بدون استسلام.. حصار القوات الروسية لمدينة ماريوبول الأوكرانية.. الأسباب والنتائج

انقضت مهلة الإنذار الروسي للقوات الأوكرانية في ماريوبول بالاستسلام أو الموت بعد ظهر اليوم الأربعاء دون استسلام جماعي للقوات الأوكرانية، لكن قائد وحدة صامدة في المدينة المحاصرة قال إن قواته يمكن أن تستمر لأيام فقط أو ساعات.

وكتبت نائبة رئيس الوزراء الأوكراني، إيرينا فيريشوك، على موقع فيسبوك أنه سيُسمح للنساء والأطفال وكبار السن بمغادرة ماريوبول، وقال رئيس بلدية المدينة، فاديم بويتشينكو، للتلفزيون الوطني إن أوكرانيا تأمل في إرسال 90 حافلة لإجلاء حوالي 6000 شخص اليوم الأربعاء. وقال إن حوالي 100 ألف شخص ما زالوا محاصرين في ماريوبول.

وقال سيرهي أورلوف نائب عمدة ماريوبول: "من السابق لأوانه معرفة ما سيحدث". وأضاف أن مسئولي المدينة لم يتلقوا بعد تأكيدًا من القوات الروسية بالسماح للسكان بالخروج.

كما قالت الأمم المتحدة، يوم الأربعاء، إن عدد اللاجئين الذين فروا من أوكرانيا منذ غزو روسيا يوم 24 فبراير تجاوز خمسة ملايين. أكثر من نصفهم من الأطفال.

حصار ماريوبول

قصة ماريوبول وحصارها من قبل القوات الروسية، تمثل نقطة سوداء في الحرب على أوكرانيا، فالمدينة التي كانت مزدهرة ويقطنها قرابة 400 ألف شخص، وتسمى بمدينة القديسة مريم، أصبحت مقبرة جماعية، فجرائم الحرب التي ارتكبها الجيش الروسي في أوكرانيا وفي ماريوبول هي الأكثر فظاعة، إذ أفادت التقارير بأن القوات الروسية كانت تقصف بشكل منهجي البنية التحتية المدنية، وأثناء الحصار لم يكن لدى المدنيين فرصة للفرار لأن الهجمات لم تتوقف ولو لدقيقة واحدة، ولم تكن هناك ممرات آمنة، فضلاً عن نفص الطعام والماء.

يذكر أن مصنع آزوفستال للحديد والصلب- وهو مصنع ضخم تبلغ مساحته أربعة أميال مربعة "10 كيلومترات مربعة" في جنوب شرق المدينة- أصبح آخر مركز للمقاومة الأوكرانية في ماريوبول، وموقع يختبئ فيه الأطفال.

مع تقدم القوات الروسية ببطء إلى قلب ماريوبول، أصبح المجمع المترامي الأطراف موطنًا لآلاف الجنود الأوكرانيين، الموقع عبارة عن كتلة من الأنفاق والورش، ويوفر مميزات للمدافعين، بحسب تقرير لموقع CNN. فيما كانت روسيا تقصف المصنع بالمدفعية والغارات الجوية، وطلبت موسكو من القوات الاستسلام، فيما رفضت القوات الأوكرانية الاستسلام وتسليم أسلحتها حتى انقضاء المهلة اليوم.

يذكر أن هذا ثاني إنذار تواجهه القوات الأوكرانية في المصنع هذا الأسبوع. على الرغم من الحصار الروسي، قالت وزارة الدفاع الأوكرانية إنه لم يستسلم جندي واحد عندما انقضت مهلة مماثلة يوم الإثنين الماضي، وكذلك اليوم.

لم يتضح عدد القوات الأوكرانية المتبقية في المدينة، إذ تفيد التقارير بأن حوالي 500 جريح من القوات يتلقون الرعاية في مصنع الصلب، وعلى الرغم من ذلك لا تزال الروح المعنوية الأوكرانية مرتفعة.

لماذا تهتم روسيا بماريوبول؟

قال مسئولون دفاعيون أمريكيون، أمس الثلاثاء، إن حوالي 76 كتيبة روسية- مجمعة من وحدات المدرعات والمشاة والدفاع الجوي الروسية- تعمل داخل أوكرانيا، وتركز حوالي 12 منها على الهجوم في ماريوبول.

تكمن أهمية ماريوبول في أنه إذا سقطت المدينة في أيدي الروس، فسيتم تحرير حوالي 10000 جندي للمشاركة في الهجوم الروسي المعاد تركيزه على منطقة دونباس، والسماح لموسكو بربط قواتها في شبه جزيرة القرم المرفقة بالقوات الانفصالية في الشرق.

وإذا تم الاستيلاء على ماريوبول، فإن روسيا ستنتهي أيضًا بالسيطرة الكاملة على بحر آزوف، وتقطع تجارتها البحرية وتعزلها عن العالم. كما أن سقوط ماريوبول سيوفر للرئيس الروسي فلاديمير بوتين فرصة دعائية كبرى، وسيستثمر الكرملين هذا لإظهار للروس أن الحرب تحقق أهدافها.

يأتي التصعيد في ماريوبول بعد فشل الغزو الروسي المستمر منذ ما يقرب من ثمانية أسابيع في السيطرة على أي من أكبر المدن الأوكرانية، وهو ما دفع موسكو إلى الانسحاب من شمال أوكرانيا بعد صد هجوم على كييف الشهر الماضي، لكنها أعادت دفع القوات لشن هجوم على الشرق بدأ هذا الأسبوع، حيث تحاول روسيا السيطرة الكاملة على ماريوبول منذ الأيام الأولى للحرب.