«فرحة العيد».. كتاب يستعيدون ذكرياتهم من دفتر ليلة البهجة في الطفولة
العيد فرحة و بهجة وسعادة، ومدينة لفرح لاينتهي يظل عالقا بجدار الروح، وتصبح ذكرياتنا مع ليلة العيد، ورغم بساطتها إلا إنها تظل علامة مضيئة بفرحنا الذي نستعيده مع مرور الوقت.
ولكل واحد منا طقوسه حسب المكان الأول الذي شهد مولدنا و رفقتنا الأولى، عن العيد في عيون الكتاب من الجنوب إلى أقصى الشمال ، من بسمة القرية لضحك المدينة يحدثنا روائيين ونقاد عن مابق معهم من العيد في التقرير التالي .
- محسن يونس: العيد لدينا مرتبط بأرض المولد
قال الكاتب الروائي محسن يونس لـ "الدستور"، "كنت محظوظا أن عاصرت وانا طفل إقامة الموالد حيث كان المجتمع ما زال طيبا يفسح من روحه مكانا طيبا لما يسميه أولياء الله الصالحين، كان الذهاب إلى ما يسمى بأرض المولد طقسا مهما لا تكتمل فرحة العيد إلا به، وهذه الأرض المعنية عبارة عن ساحة تمتلىء ببائعي ألعاب الأطفال المصنوع من الصفيح".
وأشار يونس " إلى أنه بجانب فرش الحمص والحلاوة وحب العزيز والمراجيح ، تكتمل الفرحة بقطع تذكرة بقيمة عشرة مليم ودخول سيرك الحلو أو عاكف ، كانت أيام مختلفة عن الآن الذى اختلفت فيها هذه الفرحة ، الفرحة الان هى انتظار أن ياتي أحفادي ليملئوا البيت من حولي، وأوزع عليهم العيدية.
- محمد على عزب: العيد كان المصروف ولعب دور "أتاري"
من جهته قاتل الشاعر والناقد محمد على عزب، "كان الأطفال القرويون - الذين كنت منهم - في أواخر سبعينات وبداية ثمانينات القرن الماضي قادرين على صناعة البهجة بقروشهم الزهيدة، الجلباب الجديد، اللعبة الوحيدة التي يستطيع الطفل شرائها" .
وأضاف محمد علي عزب، "كان العيد ذلك الزائر البعيد عندما يهل علي قريتنا - الفردوس المفقود - يأتي بطقوس خاصة جدا سهر طوال الليل ، جلباب جديد، صلاة العيد، إفطار فاخر، لحم او دواجن، وبعد الإفطار، تنهال علينا العطايا ، لم نكن نعرف في قريتنا مسمى "عيدية" كنا نقول مصروف العيد، ولا أدري هل مازال أطفال قريتنا يقولون مصروف أم عيدية، بناتي الصغيرات يقلن عيدية".
وتابع عزب "كان أقصى طموح للطفل القروي الذي كنته، هو أن يشترى لعبة محترمة لعبة واحدة ككل الأطفال القرويين، في المولد كان الحصان البلاستيكي، وفي العيد كان مسدس بلاستيكي بالإضافة إلى البمب الذي كنا نعلن به عن وجودنا متحدين قوانين الكبار الصارمة التي ترفض الضوضاء طوال العام، إلا في يوم العيد لكن لم يكن في قريتنا مراجيح للعيد كانت المراجيح في الموالد".
- "الأتاري" الاختراع المدهش
ولفت عزب إلى أن " كان هناك اختراعا مدهشا بالنسبة لنا نحن الأطفال القرويين وهو "الأتاري" اختراع مذهل جاء به أحد سكان قريتنا الذين قضوا جزءا كبيرا من عمرهم، فكنا تقتص من مصروف العيد خمسة قروش للعب دور "أتاري" عصر يوم العيد، وكان العيد يوما واحدا، وكنا نتعجب يقال في التلفاز أن عيد الفطر ثلاثة أيام ، ونسأل في شغف أطفال اقاربنا المقيمين في المدن و جاءوا لقضاء أول أيام العيد في قريتنا هل صحيح أن العيد لديكم ثلاثة أيام ؟! ، وكيف ذلك ؟! ولماذا عندنا العيد يوم واحد ؟".
وختم عزب “كأن يوم واحد لكنه قادر علي استحضار البهجة وتجسيدها أمام أعيننا وقلوبنا الصغيرة الخضراء توأم أشجار التوت والصفاف علي شواطيء الترع والمصارف ، كانت الحياة بسيطة لكنها حياة حقيقية بمعنى الكلمة، كانت البيئة القروية مغلقة لكنها كانت قادر علي أن تحتوي احلامنا اللامتناهية، ربما يكون الحنين للماضي الفردوس المفقود هو الذي يحرك مشاعرنا.
واختتم، " لكن لا يمكن إنكار أن التغيير في الثلاثة عقود الماضية تغييرا جذريا في كل طقوسنا وعاداتنا الاجتماعية الجميلة في الأعياد، أشعر أن بين الثمانينات والتسعينات وبين الألفية الثالثة سنوات ضوئية .. تغيير كل شيء، وأمام هذا التغيير اعتصم بالذاكرة ذاكرة الطفل القروى التي استدعيها في الأعياد وانا اجلس في شرفة الدور الرابع احتسي فنجان القهوة والسيجارة".
- جلاء الطيري: إحساسنا هو ما اختلف في العيد
أما الكاتبة الروائية جلاء الطيري، فقد قالت، "العيد هو العيد بمظاهره كما كان عندما كنت طفلة، و الذى اختلف فقط هو إحساسنا به ، ففى طفولتنا كانت تبدأ مراسم العيد من اخر يوم فى رمضان عندما كنا نخرج بعد العشاء وكل منا يمسك بعصى من جريد النخل وعلبة صفيح فارغة نقرعها مرددين يارمضان بكره فطار"
وتتابع الطيري "كالعادة تبيت ملابس العيد والحذاء الجديد بحانبي على الوسادة استيقظ على صوت جدي وهو يهدهدنى قومى عشان تروحى معايا نصلى العيد فى الجامع، ودائما اسأل نفسى هل سيفى جدى بوعده؟ هل سيجعلنى أُمسك بالشياطين التي تنحل عقدتها بانتهاء رمضان فتسرح فى الأرض ؟،هل سيتجرأ صبيان الشارع على الاقتراب من نخلة أم الشعور التى يتدلى سعفها فى ماء المشروع، فتأكل الجنيات الشريرات من بلحها ،الجنيات اللاتى يتسلسلن بسلاسل من نار".
وتشير الطيري “ هاهو حلمى القديم يتحقق وسامسك بالميكرفون وأهزم كل الجنيات مثل جدى ، أمسك به فى فرح لم أدرِ ماذا أقول غاصت كل الكلمات أمسكت به وصحت بأعلى صوت.. أأ... فقط هما هذان الحرفان صار بهما العيد عيدا”
.
- نهلة عبد السلام: العيد علب جاهزة وأحلى مافيه الاجازة
من جهته قال الكاتبة نهلة عبد السلام، كان العيد عيدا، فيض من الونس والبهجة مع والدى أجدول زيارة الأهل على مدار أيام العيد، لا يهم المسافة ومشقة الذهاب بالمواصلات "فمصر متبعدش على حبيب"، المقابل ضيوفنا ومن كثرتهم نستعد "بكولمان" عصير ونعد مسبقا أطباق الحلويات حتى لا نضيع لحظة من وقت الحكي".
ولكن " العيد تحول إلى علب جاهزة، عينات تشبع عدد محدود، وأحلى ما فيه الاجازة من الركض واللهاث بلا إدراك لنقطة نهاية.
وتابعت، “مسرحيات ننتظرها كل عام بذات الشغف ونضحك بذات القدر، (العيال كبرت) و الآن كلا صار له محمول استغنى به، وبعض التفاصيل منحها ثقل وزهوة ارتباطها بالعيد فقط الفستان و"التوكة" ولف الشعر دوامة، والأهم الشنطة وجمع العيدية والشراء بلا حدود.. واذكر شنطتى الحمراء بموديل لم أرى له مثيلا وكأنها قطعة واحدة. .
وِأشارت لى أن " الكحك والبسكويت وصنعه تخص كل واحدة.. فلم يكن الشراء عالجاهز ذائع.. منافسة محببة والفائز بالطبع الأكيلة.. دارت الأيام على رأى الست وصار العيد فيض من شبه صمت.. أصابه خفوت مع فقدانه طقوسه فكل ما يخصه متاح طول العام عدا الناس إلا قليلا".. رغم "إن عنوان بيتنا زى ما هو" ولكنه النسيان.