الخارطة السياسية.. وأجندة الأفكار الوطنية!
من العبارات التي قرأتها على صفحات جريدة يومية ــ أيام كنا نشتري الجرائد الورقية قبل هوجة الميديا ــ وأعجبتني؛ عبارة كتبها الصحافي الراحل جلال عامر .. يقول فيها : " قد نختلف مع النظام؛ لكننا لانختلف مع الوطن؛ ونصيحة أخ لاتقف مع ميليشيا ضد وطنك؛ حتى لو كان الوطن مجرد مكان ننام على رصيفه ليلاً " !
ومصداقًا لتك المقولة الرائعة؛ نعود للتأكيد على صدقها وتوجهاتها الشريفة؛ وهي العبارة التي قيلت لتحذير" البعض" ممن انحازوا وناصروا شراذم الميليشيات ــ التي تجمَّعت بليل الحقد والضغينة ــ المنتسبة إلى قطعان أدعياء الإسلام وحماة العقيدة؛ هؤلاء الأدعياء الذين قاموا ــ بأساليب مُمنهجة ــ باللعب على عقول البسطاء من أصحاب الثقافة العقائدية المحدودة؛ وتمكَّنوا ــ من استغلال أحداث ثورة ينايرــ من إشعال فتيل الفتنة بين صفوف الشعب في مصرنا المحروسة؛ ولكن سرعان مااستطاعت القوى الوطنية وعلى رأسها قيادة الجيش المصري من إخماد جذوتها وتحطيم ذاك المخطط الذي تكأكأت لتنفيذه قوى الغدر ممن لايعرفون معنى وقدر وقيمة وقدسية الوطن .
ومن منطلق ثقة الدولة في إقرار واستقرار العدالة بين الفصائل كافة؛ ومن منطلق التمكُّن والاعتزاز بسيطرتها وقوتها ــ المستمَدَّة من قوة الشعب ـــ وشرعية سلطتها الوطنية في مصر؛ كانت الدعوة الشخصية من صاحب الفخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي؛ إلى إمكانية إنشاء خارطة سياسية للجمهورية الجديدة في مصر؛ تجمع تحت عباءتها كل القوى الشريفة المخلصة لقضايا : الوطن، والإنسان، والحرية !
ودعوني أقف ــ وقفة قصيرة ــ أمام هذه الدعوة المخلصة بترسيم الخارطة السياسية الجديدة من الفصائل المختلفة كافة؛ لأحاول تذكير البعض ممن لايميل إلى تلك "المصالحة الوطنية" ــ أو بالأحرى تلك " المصارحة " الوطنية ــ لأقول : إنه كان من الممكن إطلاق شريعة السلطة القمعية الاستبدادية المطلقة؛ وذلك بحجَّة مواجهة جذوة الفتنة التي توهَّجت لبعض الوقت في ربوع مصر؛ والتي راح ضحيتها العديد من خيرة الشباب وبخاصة من عناصر الجيش والشرطة المدنية؛ وهم الشباب الذين قاموا بحماية حدود الوطن وجبهته الداخلية .
ولكن لأن القيادة الوطنية الشريفة؛ تعلم تمامًا أن السلطة المطلقة نقيضة الحرية ــ وهي السلطة الاستبدادية التي عانت منها مصر خلال حقبة طويلة من تاريخها ــ لأنها تستغل جوانب الحياة كافة لتعزيز سطوتها على نشاطات الحياة الاجتماعية والمالية والاقتصادية والسياسية والدينية .. والعسكرية ؛ فقد تمت الدعوة إلى تجمُّع وتجميع رموز فصائل المعارضة ــ ممن لم تلوث أياديهم بالدماء ــ حول مائدة إفطار (الأسرة المصرية) في ليلة فارقة من ليالي شهر رمضان المعظم؛ تحقيقًا وتعزيزًا لمبدأ حق "المواطنة" والتكتل لتحقيق مايصبو إليه الوطن من العمل الدءوب على تحقيق رفاهية الوطن .. والمواطن .
وتأتي تلك المصالحة إعمالاً وإقرارًا للعمل بالدستور المصري الذي ينص في صُلب مواده على تحقيق الديمقراطية والعدالة بين مختلف فصائل الشعب ؛ والاعتراف بقناعاتهم السياسية ـ ممَّن لم تلوَّث أياديهم بالدماء؛ أو محاولة مناهضة السلطة بمناصرة أجندات تابعة لقوى خارجية مُمنهجة ضد مصالح الوطن ــ لأننا كما قلت في بداية حديثي : "قد نختلف مع النظام؛ لكننا لانختلف مع الوطن ... " !
والآن .. من الحكمة أن نركن ـ بكل المصداقية ــ إلى ماقاله رئيسنا الزعيم عبد الفتاح السيسي؛ عن دعوته الصادقة إلى المصالحة؛ قال : "... عهدي معكم دائمًا الصدق، والعمل الجاد، والنوايا الطيبة، والتجرد من الانتماء إلا للوطن ابتغاءً لوجه الله سبحانه وتعالى...".
وتواكبت الدعوة إلى المصالحة الوطنية؛ مع دعوة الرئيس لإعادة تفعيل لجنة العفو الرئاسي لبحث الحالات التي تم تشكيلها كأحد مُخرجات المؤتمر الوطني للشباب، على أن توثق إعادة عملها بالتعاون مع الأجهزة المختصة.
وكذلك استطرد الرئيس : "لا أخفي عليكم سعادتي البالغة في خروج دفعات لعدد من ابنائنا الذين تم الإفراج عنهم خلال الأيام الماضية، وأقول لهم إن الوطن يتسع لنا جميعا، وأن الاختلاف في الرأي لا يفسد للوطن قضية ".
وفي هذا الصدد قام فخامته بتكليف إدارة المؤتمر الوطني للشباب بالتنسيق مع كافة التيارات السياسية الحزبية والشبابية خلال حفل إفطار الأسرة المصرية الأخير، لإدارة حوار سياسي حول أولويات العمل الوطني خلال المرحلة الراهنة، ورفع نتائج الحوار الوطني إليه شخصياً، مع تعهده بحضور المراحل النهائية منه.
وأعلنت الأكاديمية الوطنية للتدريب عن تبنيها تنفيذ توجيهات الرئيس السيسي، بعقد عدد من اللقاءات بين كافة أقطاب القوى السياسية والشبابية المختلفة ضمن حوار وطني يستهدف تطوير أجندة أفكار وطنية من جانب القوى السياسية كافة ؛ للتعامل مع القضايا الملحَّة التي تواجه الدولة المصرية في ضوء المتغيرات العالمية الراهنة.
إنها وبكل الفخر مصرنا البهية المحروسة أبد الدهر .. برعاية عين الله التي لاتنام !