«الأساليب التقليدية لحل النزاعات في اليمن.. دراسة في التاريخ الاجتماعي» لـ رشاد محمد العليمي
صدر مؤخرا عن دار أروقة للنشر والتوزيع كتاب "الأساليب التقليدية لحل النزاعات في اليمن.. دراسة في التاريخ الاجتماعي" للكاتب والباحث الأكاديمي الدكتور رشاد محمد العليمي.
يقول الدكتور رشاد محمد العليمي عبر مقدمته “في عام 1978 كان الأستاذ الدكتور عزت حجازي، أحد أساتذتي في قسم الفلسفة والاجتماع بجامعة صنعاء، الذي أصبح فيما بعد: قسم الفلسفة، وقسم الاجتماع، وإذْ تخصصت في علم الاجتماع طلب مني الدكتور حجازي في سنتي الجامعيةِ الرابعة أن أعد بحثًا للتخرج عن موضوع القضاء القبلي في المجتمع اليمني، فكان بحثًا لا يتجاوز الخمسين صفحة، تقريبا وتحصَّلت في مادة الأستاذ الدكتور عزت حجازي على الامتياز، وهي مادة النظريات الاجتماعية- كما كان للبحث أفضل تقييم”.
وتابع “حين بدأت دراسة الماجستير في جامعة عين شمس عام 1981م تقدَّمت باقتراح للأستاذ الدكتور محمود عودة، رئيس قسم علم الاجتماع في جامعة عين شمس عام 1981، أن أدرس القضاء القبلي في المجتمع اليمني، وبحكم معرفته بطبيعة المجتمع اليمني شجعني على تناول الموضوع، مؤكدًا على أهمية التعرفِ على العوامل التاريخية والاجتماعية والثقافية التي أدت إلى استمرار العرف الخاص بحل النزاعات في المجتمع اليمني تعايشًا مع الشريعة الإسلامية طوال الفترة التاريخية الممتدة لأكثر من ألف عام”.
ويذكر العليمي "كان هذا السؤال محور التساؤلات الفرعية الخاصة بالدراسة التي أُنجزت خلال المرحلة من 1981 إلى 1984، وفي هذه الفترة كانت الأوضاع اليمنية قائمة على وجود دولتين: الجمهورية العربية اليمنية وتشمل المحافظات الشمالية والغربية والوسطى من اليمن، وجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية وتشمل المحافظات الجنوبية والشرقية من اليمن واللتين أصبحتا بعد عام 1990 الجمهورية اليمنية بعد دمج الدولتين المشار إليهما في دولة واحدة ولم يكن بالإمكان حينها إجراء الدراسة على الجزء الجنوبي والشرقي من اليمن؛ نظرا للصراع القائم بين النظامين السياسيين، فاقتصرتُ على المحافظات التي تدخل ضمن نطاق الجمهورية العربية اليمنية، وبعد توحيد الدولتين تمكَّنتُ من توسيع الدراسة لتشمل المحافظات التي كانت خاضعة لما عرف بجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية وخصِّصَ الفصل الرابع من هذه الطبعة لقواعد العرف الخاصة بحل النزاعات في تلك المنطقة.
ولفت العليمي إلى أن إضافة الفصل الرابع في هذا الكتاب جاءت لتحقيق عدد من الأهداف أولها: تضمين هذا الكتاب فصلًا عن حل النزاعات وفقًا للقواعد العرفية، في المحافظات الجنوبية والشرقية، والتي لم تتضمنها الدراسة، نظرا لوجود كيانين سياسيين مختلفين قبل الوحدة "1990"، وقد كان من الضروري أن يتضمن هذا الكتاب ما يمكن أن يكون مفاهيم أو مبادئ عامة للقواعد العرفية الخاصة بحل النزاعات في المحافظات الجنوبية والشرقية؛ لأن الموضوع لم تتم دراسته من قبل باحثين متخصصين، وإذا كان ولابد أن أشير هنا إلى ما هو المطلوب، فهو دراسة مقارنة بين الأعراف واختلافها واتفاقها ما بين المحافظات المختلفة، وعلى الباحثين في المستقبل الالتفات إلى هذا الموضوع، والقيام بهذه الدراسات المقارنة، إلى جانب مقارنة تلك القواعد بمثيلاتها في المنطقة العربية.
الثاني: إبراز القواعد المشتركة بين شمال اليمن وجنوبه في مجال العادات والأعراف خاصة منها القواعد العرفية الخاصة بحل النزاعات فقد اتضح أن هناك قواسم مشتركة كثيرة بين المحافظات الشمالية والجنوبية والشرقية وأن التراث الاجتماعي وقواعد حل النزاعات لها جذور مشتركة مهما اختلفت أو تباينت التسميات أو المفردات، وأن المصالح المشتركة في الانتقال والتجارة والرعي بين المناطق المختلفة في اليمن قبل ظهور الكيانات الحديثة في القرن العشرين ووضع الحواجز والحدود، كانت أساسًا لوحدة ذلك التراث الاجتماعي، وإلا فما الذي يدعو قبائل الجوف إلى الاحتكام في حل النزاعات إلى الحكم بن عجاج في حضرموت، إذا لم يكن هناك تواصل ومصالح مشتركة، وانتقال مفتوح؟! كما أن الهجرة الداخلية اليمنية من منطقة إلى أخرى كانت السمة العامة في حركة السكان تاريخيًا في اليمن، ولكن الخلافات والصراعات كانت انعكاسًا لمحاولة السيطرة والاستحواذ على السلطة والثروة أو فرض أفكار ومذاهب دينية بهدف السيطرة والحكم.
الثالث: الرد على كل الدعوات التي، للأسف، تتبناها بعض القيادات السياسية أو الثقافية والتي تذهب إلى أن هناك اختلافًا شاملًا بين الشمال والجنوب وهي دعوات غير واقعية تقابلها دعوات أخرى تعتبر أن هناك أصلًا وهناك فرعًا وهي دعوات تحمل نفس التطرف والبعد عن الواقع الاجتماعي والثقافي للمجتمع بأبعاده التاريخية والثقافية وهذا يستدعي العمل على معالجة قضايا.
جدير بالإشارة إلى أن الكاتب والأكاديمي الدكتور رشاد محمد العليمي، هو رئيس مجلس الحكم اليمني الآن.