واحد تانى يصالح حلمى الأولانى
3 سنوات هى مدة انتظار جمهور السينما للنجم أحمد حلمى الذى قدّم قبلها أفلامًا لم يصمد معظمها طويلًا على قمة إيرادات شباك التذاكر.
الأسباب كثيرة.. أهمها: عدم تضمنها الجرعة الكوميدية المُرضية لجمهور حلمى، بالإضافة إلى ضعف التناول رغم جودة الأفكار.. البعض يتوقف عند «عسل أسود» كآخر أفلامه قدرةً على الموازنة بين قوة النص وتفوق الإيرادات.. بالنسبة لى أستطيع أن أضيف «بلبل حيران» و«إكس لارج» الذى تربع على عرش الإيرادات بجدارة، إلا أن ضعف معالجة الأفلام التالية كان عاملًا رئيسيًا لقلة إيراداتها خاصة فيلم «صنع فى مصر» الذى تراجعت إيراداته سريعًا فى دور السينما أمام فيلمى «الحرب العالمية الثالثة» و«الفيل الأزرق».
الأفكار الجديدة هى هاجس حلمى المستمر، وهو ما يظهر بشكل واضح فى جميع أعماله حتى تلك التى ذكرتها فى السطور السابقة، لكن القاعدة تقول إن التنفيذ هو العامل الأهم، بل مفتاح النجاح لفكرة العمل الفنى مهما كانت جيدة ومبتكرة.
هذا الموسم يطل علينا النجم المحبوب بفيلمه الجديد «واحد تانى» من تأليف هيثم دبور وإخراج أحمد شاكر خضير، وبطولة: روبى، أحمد مالك، سيد رجب، عمرو عبدالجليل، ونسرين أمين.
تنتمى فكرة الفيلم إلى الفانتازيا كما يوضح الإعلان التشويقى، يتناول مصطفى «أحمد حلمى» علاجًا يُعيد الشغف، لاكتشافه فشله طوال حياته فى تحقيق إنجاز ذى قيمة، خاصة بعد لقائه زملاء دراسته الذين حققوا الكثير من النجاحات فى حياتهم العملية، وهو ما يعبر عنه ساخرًا بقوله: «مفيش سجن فى مصر مدخلتوش» قبل أن يعيد مشاهدة أشرطة الفيديو القديمة التى عبّر من خلالها عن رغبته فى تحقيق الكثير من الأحلام.
«اللى حصل لى محصلش لحد» هكذا يقدم البطل مشكلته فى لقطات الفيلم الأولى «avant titre» لجذب المشاهد إلى معرفة ما تعرض له بعد تقديمه داخل منزله الواسع الذى يعكس مدى ما يعانيه من وحدة ورتابة، نرى عدة تفاصيل من بينها لعبة البازل غير المكتملة وهو ما يعزز خلفية احتياجه لتحقيق أهداف قريبة، بالإضافة إلى ميله للخيال رغم عجزه عن تحويله إلى واقع، يلتقى الشاب المتحقق جاسر «أحمد مالك»، كاشفًا عما يعانيه مصطفى من صراع بين عدم حبه لوظيفته كطبيب فى مصلحة السجون وعشقه آلة الدرامز التى لم يتمكن من احتراف عزفها.
فضلًا عن هوايته المهجورة وهى تأليف القصص، مما يوضح ما يعانيه من صراع داخلى وأزمة حقيقية يصرخ بسببها فى وجه زميلته شيرويت «نور إيهاب»، قائلًا: «اعملى اللى نفسك فيه»، فضلًا عن دفعه حبيبته فيروز «روبى» كى تُحيى حلمها القديم بالغناء، وكأنه يحاول أن تحقق هى ما فشل فيه، فى الوقت نفسه يعكس جموح علاقته بها عن عدم تحققه عاطفيًا.
نحن هنا أمام بُعدين لشخصية البطل، الظاهر «مصطفى» والخفى «إكس»، فبينما يفتقد مصطفى الشغف مستسلمًا لحياته الرتيبة وإحساسه بانعدام قيمتها أو دوافع الاستمرار فيها، يفيض إكس جموحًا وطاقة متحمسًا لتنفيذ كل رغباته وطموحاته.
يتضح المعنى أكثر عند حدوث ما نسميه بلحظة التنوير وهى اكتشافه مفتاح إنهاء صراعه بتصالح الشخصين داخله وانتصارهما لاكتشاف نفسه وتحقيق طموحه الضائع.. ربما كان يحتاج الفيلم إلى مفارقات أكثر قوة وامتدادًا لتبرير إقباله على تجربة العلاج، إلا أنه يُحسب لصناع الفيلم خاصة الإنتاج اختيارهم موضوع فانتازى، وهو ما لا يفضله معظم منتجى السينما المصرية أو يُسقطهم عند تناوله فى فخ السطحية.
كادرات أنيقة قدمها المخرج أحمد شاكر خضير فى معظم المشاهد، كما أجاد فى المونتاج بشكل كبير لينجح فى الحفاظ على إيقاع الفيلم خاصة فى الجزء الثانى منه.. الجرافيك أيضًا كان متقنًا للغاية، وهو ما ساهم فى تحقيق المصداقية خاصة فى خدعة تغيُّر شَعر البطل.
الممثلون أجادوا فى تقديم أدوارهم لكن لم يتميز أحدهم بشكل لافت، حيث أدوا المطلوب دون أن يتم منحهم مساحات كبيرة للاستفادة من طاقاتهم، خاصة نسرين أمين وروبى وأحمد يوسف الشهير على مواقع التواصل الاجتماعى باسم «نقششة».. فى النهاية.. قدّم الجميع فيلمًا أشبه بوجبة كوميدية سهلة الهضم استندت لفكرة جيدة كأساس قوى لمعالجة درامية احترمت عقلية المشاهد.