ماذا قال رجاء النقاش عن الشيخ الشعراوى؟
هناك فجوة ذهنية ووجدانية قائمة بين الشيخ محمد متولي الشعراوي، وبين الكثيرين من المثقفين وأصحاب الفكر العلمي المستنير في هذه المرحلة الدقيقة من حياتنا العربية المعاصرة، هكذا بدأ رجاء النقاش حديثه عن الشيخ محمد متولي الشعراوي في مقال له نشر بمجلة إبداع بتاريخ يونيو 1992.
ويكمل النقاش: "الشيخ الشعراوي فيما أتصور يبدع عندما يتحدث في الأمور الدينية فقط، وعندما يقدم للناس تفسيرًا وتحليلًا لهذه الأمور، وما يتصل بها من قضايا متنوعة مثل قضية التوحيد أو الصلاة أو الزكاة، أو غير ذلك مما له علاقة مباشرة بالأمور الدينية، فأحاديث الشيخ الشعراوي في هذا المجال أحاديث مشرقة تضئ النفس وتقوي روح الإيمان عند الانسان، وترفع من قوة الإرادة الدينية عند الفرد، فلا تصبح هذه الإرادة ضعيفة أو قابلة للضياع عند أول امتاحن".
ويواصل: "ولكن الأمور تفلت من يد الشيخ عندما يخرج من الإطار الديني الخالص ليتحدث في علاقة الدين بأمور الحياة المختلفة، هنا يأتي الشعراوي بآراء تصدم العقول الواعية المتفتحة، وتثير كثيرًا من القلق والاضطراب في النفوس، التي تجد سلامها وأمنها في إلغاء أي تناقض بين الدين والحياة".
ويستطرد: "ولا شك أننا جميعا نذكر بعض هذه الآراء التي أعلنها الشيخ من منطلق ديني وهي في حقيقتها آراء خاصة بالشيخ نفسه، ولا علاقة لها بأصول الدين، أو فروعه، وبذلك تكون هذه الآراء بعيدة عن القداسة الدينية رغم أن الشيخ يحاول أن يضفي عليها قداسة ليست لها بأي حال من الأحوال".
ويتابع: "عندما يعلن الشيخ رأيه المعروف في أن نقل الأعضاء من جسم إلى جسم لعلاج مريض وانقاذه من الموت هو عمل يدخل في نطاق الحرام؛ لأنه يؤدي إلى تأجيل لقاء الإنسان وربه، مثل هذا الرأي الذي يعلنه الشيخ كان ينبغي أن يبتعد به عن الدين تمامًا، ولأنه اجتهاد من الشيخ لا يوافقه عليه الكثيرون من أهل الرأي، بل ولا يوافقه علماء الإسلام، الذين يرون في جراحة نقل الأعضاء من جسم إلى جسم عملًا مشروعًا وخطوة متقدمة في تاريخ الطب، هذه العملية تتم بدون عدوان على أحد، وبدون ظلم أو إرغام لأي شخص يتم نقل العضو منه إلى إنسان آخر".