«أبدأ بزيارات للأصدقاء».. أبرز ذكريات طه حسين خلال العيد
تحدث عميد الأدب العربي طه حسين عن العيد وكيف يراه، وذلك في مقال له بمجلة الرسالة.
وكتب طه حسين: "يضطرب الناس أيام العيد بين دور الأحياء ودور الموتى، يتحدثون إلى أولئك ويفكرون في هؤلاء، وكثير من حديث الناس إلى الأحياء وكثير من حديثهم إلى الموتى خليق أن يسجل ويتخذ موضوعا لألوان مختلفة من الأدب والفن، ولكن هذه الأحاديث تقبل مع أيام العيد، وتذهب معها كأن لم تكن، تترك أثرها في نفوس الناس، ولكنها لا تترك آثارها فيما ينشئون ويكتبون، لأنهم لا ينشئون ولا يكتبون إنما يتلمسون موضوعاتهم في السماء حينا، وفي السحاب حينا".
وتابع: "أما أنا فقد كنت أتحدث إلى نفسي وإلى اصدقائي في أيام العيد أحاديث مختلفة منها الباسم ومنها العابس، فيها الجد وفيها الهزل، ولكني كنت أحتفظ لنفسي بأشد هذه الأحاديث مرارة، لأني اعلم أن الناس يكرهون في أيام العيد وفي غير أيام العيد مرارة الحزن، لقد استقبلت العيد بحزن عميق لأني استعرضت صورا تعودت أن أستعرضها كلما أقبلت الأعياد، وفكرت فيمن أزوره ويزورني، وفيمن أسعى إليه ويسعى إلي، فإذا كثير من هذه الصور قد محي من صفحة الحياة".
وواصل: "لقد كنت أبدأ زيارات العيد بهذا النفر من الأصدقاء الأعزاء أكون معهم ليلة العيد فإذا ارتفع الضحى سعيد إليهم فلقيتهم وكأننا لم نفترق أبدا، وقضيت معهم ساعة قصيرة ضيقة لم أفرغ لهم فيها ولم يفرغوا إلى لكثرة المقبلين".
وأضاف: "كنت في أيام العيد لا أكاد تهيأ للخروج حتى بنبئني الأصدقاء أن فلانا وفلانا أقبلوا وهم ينتظرون، منهم من يحب أن يبدأ العيد بلقائي لأن لقائي هو أحب شئ اليه، ولم تكن أيام العيد تنقضي حتى أزور دارا من الدور في ناحية من نواحي القاهرة فأجد لبها ابتسام الزهرة النضرة، والحياة التي تبتسم للحياة حتى تنقضي أيام العيد فلا أزور هذه الدار لأنها أصبحت محزونة لا تحتفل ، لأن زهرتها النضرة قد اجتثت منها اجتثاثا وانتزعت انتازعا وحملتها الريح إلى حيث لا ينضر الزهر ولا تبتسم الحياة للحياة".