فنزويلا مشاهدات وآراء
تناولت فى عدة مقالات سابقة محاور كثيرة خاصة بـ"اللجنة الشعبية لدعم الشعب الفنزويلى"، والتى تكونت من مجموعة من الشخصيات المصرية وممثلى القوى السياسية، للتضامن مع جمهورية فنزويلا البوليفارية، ضد العقوبات الاقتصادية الأمريكية التى فرضها الرئيس السابق للولايات المتحدة الأمريكية دونالد ترامب، والممتدة حتى الآن، كما تناولت ما دار فى عدة لقاءات مع السفير النشط لدولة فنزويلا بالقاهرة السيد ويلمر أومار بارينتوس، والحريص هو وبقية أعضاء السفارة على التواصل مع أعضاء لجنة دعم فنزويلا، للحوار وتبادل الآراء حول آخر المستجدات والمتغيرات المحلية والإقليمية والدولية.
وفى هذا المقال سأكتب عن مشاهدات وآراء من قلب دولة فنزويلا أثناء وجودى مع أكثر من 350 من الشخصيات والمنظمات الداعمة لفنزويلا للمشاركة فى الاحتفالات الخاصة بالذكرى العشرين ليوم الكرامة الوطنية، يوم نزل الشعب الفنزويلى إلى الشوارع على مدى ثلاثة أيام "11 و12 و13 إبريل 2002"، ونجح فى إعادة الرئيس هوجو شافيز إلى الحكم عقب الانقلاب الذى دعمته ودبرته الولايات المتحدة الأمريكية ضده لإعادة فنزويلا للتبعية، لتحقيق المصالح الأمريكية على حساب استقلال الإرادة الوطنية الفنزويلية.
منذ غادرت صالة مطار سيمون بوليفار وفى طريقى إلى الفندق فى مدينة كاراكاس، والذى يبعد عن المطار ما يقرب من ساعة ونصف بالأوتوبيس لفتت نظرى الطبيعة الساحرة، حيث حولك الجبال الشاهقة المملوءة بخضرة أشجارها، وكأنك أمام غابة كثيفة من مختلف أنواع الأشجار، ووسط هذه الخضرة تطل بيوت تشبه المساكن الشعبية من طابق واحد أو طابقين وتجد أناسا فى الشوارع شبه بعضهم أى قريبين من بعضهم فى مظهرهم، ليس هناك التفاوت الطبقى الصارخ الذى تجده فى العديد من البلدان من حيث المظهر والملبس وماركات السيارات.
ومن الملفت للنظر الروسومات واللوحات الجدارية على جدران المبانى والمدارس والمؤسسات والمصانع ذات الألوان المبهجة ألوان الأصفر والأخضر والأحمر والبرتقالى والأزرق بنقوش ووجوه أمريكا اللاتينية. ويشد انتباهك أن التماثيل والصور فى الميادين هى للمحرر سيمون بوليفار الذى قاد معركة الاستقلال ضد الاستعمار الإسبانى لست دول من أمريكا اللاتينية منها موطنه فنزويلا، وعدد من الصور للزعيم الراحل هوجو شافيز، وعندما تصل إلى وسط العاصمة كاراكاس تجد عمارات سكنية لا تزيد على خمسة طوابق وتتخللها بعض الأبراج العالية للسكن والشركات والفنادق.
وبالرغم من أننى وسط شباب وشابات ورجال ونساء معظمهم من دول أمريكا اللاتينية ولغتهم الإسبانية، ورغم أن لغتى الإنجليزية متوسطة، إلا أن سرعة التواصل بينى وبينهم كانت سمة من السمات واستطعت أن أجد وسيطا يعرف الإنجليزية ليتطوع مشكورا للترجمة، كما استطعت أن استخدم أحيانا الإشارات للتواصل مثلما نعمل هنا فى مصر فى لعبة الأفلام، وعلى فكرة كل هذا ساعد على التواصل ولم يقف عقبة، سواء فى الحديث أو الندوات داخل قاعات الفندق، أما فى الندوات والمؤتمرات فى القاعات خارج الفندق فكانت هناك ترجمة من الإسبانية للإنجليزية والفرنسية.
فى احتفالات الشارع، والتى حضرها الرئيس الحالى نيكولاس مادوروو تستمع الأذن لموسيقى بإيقاعات سريعة جميلة وجاذبة، تشبه أحيانا الإيقاعات الإفريقية، وتحس بأنك أمام الموسيقى الحماسية الصاخبة لفرقة حسب الله.
ومما لفت نظرى أنك أمام شعوب محبة للحياة ومصممة على مواجهة السياسات الظالمة للرأسمالية الجديدة المعسكرة والمتوحشة، شعوب، لا يغلب عليها النمط الاستهلاكى، والإسراف والبذخ والمظاهر التى لا تتفق مع حال الدول النامية، التى تريد أن تبنى وتنهض وتتقدم.
رغم رحلتى إلى فنزويلا التى استغرقت 7 أيام فقط منها يومان سفر شاق وطويل ذهاباً وإياباً، إلا أننى سعدت بوجودى وسط تظاهرة كبيرة وهامة من كل شعوب العالم ترسل رسالة وصرخة قوية ضد الإمبريالية والفاشية، وتحلم بعالمٍ أفضل خالٍ من الحروب والعنف، عالم تسوده المساواة والعدالة الاجتماعية والمحبة، عالم يسوده السلام والتعاون والمنفعة المتبادلة لخير الإنسانية.