22 يوليو فى تاريخ مصر!
ربما يثير هذا العنوان فضول البعض ويطرح على نفسه السؤال التالى: ماذا حدث فى ٢٢ يوليو؟ والإجابة أن ذلك كان عنوان أحد أهم الكتب عن تاريخ ثورة يوليو: «٢٢ يوليو أطول يوم فى تاريخ مصر!» بقلم جمال حمَّاد.. وبدايةً درجنا على أن نقول ثورة ٢٣ يوليو، بينما الكتاب يشير إلى أن يوم وليلة ٢٢ يوليو هما الثورة فى الحقيقة؛ إذ استيقظ الناس صباحًا على صوت المذياع ينبئهم بحدوث الثورة.. ويرصد الكتاب ما حدث فى ذلك اليوم الذى غيَّر تاريخ مصر.
ومما يزيد من أهمية الكتاب شخصية مؤلفه، اللواء جمال حمَّاد أحد أهم رجال الصف الثانى من الضباط الأحرار، كما يعتبر تاريخ صدور الكتاب، أبريل ١٩٨٣، مؤشرًا مهمًا عن بدايات صدور كتابات جادة عن ثورة يوليو بعد رحيل السادات، وهو ما يشير إليه حمَّاد: «إن هذا الحدث التاريخى الخطير لم يتم تدوينه بعد بالدقة الكافية، والأمانة الواجبة، رغم مئات الكتب التى نشرت عن الثورة، ويرجع السبب فى ذلك إلى وجود بعض أبناء هذه الثورة فى مقاعد الحكم، وانفرادهم طوال الثلاثين عامًا الماضية بمراكز القوة والسلطة، مما لم يتح الفرصة بالطبع للكتّاب والمؤرخين لتسجيل الأحداث والوقائع بأمانة وتجرد وحياد، ولقد رأيت أن الفرصة قد تهيأت أمامى الآن لتسجيل وتحليل أحداث تلك الليلة الخالدة بصفتى أحد الذين أسهموا فى صنع بعض وقائعها».
هنا يشير حمَّاد بذكاء إلى نقطة مهمة، وهى مسألة تدوين التاريخ فى ظل نظام يستمد مشروعيته من ٢٣ يوليو.. ويرى حماد فى عام ٨٣ فرصة ذهبية برحيل السادات، ومجىء مبارك؛ إذ قدم مبارك نفسه من خلال مشروعية حرب أكتوبر، والضربة الجوية الأولى، وأعتقد أننا الآن علينا أن نطرح على أنفسنا السؤال التالى: هل مبارك هو ابن نظام يوليو، أم أنه كان يمثل مرحلة مختلفة؟.
على أى حال احتفلت الأوساط السياسية والتاريخية بكتاب جمال حمَّاد؛ إذ صدر فى ظل حالة الانفراجة السياسية فى بداية عصر مبارك، كما أنه قدم رؤية مختلفة لما حدث، بل ووجّه النقد الشديد إلى أنور السادات، وما كان يستطيع أن يقوم بذلك إلا بعد رحيل السادات.
وأوضح حمَّاد بجلاء عدم مصداقية ادّعاء السادات بأنه المؤسس الحقيقى لتنظيم الضباط الأحرار، وأنه عهد إلى عبدالناصر قيادة التنظيم بعد اعتقاله.. ويشير حمَّاد إلى أهمية تدوين التاريخ بعد رحيل أبطاله: «مَن سأتناولهم فى البحث قد باتوا فى ذمة الله والتاريخ، ولا أنتظر من أحدهم نفعًا ولا ضرًا».
ويوضح حمَّاد مدى حرص السادات على حضور جلسات اللجنة الحكومية التى شكلها لكتابة التاريخ، حتى إنه حضر شهادة الفريق محمد فوزى، وعلق السادات على أحداث هذه الشهادة، لكن فوزى نفى وقوع بعض هذه الأحداث، فنظر إليه السادات بحدة، ثم ضحك فى سخرية موجهًا حديثه للفريق فوزى: «يبدو أنى هعتقلك وهترجع السجن تانى»، مشيرًا إلى حادثة اعتقال فوزى فى مايو ١٩٧١ على يد السادات.
من ناحية أخرى، يُنهى حمَّاد كتابه بإشارة ذكية عن الأبطال المنسيين فى ثورة يوليو: «كان لهذه الثورة جنود مجهولون، وهم ضباط الصف والجنود الذين خرجوا تحت قيادة الضباط الأحرار ليلة ٢٢/٢٣ يوليو وحققوا لهذه الثورة النصر، ولكن لم تسجل لهم أسماء، ولم تسمع عنهم أنباء»!.