«التأديبية» تلغى مجازاة رئيس قسم الأمراض النفسية بطب المنصورة
ألغت المحكمة التأديبية بمجلس الدولة قرار رئيس جامعة المنصورة بمجازاة الدكتورة هالة أحمد نوفل، رئيس قـسم الأمـراض النفسية بكلية الطب، بعد ثبوت بطلان التحقيقات التي أجراها عميد كلية الحقوق، والتي جاءت مبتسرة خاوية من الاستعراض القانوني لتفاصيل الشكوى، أو لأوجه مخالفة الطاعنة، جانحًا مائلًا لزُمرة الشاكين، فجنح لجانبهم وأعلى كلمتهم.
وقالت المحكمة إن التحقيق نسب إلى الطاعنة تعسّفها في استعمال سلطاتها كرئيسٍ لقسم الأمراض النفسيّة بكلية الطب بجامعة المنصورة، وخلت الأوراق ما يفيد بصحة هذه المخالفات، وقد التمس رئيس الجامعة حلّاً لأسباب الشكوى، والتوفيق بين الطرفين، إلا أن لجنة التوفيق فشلت في مهمتها وانتهت إلى تعذّر الحلّ، لوجود اتّهامات متبادلة بين طرفي الشكوى، ومن ثم تمت مباشرة التحقيق معها.
وانتهى التحقيق إلى صحّة المخالفات المنسوبة للطاعنة وثبوتها بشهادة الشاكين، مُسلمًا بما عدوه مخالفًا من سلوكها، رغم احتقان علاقة الشاكين ولدد خصومتهم معها، والذي كشف عنه إخفاق محاولات الحل الودّي للخلاف، متناسيًا أن توقيعهم السابق على الشكاوى قام إعلاناً منهم بخصومتهم للطاعنة.
ولم يتحرّ التحقيق تلافيًا لذلك رصد أدلّةٍ أو قرائن ترجّح أقوال الشاكين، كاستطلاع رأي الجامعة بشأن الدورة المنسوب للطاعنة إقامتها أو استعراض اللوائح والقواعد المنظّمة لذلك والتي نُسب للطاعنة مخالفتها، أو استعراض القواعد المنظّمة لإقرار مجلس القسم للدرجات العلمية وما إذا كانت تُجيز للمجلس إقرار البروتوكول دون العرض "السيمينار" أم لا.
كما لم يُرفق بالتحقيقات محضر مجلس القسم المنسوب للطاعنة العبث به، أو يُقدّم المُحقّق ما يقطع بإخلال الطاعنة بامتناعها عن تحديث قوائم الإشراف، أو يُرفق قواعد ناظمة لذلك أو مُطالبات تلقّتها الطاعنة من الجهات الإشرافية بالجامعة تُلزمها بذلك، أو يُثبت جنوحها وهواها في توزيع الإشراف على الرسائل العلمية.
ولم يتقصّ التحقيق صحة دفاع الطاعنة بشأن المشاجرة التي وقعت بين أحد أعضاء هيئة التدريس والمدمن المتعافي وإيراد التقارير الموضوعة بهذا الشأن وما انتهت إليه، أو يُطالع بروتوكول إنشاء وحدة الإدمان ليتحرّى مدى مخالفة الطاعنة له، أو يُثبت إضرارها بالمرضى.
كما لم يلتفت المُحقق لدفاع الطاعنة بشأن تقديم طالب الترقية لملفّ ترقيته قبل انعقاد مجلس القسم بوقتٍ وجيزٍ، فلم يُطلع المحكمة على اللوائح التي قررت الطاعنة استنادها لها في سلوكها، ولتأتي المخالفة الأخيرة عامّةً جامعةً مانعةً لادّعاء الشاكين الشهود، مُستندةً لمناقشات دارت بين الطاعنة والشاكين في أروقة الجامعة أو على مواقع التواصل الاجتماعي أنكرتها الشاكية ودفعت بأنها هي من أصابتها الإهانة وسوء التعامل، فاعتنق التحقيق أقوال الشاكين الشهود ونبذ أقوال الشاكية الخصم، ودون تحرّي شهودٍ من غيرهم أو يستدعى من طلبتهم الطاعنة كشهود نفي.
وشاب التحقيق أيضًا القصور والإخلال بحقوق الطاعنة، إذ قام مبناه على أقوال سبعةٍ من الشاكين التي باتت عمادها، إذ جاءت شهادة من دونهم إذا استُبعدت شهاداتهم غير كافيةٍ لحمل المخالفات على الصحّة، إذ كان ما أدلى به وكيل الكلية، بوصفه عضوًا باللجنة، والذي افتُتحت به التحقيقات، مقصورًا على إخفاق لجنته في تحديد سبب الشكاوى لوجود تراكمات بين الطرفين.
وكانت شهادة الدكتورة وفاء عبدالحكيم، شهادةً فرديّةً غير حاسمةٍ وقائمةً على ما سمعته من الشاكين في البعض الآخر، وجاءت شهادة الدكتور رشدي محمد مؤيّدةً لشخص الطاعنة مُرجّحةً لمُعظم سلوكها، وكذلك جاءت كلمات الدكتور محمد فريد في أقواله المختصرة، كما سُئلت في التحقيق سكرتيرة مجلس القسم، والتي جرى سؤالها باقتضابٍ عن مخالفةٍ واحدةٍ دون سواها رغم صلاحية هذه الشاهدة بحكم وظيفتها لكشف خلفيات عدد من المخالفات المنسوبة للطاعنة.
والتفت التحقيق عن شاهدي النفي المطلوبين من الطاعنة، وأعرض عن تتبّع ما أسندته من تصرّفاتها للقوانين، فلم يطّلع أو يُرفق بالتحقيقات اللوائح المنظمة لعمل مجلس القسم أو قوائم الإشراف أو البروتوكول المُنظّم لعمل وحدة معالجة الإدمان أو محاضر مجلس القسم محل المخالفات، لينتج عمّا تقدّم تحقيق مبتسر خاوٍ من الاستعراض القانونيّ لتفاصيل الشكوى، أو لأوجه مخالفة الطاعنة، جانحًا مائلًا لزُمرة الشاكين، فجنح لجانبهم وأعلى كلمتهم، مما أدى إلى بطلان التحقيق لإخلاله بضماناتٍ جوهريّةٍ.
ولا يفوت المحكمة أن تكشف عمّا التمسته من ملابسات ووقائع من أن ما نُسب للطاعنة أو سيق لإدانتها لا يعدو أن يكون من مظاهر سوء الإدارة وتبعات ارتباكها، وهو ما يجد لمعالجته أو تلافيه أو تسوية آثاره مناحٍ وسُبُلٍ أُخرى ليس من ضمنها سبيل التأديب أو توقيع الجزاء، ولهذه الأسباب قضت المحكمة بإلغاء قرار رئيس جامعة المنصورة فيما تضمنه من مجازاة الطاعنة بعقوبة التنبيه.