دروس فى محبة الأوطان
اليوم ونحن نودع شهر رمضان المبارك، والذى شهد ولأول مرة العديد من المناسبات الدينية التى احتفل بها المصريون بصفة عامة فى نفس الوقت ولن أقول المسلمين والمسيحيين فإننا ندعو الله أن يهل علينا رمضان المقبل وقد شهدت بلادنا دوام الاستمرار والاستقرار والرخاء والسلام والأمن والأمان.
فى حديث السيد الرئيس/ عبد الفتاح السيسى للسادة الصحفيين الذين كانوا رفقة سيادته فى جولته بتوشكى بجنوب الوادى، حيث أعطى سيادته إشارة البدء فى موسم حصاد القمح الذى تمت زراعته فى بلادنا الغالية وعلى الأراضى التى تم استصلاحها مؤخراً فى إطار جهود الدولة لإنشاء مجتمعات زراعية متكاملة أشار سيادته الى قضية مهمة وهى محاولات أهل الشر وجماعة الإخوان الإرهابية وأبواقها الكاذبة التشكيك فى قدرات الدولة المصرية على تجاوز الأزمات الاقتصادية التى يتعرض لها العالم حالياً.
وكذلك محاولات التأثير على ذلك التلاحم غير المسبوق بين أبناء الشعب المصرى الواحد حيث أشار سيادته إلى موضوع "المواطنة" وكيف أن الدولة نجحت فى إرساء دعائم هذا المبدأ القائم على عدم التفرقة بين المصريين، لافتاً إلى أن الدولة قد تجاوزت محاولات التفرقة بين المسلم والمسيحى فالجميع متساوون فى الحقوق والواجبات.
كما أكد سيادته على أن حرية الاعتقاد مصونة طالما أنها لا تستهدف هدم المجتمع المصرى وأعرب سيادته عن ثقته فى قوة النسيج الوطنى والإجراءات التى اتخذتها الدولة فى هذا الشأن.
وقد تواكب مساء نفس اليوم أننى تشرفت بحضور ندوة بعنوان
"رمضان ومحبة الأوطان" بملتقى الهناجر الثقافى فى لقاء أدارته باحترافية واقتدار الدكتورة/ ناهد عبد الحميد، مدير ومؤسس الملتقى، وحضره كل من فضيلة الدكتور/ أسامة الأزهرى، مستشار السيد رئيس الجمهورية للشئون الدينية، ونيافة الأنبا إرميا، الأسقف العام ورئيس المركز الثقافى القبطى الأرثوذكسى، حيث تناول اللقاء ذات المفاهيم التى أشار إليها السيد رئيس الجمهورية.
طرحت الدكتورة/ ناهد تساؤلاً دار حوله الحوار بالكامل وهو معنى كلمة "وطن" هل هو مجرد منطقة جغرافية نعيش فيها أم هو تاريخ عشناه فى منطقة ما أم كلاهما معاً؟
هل هو ضمير أمة أم تجمع فى الأزمات فقط؟.. كلمة وطن تعنى كل ذلك مضافاً إليه جينات ورثناها من أجدادنا القدماء وثقافات شكلت هويتنا المصرية وظلت صامدة منذ فجر التاريخ وحتى يومنا هذا تدفعنا دائماً إلى تحقيق المعانى السامية للأخوة والتسامح والمحبة والترابط بيننا جميعاً دون تفرقة بين دين وآخر وبين انتماء وآخر .
وجاءت كلمة الدكتور/ الأزهرى ليستشهد بتلك المقولة المأثورة التى أطلقها قداسة البابا تواضروس عندما كانت بلادنا تتعرض لموجات من العمليات الإرهابية إبان حكم الإخوان "وطن بلا كنائس خير من كنائس بلا وطن" وأن تلك الكلمة التى أطلقت فى أصعب الظروف التى مرت بها الدولة المصرية حفرت فى قلوبنا جميعاً الامتنان والعرفان وهو أمر لا يعتبر غريباً عن تاريخ الكنيسة المصرية الوطنية ونضالها مع الأزهر الشريف ورجال الدين والشعب المصرى فى وجه الاحتلال ثم الإرهاب.
أما كلمة نيافة الأنبا إرميا، والتى بدأها بتلك المقولة التاريخية التى أطلقها الراحل قداسة البابا شنودة الثالث "إن مصر وطن يعيش فينا وليس وطنا نعيش فيه" وشدد على أن تلازم الصيام فى شهر رمضان المبارك مع الصوم الكبير لهو دليل إلهى على أن الله أراد لهذه الأمة أن تتوحد فى أهم مناسباتها الدينية، خاصة وأن تلك الأيام تعتبر من أجمل أيام العام وأقربها لقلوب المصريين الذين عبروا على مدار التاريخ بعمق محبتهم الشديدة لله عن طريق الصوم لأنه بالصوم يتحرر الإنسان من ذاته متجهاً نحو محبته لله سبحانه وتعالى.
وعوداً إلى بدء...فإننا خلال هذه الأيام وتلك المرحلة يجب أن نجدد العهد لدولتنا المصرية وقائدها.. كما جددنا العهد مع الله سبحانه وتعالى بأن نقف يداً واحدة أمام أى محاولة من محاولات شق الصف الوطنى وأن نتصدى معاً لمحاولات زرع بذور الفتنة والوقيعة بين أبناء الوطن الواحد.. كما نتمنى أن يخرج ذلك الحوار السياسى الذى دعا إليه السيد الرئيس بنتائج إيجابية تسهم فى تحقيق القدر الأكبر من المشاركة المجتمعية والممارسة الحقيقية المشتركة فى إدارة شئون البلاد لكى نثبت للعالم أن مصرنا الغالية بالفعل وطن للجميع أغلبية ومعارضة.. مسلمين ومسيحيين.. شعب واحد.. وطن واحد نعيش فيه ويعيش فينا.
وتحيا مصر....