«شركات التقسيط».. ملجأ المصريين للهروب من غلاء الأسعار
أصبح لشركات التقسيط في الوقت الحالي دورا مهما، حيث لجأ إليها الكثير من المواطنين في مصر هربًا من غلاء الأسعار، والتي تقوم بشراء أو تقديم خدمة ودفع رسومها نيابة عنه ومن ثم تقسيطها على سنوات للعملاء بحيث تصبح سهلة وميسرة عليهم.
“الدستور” حاورت عدد من مستفيدي تلك الخدمة إلى جانب معرفة مدى قانونية تلك الشركات.
نهى محمود، 35 عامًا، إحدى السيدات اللاتي لجأن إلى شركات التقسيط لدفع قسط مدرسة ابنتها، بعد موجة الغلاء الأخيرة، وغلاء أسعار المستلزمات المدرسية وكذلك أقساط المدارس والتي لم تعد قادرة عليها.
قالت: "ابنتي في الصف الرابع الابتدائي وتحتاج إلى مصاريف مدرسية لكل فصل دراسي 15 ألف جنيه يعني في العام الواحد 30 ألف جنيه، إلى جانب المستلزمات المدرسية وكل ما تحتاجه خلال العام الدراسي".
أضافت: "لجأت إلى أحد شركات التقسيط لتقسيط المصاريف المدرسية، وسياستها أنها تقوم بدفع المصاريف كاملة، ثم أقوم أنا بسداد تلك المصاريف على مدار العام لها بموجب ألفين ونصف في الشهر الواحد وانتهى منها خلال العام".
رأت نهى أن شركات التقسيط تعتبر الملاذ الآمن لها ولابنتها خلال مراحل التعليم المختلفة، حيث أنها تخفف من الأعباء المادية الخاصة بها وتجعلها تسدد بشكل أكثر راحة: "المصاريف بتيجي في وقت موجود فيه زيادة أسعار بشكل كامل ومبالغ فيه".
اللافت للنظر إلى أن حجم سوق التقسيط في مصر بلغ نحو 70 مليار جنيه سنويًا، ومن المتوقع أن يقفز إلى 100 مليار جنيه بحلول عام 2024، بسبب تحديات الركود التى تواجه الأسواق من ناحية، وموجات غلاء الأسعار المتتالية.
ويحكم نظام التقسيط في مصر القانون رقم 18 لسنة 2020 وهو قانون تنظيم نشاط التمويل الاستهلاكي والمتداول باسم "البيع بالتقسيط" منظومة متكاملة للتيسير على المواطنين فى شراء احتياجاتهم التي لا يستطيعون شرائها بالكامل نقدًا.
وحدد القانون القواعد التي يسير عليها العاملين في مجال التقسيط سواء شركات أو أفراد مرخص لهم، منها معايير الملاءة المالية، وضوابط تحديد نسب التمويل بحسب قدرة العملاء على السداد، الحد الأدنى لاحتساب الاضمحلال والمخصصات للتمويل المشكوك في تحصيله.
كذلك على العاملين بنظام التمويل الاستهلاكي الالتزام بضوابط مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب بمراعاة التعليمات الصادرة من وحدة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وبعد التنسيق مع الجهات المعنية في هذا الشأن.
كما تحدد الهيئة العامة للرقابة 7 شروط لمقدمى التمويل الاستهلاكى المعروفة باسم شركات التقسيط، الذين يكون نشاطهم الرئيسى توزيع السلع محل التمويل أو بيعها للحصول على ترخيص بذلك من الهيئة متى كان حجم التمويل المقدم منهم لا يقل عن مبلغ 25 مليون جنيه طبقًا لآخر قوائم مالية معتمدة.
وعن العقوبات فالقانون يحدد أن المخالفة عقوبتها غلق مقارها بالطريق الإداري، ويجوز أن تصدر التدابير المنصوص عليها بالبندین (1، 2) من هذه المادة من رئيس الهيئة، كما يجوز له اتخاذ أي من التدابير المنصوص عليها فى البندین (4، 5) من هذه المادة إذا كان الخطر من شأنه أن يترتب عليه ضرر يعتذر تدارکه، وذلك لمدة أقصاها شهر أو لحين العرض على مجلس إدارة الهيئة أيهما أقرب.
محمد فاضل، خبير قانوني، عضو لجنة نقابة المحامين، قال: "لا يخفى على أحد الدور العظيم الذي تقوم به الدولة المصرية فى الوقت الحالى من إطلاق العديد من المبادرات التى تسهم في التخفيف عن كاهل المواطنين، وفى الوقت ذاته مصر فى الوقت الحالى تشهد ثورة كبيرة فى إنشاء الشركات الاستثمارية بمختلف أنواعها والتى أصبحت موازية للمبادرات التي أطلقتها الدولة".
وتابع: "جود شركات تتيح خدمة التقسيط للعملاء، يعمل على استقطاب عدد كبير من الجمهور، وخاصة بعد التفاقم الملحوظ فى أسعار السلع والأجهزة، مشيرا إلى أن الدولة المصرية وضعت قانون تأسيس الشركات لكي يخضع له كل ما يتعلق بكيان الشركة، والذي يسهم بدوره في تحديد أنواع الشركات سواء أكانت بسيطة أو مساهمة طبقاً لطبيعة النشاط ورأس المال وعدد المساهمين فيها.
واستكمل: "إن تمكين العملاء من التقسيط وتيسير شراء السلع أو العقارات بالتقسيط من النشاطات المستحدثة، معلقا: "يجب أن تكون شركة مؤسسة بشكل قانوني ولها سجل تجاري ولها مجلس إدارة وجمعية عمومية كما يلزم وجود بطاقة ضريبية".
وأضاف: "كانت هناك ثورة كبيرة بين الشركات وإمكانية إنشاء فروع لها فى مصر، ولكن معظمها لم يخضع للقانون لتنظيم أمور العمل"، مؤكدًا ضرورة التعامل مع الدولة وأجهزتها ذات الجهات المعلومة والموثوق فيها، لأن معظم الشركات المجهولة كيانات وهمية تسعى لتحقيق أرباح لا لصالح المواطن البسيط.
هالة عبدالقادر، محامية ورئيس مجلس أمناء المؤسسة لتنمية الأسرة، قالت إن الدولة المصرية تسير بخطى واعدة لدعم المواطن المصري والتخفيف عن كاهله فى ظل تلك الظروف العصيبة، كما تمد يد العون للشباب المبتدأ ليكون خط الدفاع الأول وقلب مصر النابض من خلال ما تقوم به من مبادرات وفعاليات حيوية فارقة فى حياتهم.
وتابعت: "هناك عدد من الشركات التى أنشئت فى مصر تمكن عملائها من التقسيط من شراء السلع الاستهلاكية أو المعمرة ولكن لا تخضع لأي جهة رقابية، والذي يعمل على تفاقم معدلات المخاطر والتعثر".
وأضافت: “بعد موجة الغلاء التي ضربت العالم يتجه الكثير لتلك النوعية من الشركات لإمكانية شراء احتياجاتهم من السلع، ومن ثم يلزم التعامل مع الشركات الموثوق فيها”، موضحة أن هناك شركات مسجلة تابعة للجمعيات الأهلية الخاضعة لوزارة التضامن الاجتماعي ووزارة الشؤون الاجتماعية، وتكون كذلك مسجلة بالشهر العقاري، أو تابعة لهيئة الاستثمار.
وأشارت إلى ن الشركات غير المسجلة بشكل قانوني، ولا تخضع إلى أى جهة رقابية، لأن عدم وجودها تحت مظلة الإطار القانوني، ليس لها مرجعية قانونية، ومن ثم وقوع حالات نصب.
وعن جهود الدولة فى دحض تلك الشركات غير القانونية، قالت هالة عبدالقادر: "الدولة تضع قوانين صارمة لضبط عملية تأسيس الشركات بحيث لا يمكن ممارستها لهذا النشاط إلا بتسجيلها بشكل قانوني"، مشيرة إلى ضرورة التعامل مع الشركات القانونية المسجلة طبقا لقانون ما، كما يلزم زيادة الوعي لدى المواطنين بعدم التعامل مع تلك الكيانات الوهمية بمعرفة الفارق بينهما والعواقب الوخيمة التي يمكن أن تقع نتيجة للتعامل مع تلك الكيانات المجهولة.