استيفان روستي.. ابن بارون نمساوي مات فقيرا هو وزوجته
لا هو واحد من الأجانب الذين أتوا إلى مصر ليعملوا في السينما، ولا هو خواجة ومصر بلده الثاني، بالعكس، كان استيفان روستي مصريا أصيلا من مواليد شبرا، عاش ومات في القاهرة، ولم يحب سواها، لم ير والده النمساوي إلا مرة واحدة، وتولت أمه تربيته وتعليمه ثم تخلت عنه عندما كبر لتتزوج من نجار إيطالي.
والده أحب حبيبته وطرده عندما لجأ إليه
اسمه الحقيقي استيفانو روسيتي، ثم تغير الاسم إلى استيفان روستي بناء على طلب نجيب الريحاني الذي أخبره: «لازم تغير اسم استيفانو عشان نعرف نفرّق بين سان ستيفانو في الإسكندرية واسمك».
أما عن والده، فقد أنجب ابنه استيفانو في 16 نوفمبر 1891، في شبرا، وكان بارون نمساوي من أسرة عريقة هناك، وجاء إلى مصر هربا بسبب خلافه مع عائلته بسبب الزواج من سيدة إيطالية.
قبل ولادة استيفانو بشهرين، عاد الأب إلى النمسا وحده بعد تهديدات من العائلة تتوعده بالحرمان من الميراث وكل ممتلكاتهم، ومن وقتها لم يعد، وتكفلت الزوجة الإيطالية بتربية ابنها وتعليمه.
كان استيفانو يعيش في فيلا بحدائق شبرا مع والدته الإيطالية، وألحقته بالمدرسة الفرنسية ثم المدرسة الخديوية في الثانوية بعد أن ضاقت أحوالهما المالية، الأمر الذي اضطرهم إلى بيع الفيلا.
في شبابه، أخبرته أمه بنيتها للزواج من نجار إيطالي ولم يكن استيفان يرتاح له، فتركته أمه وانشغل هو بالتمثيل إذ كان يجيده ومتميزا فيه بالمدرسة.
والتحق استيفان بالأوبرا وكان يؤدي أدوارا صغيرة في الروايات الأجنبية، وتعرف هناك على راقصة باليه، أحبها وأحبته، ثم سافر معها إلى النمسا لتعرفه على والده، وأكرمه والده لكنه تعلق بالراقصة، وعندما عرف أنها تحب ابنه وهو يحبها، طرده، أما الراقصة حبيبته فقد باعته.
علبة سردين تسببت في نقل معلمه إلى الصعيد
يحكي استيفان أنه تصادف في أثناء وجوده بالمدرسة بزيارة من الزعيم سعد زغلول، وأتى في هذا اليوم بعلبة سردين ليأكلها ثم ترك العلبة على الأرض، وأثناء الزيارة والتفتيش وجد سعد زغلول هذه العلبة واعترف استيفان أنه أكلها في حصة أحد المدرسين، وبسبب ذلك، تم نقل المعلم إلى الصعيد.
ويحكي استيفان هذه الرواية كاملة خلال البرنامج الإذاعي «كرسي الاعتراف»: «أرسلت فراش المدرسة ليحضر لي علبة سردين لأني استعددت للجوع الذي سأشعر به باقي الحصص، أكلت وقتها العلبة ووضعتها تخت التختة، وعندما مر سعد زغلول الذي كان وزيرا للمعارف وقتها، شم رائحة العلبة، فنزل تحت التختة وأحضر العلبة، وسأله سعد زغلول بالإنجليزية: هل هذه لك؟ فأجاب: أيوة، وسأله زغلول: أكلتها متى؟.. فقال: في حصة مدرس الإنجليزي».
لكن الحقيقة أن استيفان لم يأكلها في حصة مدرس الإنجليزي، بل مدرس الرسم، لكنه كذب بسبب كرهه لهذا المدرس، فجاء قرار نقله إلى الصعيد.
وبسبب هذه الكذبة يقول: «كذبة لا أسامح نفسي عليها، كانت جريمة، وأتمنى أن يسامحني لو كان يسمعني الآن».
استيفان روستي.. مات فقيرا ونقابة الممثلين تولت رعاية زوجته
كان استيفان روستي بجانب التمثيل، يعمل بالتأليف والإخراج، وكان قد تولى ترجمة معظم الأعمال الفرنسية والإيطالية التي كان يستعين بها المؤلفون المصريون لتمصيرها في أعمال سينمائية، كما كتب العديد من الأفلام مثل: «قاطع طريق» لرشدي أباظة، وفيلم «قطار الليل» بطولة سامية جمال وعماد حمدي، وأخرج العديد من المسرحيات والأفلام مثل فيلم «ابن البلد».
وفي 12 مايو من عام 1964، كان جالسا في مقهى سفنكس وسط القاهرة يلعب الطاولة مع أصدقائه، أحس بآلام مفاجئة ونقله أصدقاؤه إلى المستشفى اليوناني، وبعد ساعة واحدة مات تأثرا بانسداد الشرايين في القلب.
لم يكن معه سوى سبع جنيهات عند وفاته، وشيك مصرفي بمبلغ 150 جنيها وهو الدفعة الأخيرة عن فيلمه «حكاية نص الليل».
أصيبت زوجته بالجنون والانهيار بعد رحيله، فقد كان روستي كل حياتها؛ إذ مات أبناؤهما مبكرا، وتولت النقابة رعايتها وتحملت نفقاتها لتسافر إلى بلدها إيطاليا، فلم يعد لها أحد في مصر بعد وفاة زوجها.