التوتر الطائفى بسبب رعونة بعض الأشخاص
حادث قتل الكاهن أرسانيوس وديد، كاهن كنيسة السيدة العذراء في منطقة محرم بك بالإسكندرية، يوم الجمعة 8 أبريل 2022 في أثناء سيره بكورنيش سيدي بشر.
حيث قام أحد الأشخاص بطعنه باستخدام سكين كانت بحوزته. ألقى بظلال كئيبة على حالة الاستقرار الأمني بالبلاد وخلوها من الحوادث الطائفية. خلال الخمسة أعوام الماضية، حيث لم نسمع عن حادث طائفي واحد خلال تلك الفترة بعدما اتبع الرئيس عبد الفتاح السيسي سياسة المواطنة والعيش المشترك. التي توقف القتال بين الدولة والجماعات الإسلامية.
ومضت فترة لم نسمع فيها عن الحوادث. بعد أن حكمت محكمة جنايات الإسكندرية في أبريل 2017، بإعدام عادل عبد النور سليمان، الشهير بـ عادل عسلية، المتهم بقتل المجني عليه يوسف لمعى، صاحب محل خمور الإسكندرية في يناير 2017. أي بعد أربعة أشهر فقط من ارتكاب جريمته، والذي أعلن أنه تربص بالقتيل وانتظره وأعد سكينًا لقتله.
المعروف أن الإسكندرية تحتل مكانة بارزة في بين مدن العالم القديم، كما حظيت بمكانة هامة في تاريخ الكنيسة القبطية. ورئيس الكنيسة هو البابا البطريرك فهو بابا الإسكندرية. عاصمة الكرازة المرقسية أو المدينة التي أدخلت مصر في المسيحية حين قصدها مارماريس الرسولي. فأسس كنيسته العريقة.
وقد صارت الإسكندرية مع الوقت أحد أهم بؤر التوتر الديني والأفكار السلفية التي غزت البلاد منذ سبعينيات القرن الماضي. ومن ثم.
يحدث هذا النوع من التوتر الطائفي بسبب بعض التصرفات غير المسئولة التي تصدر عن بعض المسلمين أو الأقباط غير المسئولين، والذين ربما لا يدركون عواقب تصرفاتهم. أو من يطلق عليهم بالمصابين بالأمراض النفسية.
غير أن الأمر لم يسلم من رعونة تصرف بعض الأقباط على نحو يجلب التوتر الطائفي. ومن أمثلتها ما حدث في الإسكندرية في عهد الرئيس مبارك، خلال شهر أكتوبر 2004 قامت فرقة مسرحية مسيحية بعرض نص مسرحي بعنوان كنت أعمى والآن أبصر داخل كنيسة مار جرجس بالإسكندرية.
وإثر ذلك تجمع أكثر من ثلاثة آلاف مسلم أمام منطقة محرم بك في الإسكندرية حتى ساعة متأخرة من يوم 14 أكتوبر 2005 احتجاجا على عرض المسرحية داخل الكنيسة التي قال المحتجون إنها تسيء إلى الإسلام. وأنهى المسلمون المحتجون اعتصامهم أمام الكنيسة بعد ساعات من الحوارات مع الأمن المصري. كما ندد خطيب مسجد محرم بك في الإسكندرية بعرض المسرحية داخل الكنيسة التي شهدت حصارًا استمر نحو عشر ساعات كاملة قبل أن ينجح الأمن في إقناع المعتصمين بإنهاء اعتصامهم.
وقد أصدر المجلس الملي للأقباط بالإسكندرية بيانا في ذلك الوقت، في صحيفة الشرق الأوسط اللندنية في 16اكتوبر 2005، أوضح فيه أن المسرحية التي تحدثت عنها الصحف المستقلة بهدف إثارة الفتنة بين المسلمين والأقباط، عرضت في مكان مغلق منذ أكثر من عامين لمدة يوم واحد في إطار مكافحة الإرهاب في ذلك الوقت.
وأن قصة المسرحية تشبه إلى حد كبير فيلم الإرهابي الذي قام ببطولته الفنان عادل إمام، وتتناول قصة مسيحي شاب أقنعه متشددون إسلاميون بإشهار إسلامه، لكنه اكتشف بعد ذلك تناقضا بين أقوالهم وأفعالهم. نافيا أن تكون الكنيسة قد طبعت المسرحية على شرائط فيديو أو أسطوانات مدمجة، مؤكدا حرص الأقباط على علاقة طيبة مع إخوانهم المسلمين باعتبارهم شركاء في وطن واحد.
وفي يوم 21 نوفمبر 2005 ترددت إشاعات بين أبناء نجع حمادي التابعة لمحافظة قنا في الصعيد أن الكنيسة انحازت لمرشحي الحزب الوطني الحاكم في مواجهة مرشحي المعارضة والمستقلين وجماعة الإخوان المسلمين، وذلك أثناء أجراء الانتخابات النيابية، مما أدى إلى تظاهر أكثر من 2000 من الناخبين أمام مقار اللجان الانتخابية.
وشكا المتظاهرون مما وصفوه بتدخل بعض الأساقفة في العملية الانتخابية، حيث قام بالمرور على اللجان بمصاحبة السكرتير العام لمحافظة قنا، وزعم المتظاهرون أنه مارس ضغوطا على الناخبين الأقباط للتصويت لمرشحي الحزب الحاكم.
ففي يوم 21 أكتوبر 2005، طعن شاب متشدد راهبة اسمها سارة رشدي سيدهم، 40 سنة، وأصاب وهو يلوذ بالفرار محاميا تصادف وجوده في موقع الحادث أمام الكنيسة. وتبين فيما بعد أن المحامي مسيحي وعمره نحو ستين عاما، وقد ألقت قوات الأمن القبض على الشاب الذي لم يتجاوز التاسعة عشرة من عمره. وتم نقل الراهبة والمحامي إلى المستشفى الأميري بالإسكندرية لتلقي العلاج.
تبين من التحقيقات الأولية أن الشاب لا ينتمي لتنظيم، ولكنه ارتكب هذا الحادث متأثرا بما كتبه بعض الصحف المستقلة عن عرض الكنيسة مسرحية زعمت أنها تسيء للإسلام والمسلمين.
الغريب أنه في عصر مبارك لم تحصل قضية طائفية على حكم قضائي واحد طوال ٣٠ سنة. ذلك باستثناء الحكم على حمام الكموني مرتكب مذبحة نجع حمادي عام ٢٠١٠ الذي استهدف الأقباط ليلة العيد في قنا مقابل عشرات من الحوادث التي مرت بلا عقاب.