«الألعاب النارية».. خطر يبدد فرحة المناسبات والعقوبة مؤبد
على الملأ وجهارًا تباع الألعاب النارية في الشوارع والطرقات والمكتبات، وتستطيع أن تسمع دويها بصورة مكثفة بتلك الأيام التي نعيشها خلال الشهر المُبارك لاستخدامها من قبل الأطفال والشباب خاصة مع طلقات مدفع آذان المغرب.
وهذا يحدث على الرغم من حظر بيع تلك الألعاب قانونيًا، وتشريع عقوبات على المخالفين لذلك؛ ومع انتصاف شهر رمضان المعظم، وقرب حلول عيد الفطر المُبارك، يكثر بائعي هذه الألعاب النارية بكافة أشكالها، وتتنوع على أشكالها في خطورتها أيضًا.
ومع هذا الانتشار لتلك الألعاب، تتكثف أيضًا جهود مكافحة الدولة لضبط مرّوجيها، وذلك ما ظهر من خلال ضبط أحد الأشخاص بمنطقة الساحل وبحوزته 119 كرتونة بإجمالي 11,900 قطعة ألعاب نارية.
وقبلها بأسابيع تمكنت كذلك الأجهزة الأمنية بمديرية أمن القاهرة من ضبط 36 كرتونة بها كمية من الألعاب النارية مختلفة الأحجام بإجمالي 1,100,250 مليون صاروخ.
وعن رأي القانون في ترويج الألعاب النارية، قال محمود كريم المحامي: «نص قانون العقوبات رقم 58 لسنة 1937 بالمادة 102(أ) أنه يعاقب بالسجن المؤبد كل من أحرز أو حاز أو استورد أو صنع مفرقعات أو مواد متفجرة أو ما في حكمها قبل الحصول على ترخيص بذلك، وتكون العقوبة الإعدام إذا وقعت الجريمة تنفيذا لغرض إرهابي».
وتابع أنه يعاقب بالسجن المؤبد أو المشدد، كل من أحرز أو حاز أو استورد أو صنع بغير مسوغ، أجهزة أو آلات أو أدوات تستخدم في صنع المفرقعات، أو المواد المتفجرة أو ما في حكمها أو في تفجيرها.
كما أكد محمود على أنه يعتبر في حكم المفرقعات أو المواد المتفجرة، كل مادة تدخل في تركيبها، ويصدر بتحديدها قرار من وزير الداخلية، وأضاف أنه حسب القانون فقد قضت المحكمة فضلًا عن العقوبة المنصوص عليها بمصادرة محل الجريمة، والأراضي والمباني والمنشآت المستخدمة في الجريمة، ووسائل النقل المستخدمة في نقلها، وكذلك الأدوات والأشياء المستخدمة في ارتكابها، وذلك كله دون إخلال بحقوق الغير حسن النية.
من جانبه، قال الدكتور محمد سامي استشاري الأمراض الصدرية: «يجب ألا يستهين المواطنين بخطورة الألعاب النارية.. تلك الألعاب لا تتوقف عن كونها مجرد ألعابًا احتفالية بل أنها تتكون من متفجرات ضعيفة الانفجار نسبيًا، كما بأنها تصنع من مواد كيماوية شديدة الاشتعال، وينتج اشتعالها العديد من الألوان والأصوات المدوية».
وعن اختلاف ألوانها وأصواتها نتيجة الاشتعال فأوضح أنه يعود إلى التحكم بدرجة وتنوع هذه الألوان حسب نوع المواد الكيماوية المستخدمة في صناعة المفرقعات.
وأكد أن الشرر أو الضوء والحرارة الناجمة عن استخدام المفرقعات، يعتبر من العوامل المباشرة للإضرار بالجسم، خاصة منطقة العين الحساسة لكون الرماد الناتج عن عملية الاحتراق يضر بالجلد والعين إذا ما تعرض له الانسان بشكل مباشر، مؤكدًا على أنه قد سجلت حالات إصابات عيون بعض الأشخاص بهذه الألعاب، وتمثلت في حروق في الجفن وتمزق في الجفن أو دخول أجسام غريبة في العين أو انفصال في الشبكية وقد يؤدي الأمر إلى فقدان كلي للبصر.
وتابع أنه تعتبر الألعاب النارية من أسباب التلوث الكيماوي والفيزيائي، وكلاهما خطر، فالرائحة المنبعثة من احتراق هذه الألعاب تؤدي إلى العديد من الأضرار، بالإضافة إلى الأضرار الكارثية التي قد تنتج عن انفجار الألعاب النارية إذا كانت مخزنة بطريقة خاطئة على سبيل المثال.
وأضاف: «الألعاب النارية إنما تستخدم من البعض في التعبير منهم على أجواء الاحتفال والأعياد، كما تتعاظم رغبة المستفيدين والمٌستغلين من بيع هذه الألعاب خصيصًا في المناسبات التي عادة ما يرتفع فيها منسوب الطلب على هذه الألعاب الخطرة مضيفًا أن ذلك المفهوم يجب أن يتغير لدى المواطنين، ولا تشكل خطرًا فقط على مستخدميها، بل إنها تشكل كذلك خطرًا على المحيطين بها، لما تسببه من حروق وتشوهات مختلفة تؤدي إلى عاهات مستديمة أو مؤقتة، كما تحدث أضرارًا في الممتلكات جراء ما تسببه من حرائق، إضافة إلى التلوث الضوضائي».
وفي السياق، أوضحت دار الإفتاء في فتوى نُشرت على موقعها الرسمي أن المفرقعات النارية حرام شرعًا ولا يجوز استعمالها في الاحتفالات أو غيره، تحت أي مسمى.
كما أوضح الدكتور علي جمعة خلال أجابته لسؤال أحد المتابعين عما إذا كانت الألعاب النارية حلالًا أم حرامًا، أنّ الألعاب النارية بها نوع من أنواع الترويع للمواطنين الموجودين في المكان وقت انطلاقها، وهذا ما نهى عنه الشرع، مشيرًا إلى حديث النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، الذي قال فيه: «مَنْ رَوَّعَ مُؤْمِنًا؛ لَمْ يُؤَمِّنِ اللهُ رَوْعَتَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»، أخرجه البيهقي في «شعب الإيمان».
كما أكد أن استعمال الألعاب النارية يمثل إضاعة للمال، والذي يعتبر من التصرفات غير المستحبة، فمن سمات الرشد أن يحافظ المرء على ماله ويحسن التصرف فيه، ولا يقوم بصرفه فيما لا نفع منه ولا فائدة، وإنما الحرص على استعماله فيما يعود بالنفع على الإنسان، فهو أفيد له ولمن حوله.