باحث بالمرصد المصري لـ «الدستور»: مشاورات ليبيا في القاهرة تؤكد حرص مصر على تقارب الفرقاء
تنطلق اليوم الأربعاء بالقاهرة، جولة جديدة من المشاورات الليبية بين وفدين من مجلس النواب الليبي والمجلس الأعلى للدولة، لإيجاد قاعدة دستورية توافقية وحل للخلافات القانونية، ضمن محاولة لتسيير إجراء الانتخابات الليبية في أقرب وقت ممكن برعاية مصرية، ستمتد هذه المشاورات أسبوعا كاملا تحت إشراف مستشارة الأمم المتحدة في الملف الليبي ستيفاني ويليامز ، حيث ستتولى لجنة مشتركة تضم 24 عضوًا من البرلمان والمجلس الأعلى للدولة تم اختيارها لهذا الغرض، التفاوض لحلّ المواد الخلافية في مشروع الدستور.
وفي هذا الصدد، يؤكد حسين عبد الراضي، الباحث المتخصص في الشأن الليبي بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، أن اجتماع القاهرة بين ممثلي مجلسي النواب والدولة الليبيين يعد جولة بالغة الأهمية في مسار الأزمة، وتأكيدًا على صدق الرؤية المصرية بأن الحوار السياسي هو الحل الأمثل للتسوية الشاملة.
وأضاف عبد الراضي في تصريحات خاصة لـ"الدستور" أن العام الماضي شهد جملة من التحولات عززت المخاوف من ارتداد ليبيا إلى مربع الانقسام والصدام، سواء انسداد الأفق بين مجلس النواب وحكومة الوحدة ومنح حكومة جديدة برئاسة "فتحي باشاغا" ثقة المجلس، أو الجدل المستمر بين مجلسا النواب والدولة حول القوانين الانتخابية والقاعدة الدستورية، وصولًا لتصاعد الاحتقان بين القوى العسكرية وتعليق ممثلي المنطقة الشرقية باللجنة العسكرية (5+5) نشاطهم.
ويرى عبد الراضي أن دعوة القاهرة لاجتماع ممثلي مجلسي النواب والدولة خطوة مهمة وفرصة ثمينة لحفظ الهدوء النسبي القائم والبناء عليه، وأن مصر حريصة على تقريب الفرقاء وأن يكونوا أصحاب القرار الحاسم في قضيتهم.
وأكد المتخصص في الشأن الليبي، أن أهمية المبادرة المصرية تبرز في كونها خطة عمل شاملة لمعالجة المشهد المتأزم، و تستند بالأساس على دعم فرص الحوار الليبي-الليبي حول ملف القاعدة الدستورية الممهدة لعقد الانتخابات.
ويضيف عبد الراضي أن الاجتماعات المنعقدة بالقاهرة ستركز على التوافق حول ماهية القاعدة الدستورية وآليات تفعيلها، وهو استكمالًا لمباحثات الغردقة بذات الصدد، وأن إدراك القوى الليبية لأهمية تجاوز الإشكاليات الراهنة، وما يتصل بالدور المصري الإيجابي الداعم لتحقيق انجازًا بهذا الملف، يعزز من فرص تحقيق نتائج بالغة الأهمية تفضي لتعظيم فرصة ليبيا في الخروج من ساحات المواجهة والتجاذبات إلى الاستقرار وبناء السلام.
وتابع عبد الراضي أن الدور المصري لابد ان يكون بشكل جاد وحقيقي من أجل استقرار ليبيا، إلى عدة أسباب من بينها الأمن القومي، فضلاً عن الدور المصري في المنطقة، حيث تعتبر مصر دولة فاعلة في المحافل الإقليمية والدولية والتعاون المباشر مع الدول العربية.
واختتم الباحث بالمركز المصري بأن المشهد الليبي المتأزم في كافة أبعاده، التنفيذية والتشريعية والدستورية والأمنية، يهدد بالارتداد عما تم إنجازه من تقدمات سياسية واقتصادية، بالإضافة لكونه خطرًا على صمود اتفاق وقف إطلاق النار الذي جنب البلاد العودة للاقتتال منذ (أكتوبر2020)، لذلك، فإن طرح مبادرة القاهرة في هذا التوقيت الحاسم، وما يقترن بها من خطوات جادة لحفظ استقرار وأمن ليبيا، ويؤكد مركزية الدور المصري في معالجة الأزمة، وقدرة القاهرة على أن تكون منصة للحوار ذات قبول وتأثير واسع لدى الفاعلين المنخرطين بالحالة الليبية.