أحمد رشوان.