قرأ 10 ساعات متواصلة.. حكاية أول أجر تقاضاه الشيخ عبدالباسط عبدالصمد
بدأ الراحل الشيخ عبدالباسط عبدالصمد، قارئ القرآن الكريم، يعشق سماع القرآن الكريم من المشايخ الكبار في مساجد أرمنت ومقابرها، ولكنه كان يفضل سماعه منبعثًا من ذلك الصندوق السحري “الراديو”، بحسب ما جاء في كتاب ألحان السماء للكاتب محمد السعدني، الذي يتحدث عن رحلة قراء القرآن الكريم.
وفى عام 1939 كان هذا الصندوق أندر من الذهب، وكان في أرمنت كلها راديو واحد يبعد عن بيت الشيخ عدة أميال، وكان الشيخ يذهب حيث يوجد الصندوق مرتين كل أسبوع، مرة يوم الثلاثاء، ومرة في يوم الجمعة، وهذه اللحظات التي كان يقضيها بجوار الصندوق هى أسعد لحظات عمره.
كان يجلس مستندًا على جدار الدكان والصندوق السحري ينبعث من داخله صوت كأنه السحر، صوت فيه شجن وقوة وخشوع وفيه رهبة، وفيه دعوة إلى ملكوت الله، كان هو صوت المرحوم الشيخ محمد رفعت.
وفى عام 1940 بدأ الشيخ عبدالباسط عبدالصمد يحترف قراءة القرآن الكريم، وكانت أولى لياليه فى قريته، وفى مأتم أحد أقاربه، وقرأ 10 ساعات كاملة، ثم أعطوه أجره فى الصباح، وكان الأجر 10 قروش فضة كبيرة مثل العيش المرحرح وعليها نقوش بارزة تقول إنها ضربت فى عهد السلطان.
واشترى الشيخ عبدالباسط آنذاك بالأجر الذي حصل عليه من التلاوة، التي تعد الأولى في حياته، "حلاوة طحينية وملبن وكراملة وفول سوداني ولب" ووضع الباقى في حصالة، فقد كان حلمه أن يقطع تذكرة ويركب القطار إلى بلد بعيد، وبالفعل في سن الخامسة عشر تحقق حلمه الكبير، وركب القطار القشاش من أرمنت إلى بلدة مجاورة وسهر هناك حتى الصباح، وعاد ومعه 25 قرشًا كاملة، وكانت هذه الليلة هى تاريخ ميلاده، ففى تلك الليلة ولد قارئ جديد، صوته قوى جميل جذاب، وهو شاب وصحته جيدة، وله أسلوب في القراءة لا يقلد فيه أحدًا، وإنما هو لون جديد.
ومنذ تلك الليلة وبدأت شهرة الشيخ عبدالباسط عبدالصمد تنطلق في عنان السماء، وانفتحت أمامه قصور العمد والأعيان وباشوات الصعيد، وأصبح جواب آفاق يخرج من بيته من أول الشهر ولا يعود إلا في نهايته.