بريطانيا والإرهاب
فيديو منتشر على "يوتيوب"، منسوب لضابط شرطة مفصول، يتحدث فيه مع الإرهابي المخضرم هاني السباعي من لندن عن تنظيمات جديدة ظهرت وتعمل في مصر. وذكرها كما يلي: غلابة، خطة المفاصل، جبهة تحرير مصر، ثورة المساجد، وثيقة تحرير مصر. فرسان المساجد.
بالطبع لا نعلم إن كانت تنظيمات وهمية أو حقيقية، ولكن الحقيقة أن بريطانيا تؤوي إرهابيين يتآمرون على مصر من بريطانيا.
كما وفرت بريطانيا بيئة حاضنة وملاذا أمنا للعديد من الجماعات المتطرفة، وكان أغلب متطرفي لندن مثل "عمر بكري" وغيره على صلة دائمة بالمدينة من مقراتهم في لندن، ومن ثم أصبحت لندن نواة لتفريخ العناصر المتطرفة وتصديرها إلى مناطق الصراعات، واصبحت لندن على هذا النحو مركزا رئيسيا لتنظيم "القاعدة" الذي يشرف على عملياتها في أوروبا كافة، مما زاد الإرهاب داخل المجتمع البريطاني وخارجه.
وكانت تؤوي الهاربين حزب التحرير الإسلامي الذي اسسه الشيخ "النبهاني" في القدس عام 1953.
كما قام جهاز الاستخبارات البريطانية الخارجية بتجنيد الإرهابي عمر بكري مباشرة بعد تخليه عن حزب التحرير الإسلامي، بهدف تسهيل نشاط الإسلاميين في دول البلقان، وقام بكري بـتدريب مئات البريطانيين في معسكرات في المملكة المتحدة وفي الولايات المتحدة، وقد ظل عمر بكري لفترة طويلة مخبراً لدى أجهزة الأمن البريطانية، وساعد في عدد من التحقيقات التي كانت تقوم بها المخابرات البريطانية.
ولم تتوقف علاقة الحكومة البريطانية مع "بكري" حتى بعد مغادرته الأراضي البريطانية، حيث إنه في عام 2010 ذهبت أموال حكومية بريطانية إلى "بكري" بهدف دعم حركات إسلامية من بينها تنظيم "القاعدة" من أجل الحدّ من النفوذ الإيراني والسوري في المنطقة. كما تحتضن لندن مركز المقريزي للدراسات التاريخية، وهو المركز الذي يديره المدعو هاني السباعي.
للتحريض على العنف ضد مصر، ودعوة الخلايا النائمة للعودة للإرهاب.
فى جلسة مجلس الأمن التي عقدت يوم 10 أبريل 2017، من أجل اتخاذ قرار بإدانة سوريا فى ضرب المدنيين بالغازات المحرمة دوليًا، اتهم المندوب الروسي حكومة بريطانيا بأنها تأوي إرهابيين متهمين بتفجير الكنائس فى الشرق الأوسط، فى إشارة منه إلى التفجيرات التي وقعت بمصر يوم 9 أبريل 2017.
والواقع أن المندوب الروسي لم يبتعد كثيرا عن الحقيقة باتهامه بريطانيا، لأنه من المعروف أن لبريطانيا تاريخ طويل في إنشاء وتأسيس الإرهاب فى الشرق الأوسط، وفى مصر تحديدًا.
كما لن نتحدث عن دور بريطانيا فى تأسيس جماعة الإخوان المسلمين عام 1927 وتبرعها لمؤسسها بمبالغ مالية كبيرة لمزاولة الأنشطة الإرهابية التي تريدها. وأن يبتعدوا عن طريق بريطانيا.
ولكن سأتحدث عن الفترة التي عانت فيها مصر من نيران الإرهاب. وهي فترة الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي. حيث كانت بريطانيا توفر ملاذًا آمنًا للإرهابيين الذين ينفذون عملياتهم فى مصر، ويهربون إلى لندن.
ففي عام 1995 حذر اللورد البريطاني ونستون تشرشل. حفيد الزعيم البريطاني ونستون تشرشل رئيس الوزراء البريطاني الأسبق، الذي قاد بريطانيا إلى النصر فى الحرب العالمية الثانية، من النشاط المتنامي للجماعات الإرهابية فى بريطانيا. وخصوصًا نشاط حزب التحرير الإسلامي، الذي بدأت قواعده تظهر فى بريطانيا.
وكانت مجلة اليقظة الكويتية قد أجرت حوارًا صحفيًا فى يناير عام 1995 مع عمر بكري فى بريطانيا، تحدث فيه عمر بكري بجرأة منقطعة النظير وقال: لدينا طموح بإعلان الخلافة الإسلامية من أوروبا، ونأمل فى سيطرة الإسلام- كنظام حياة- فى المجتمع الأوروبي فى العلاقات الاجتماعية والسياسية، مقتنعًا بأن الإسلام هو النظام العالمي الجديد والقديم.
حزب التحرير تأسس فى عام 1953 بمعرفة القاضي تقى الدين النبهاني فى القدس، بعد انشقاقه أو تركه الإخوان المسلمين المصريين، الذين تتلمذ على أيديهم خلال إقامته فى مصر للدراسة بالأزهر الشريف، فيما يرى آخرون أنه تعرف على مرشد الإخوان حسن البنا وعاشر الجماعة، ولكنه لم ينضم إليها، ومن كوادره الفلسطيني صالح سرية، الذى أسس تنظيم الجهاد فى مصر، وكانت أولى عملياته، هي عملية الكلية الفنية العسكرية عام 1971، ومن عباءة هذا الحزب خرجت كل التنظيمات الجهادية فى مصر وتونس وليبيا.
وبعد وفاة مؤسس الحزب عام 1977 خلفه عبدالقادر زلوم، ويهدف الحزب إلى إعلان دولة الخلافة الإسلامية فى سوريا والأردن والعراق. وفى عام 1985 تأسس حزب التحرير الإسلامي فى بريطانيا على يد عمر بكري محمد، السوري الأصل، والذي هاجر عام 1985 إلى لندن وأقام فيها بصفته لاجئًا سياسيًا، وكان نائبه فريد قايم الفلسطيني، وكانا يصدران معا نشرة شهرية تحت عنوان "الخليفة"، ونشرة أخرى بعنون "الفجر".
وفى مطلع التسعينيات قدرت أعداد كوادر حزب التحرير فى بريطانيا بحوالي 300 عضو، ويقوم بنشر تعاليمه بين العرب الذين يدرسون فى بريطانيا وينتمون لجنسيات أجنبية وآسيوية، وتحظى أفكار الحزب بقبول شديد بين أوساط الطلاب الباكستانيين، ويشبه تهافت الطلاب البريطانيين على أفكار حزب التحرير الإسلامي، تهافت الطلاب فى الخمسينيات والستينيات على الفكر الماركسي والأحزاب الماركسية.
وقد امتد نشاط حزب التحرير ليشمل غرب القارة الأوروبية بريطانيا وفرنسا وألمانيا، ومن تلك الدول انطلقت قوافل المساعدات والمساندة إلى الحركات الإسلامية المحظورة فى شمال إفريقيا، كما توسع نشاط الحزب ليشمل اليونان فى أوساط الشرائح السكانية من أصول تركية مسلمة. وقد استغل هؤلاء انفتاح الثقافة الأنجلوساكسونية، والتزام بريطانيا باحترام أدبيات اللجوء السياسي، وتسامح السلطات البريطانية مع حريات المقيمين فى بريطانيا.