اقطعوا يد الإرهاب
لم يعد فى مآقينا دموع، وأتمنى بفضل الله العلي القديرــ ويد رجالات مصر الأشداءــ ألا نحتاج مرة أخرى إلى تلك السيول من الدموع التي تُمزِّق نياط قلوبنا؛ فلقد جفَّت المآقي ونفدت منابع الدموع؛ وآن الأوان أن نستبدلهاـ طواعيةــ بزكيْ الدماء الطاهرة؛ فداءً لأرضنا وتاريخنا المجيد في انتصاراتنا منذ فجر التاريخ، وأتمني من أعماق قلوبنا الملتاعة على شبابنا؛ هذا الشباب الغض الذي أصبح قدَره الدائم هو التضحية والفداء؛ وتُساق إلينا المبررات بأن نلجأ إلى أسلوب الشفقة والحفاظ على الكثافة السكانية في طول وعرض سيناء؛ وبخاصة على طول شرق قناة السويس؛ سيناء التي تنطق حبَّات رمالها الصفراء بدماء الأطهار الأنقياء الشرفاء من رجالات مصر الأعزاء؛ الأقوياء بإيمانهم العميق بقدسية تراب هذا الوطن .
لقد قفز بنا الوقت في تحمُّل هذا البلاء المستمر؛ ولنا أن نتساءل: لماذا لا يتم التهجيرـ ولو مؤقتًاـ لحين تصفية تلك الجيوب المنتشرة في أقبية وكهوف جبال سيناء ذات الجغرافيا والتضاريس الطبيعية الموجودة منذ الشتات والتيه الكبير لأبناء "يهوذا" في أرجائها وصحاريها الممتدة بطول البلاد وعرضها.
فليرحم الله الزعيم "عبدالناصر" الذي اتخذ قرارًا صائبًا وجريئًا بالتهجير "المؤقت" للقبائل المنتشرة من بدو سيناء؛ وعادواـ مع الانتصار والكرامةـ بعد معارك أكتوبر المجيدة التي صنع ووضع لها خريطة التسليح الشديد والعمل الجاد على تجهيز "جيش النصر" التاريخي في أكتوبر العظيم؛ ولم يعترض مخلوق على هذا التهجير لأهل سيناءــ رغم قسوة القرارــ لأن هذا التهجير كان لصالح مستقبل وكرامة حدود وطننا الذي ننعم بظلاله الوارفة وجنته المقيمة، ليس للمصريين فقط، لكل أجناس الأرض؛ وأصبحت الملجأـ وعفوًا لاستخدام كلمة ملجأ بل هي وطنهم الثانيــ لكل من فقدوا أوطانهم بفعل الآلة الاستعمارية الجهنمية العالمية؛ وبالاستعانة بالذيول الخائنة من "أهل الشر" وقوى الضغينة والغل والحقد الأسود على مكتسباتنا؛ وبخاصة مكتسبات جمهوريتنا الجديدة بقيادتنا الوطنية الواعية التي نفخر بها.
إن الرأي العام والإحساس الجمعي بين صفوف المصريين؛ يهيبون بالقيادة المصرية القوية؛ أن تضرب بيدٍ من حديد على يد الإرهاب أينما كان؛ وذلك باستخدام الحقوق المشروعة التي كفلتها واعتمدتها الأمم المتحدة في إعلانها في العام 1994 عن توثيق القرارات المتعلقة بالتدابير الرامية للقضاء على الإرهاب الدولي وجذوره؛ وهو الإعلان الذي أكَّدته الجمعية العامة للأمم المتحدة بالقرار رقم 50/53؛ والتزمت فيه بمنح الحق للدول في القضاء على الإرهاب؛ ولكن يبدو أن هذا القرار لم يكن كافيًا للردع؛ نظرًا لغياب الحسم والجديَّة في تنفيذه؛ فانتشر الإرهاب بمختلف أشكاله العقائدية والسياسية.. والدينية في معظم مناطق العالم؛ وبخاصة في منطقتنا العربيةـ ومصر بالتحديدـ ومنطقة الشرق الأوسط بصفةٍ عامة.
ولنا أن نمنح بعض العذرـ ربماـ لبطء وتشعُّب طرق التعاون بين الدول في مكافحة هذا الإرهاب؛ والالتزام بتسليم الرءوس المدبِّرة لتلك العمليات الدنيئة؛ وذلك بحجة اختلاف القوانين الذي يُعد معضلة أمام ردعه وتسليم مخططيه ومنفذي عملياته القذرة؛ فهناك دول- معروفة للجميع على خريطة العالم- تؤمِّنْ سلامة هؤلاء الإرهابيين عن طريق منحهم حق اللجوء، وتضمن الملجأ الآمن لهم؛ وترفض تسليمهم للجهة التي تطلب التحفظ عليهم لتقديمهم للمحاكمة جراء ما اقترفوا من جرائم بشعة في حق الأبرياء.
إن الإرهاب يتطور وتتسع مساحاته بشكلٍ مخيف؛ هذا التطور في أشكاله على كل المستويات: الفكرية والعقائدية والاقتصادية والسياسية؛ وأخيرًا التفجيرية لكل المؤسسات والمصانع ومحطات المياه والكهرباء؛ بهدف تركيع وتعطيش كل من يخالفون رءوس الإرهاب ومخططيه في التوجه والرأي.
ولعلنا نذكّرـ والذكرى تنفع المؤمنين- أنه ضمن أسباب اشتعال نار الحرب العالمية الأولى في العام 1914 هو العمليات الإرهابية التي بدأت شرارتها على أطراف روسيا؛ بل أن هناك بعض الدول التي تبدي ترددًا في مقاومة الإرهاب الدولي؛ وتؤمن بالتباعد عن الأحداث، نظير سلامتها؛ و"ويا دار ما دخلِكْ شر"! في حين تسعى بعض الدول لإجهاض كل جهود الأمم المتحدة السلميةـ كما يحدث في ليبيا وسورياـ والعمل على شق الصف بين المتنازعين ومساندة طرف دون آخر؛ حتى تظل "العَرْكَة منصُوبة" والنيران مشتعلة لتأكل الأخضر واليابس في بلادنا الآمنة؛ بلادنا التي تسعى لتحقيق الأمن والأمان لكل من يحيا على ترابها المقدس .
إننا لكي نحقق القضاء على الإرهاب، لا بد من الضرب بيدٍ من حديد على مخططيه وحاملي لوائه في طول البلاد وعرضها، والتهديدـ بجديَّةـ للدول التي تأويهم وتفتح لهم ذراعيها بتنفيذ وتفعيل المقاطعة الاقتصادية، إذ أن سلاح المقاطعة الاقتصادية أصبح فاعلًا ومؤثرًا؛ وبالضرورة سيأتي بالنتائج المرجوَّة التي نسعىـ ويسعى إليها كل الشرفاءـ على أرض أوطاننا المنطلقة إلى تحقيق العدالة والرفاهية المجتمعية للوطن.. والمواطن.
نجدد المناشدة: اقطعوا يد الإرهاب.. يرحمنا ويرحمكم الله؛ فلم يتبق في مآقينا دموع!