قصة بوتشا الأوكرانية.. كيف تحولت مدينة «الشباب» إلى أرض الجحيم؟
دخلت الحرب في أوكرانيا يومها الـ 40، فيما يواصل الجيش الأوكراني طرد القوات الروسية وتحرير المدن المُحتلة، فيما تصدر المعارك في مدينة "بوتشا" العناوين الرئيسية في صحف العالم، حيث وُصفت المعارك فيها بأنها تشبه "الجحيم"، بعد ارتكاب فظائع تصل إلى حد جرائم الحرب فيها.
"بوتشا" هي مدينة صغيرة، وجميلة قرب كييف تتميز بالطبيعة الخلابة والمتنزهات والحدائق الخضراء الكثيرة. وبنيت فيها المجمعات السكنية والمنازل الخاصة الكثيرة لآلاف العائلات الشابة خلال السنوات القليلة الماضية، وكما يبدو أن الحرب قد دمرت بوتشا.
اتهمت السلطات الأوكرانية تتهم الجيش الروسي بارتكاب فظائع. بعد تحرير المدينة التي تقع على بعد 37 كيلومترًا شمال غربي كييف، حيث ظهرت صور مخيفة تؤكد عمليات القتل الجماعي للمدنيين في المدينة، من خلال صور الأقمار الصناعية التي تم جمعها ونشرها من قبل Maxar Technologies.
لماذا دخلت القوات الروسية "بوتشا"؟
بحسب التقارير الدولية فإن القوات الروسية لم تتمكن من التقدم إلى العاصمة الأوكرانية منذ بداية الغزو في 24 فبراير الماضي، رغم المزاعم الروسية في بداية الغزو بأن إسقاط العاصمة سيتم خلال 48 ساعة أو أكثر قليلاً على أقصى تقدير وهو ما لم يتحقق.
بعد عدة أيام من القتال العنيف مع الجيش الأوكراني، لم تتمكن من التقدم القوات الروسية إلى كييف وتحصنت في المدن الواقعة بالقرب منها، والتي كانت "بوتشا" إحدى تلك المدن.
كانت وزارة الدفاع الأوكرانية قد أعلنت رسمياً يوم 1 أبريل، تحرير مدينة بوتشا من أيدي الروس. وبدا أن ذلك يجب أن يفرح الجميع، لكن العسكريين والصحفيين الذين دخلوا المدينة صدموا مما رأوه من فظائع.
هناك العديد من القتلى المدنيين سواء الصغار والكبار سناً في الطريق إلى المدينة. قتل الجنود الروس أولئك الذين استطاعوا المقاومة أي الرجال الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و60 عاماً. معظمهم مقيدي الأيدي وأطلقت النار على رؤوسهم.
بحسب التقارير، فإن المدينة بأكملها عملياً أصبحت مزروعة بالألغام. أشلاء الجثث الملقاة في الشوارع خير دليل على ذلك. بيدو أن الناس وقعوا ضحايا الألغام أثناء ركوبهم الدراجات أو سيرهم على الأقدام.
شهادات من “بوتشا”
يقول المراهق يوري البالغ 14 عاماً من عمره وهو من سكان بوتشا: "حينما كنا نركب الدراجات خرج جندي روسي من خلف المنزل. توقفنا ورفعنا أيدينا وقلنا إننا لا نملك أسلحة. لكن الجندي بدأ بإطلاق النار على والدي الذي سقط على الأرض فوراً. ثم واصل إطلاق النار علي وأصابتني رصاصتان في ذراعي. وقعت على الأرض. أطلق الجندي رصاصة أخرى على رأسي، لكن الرصاصة لم تصيبني بل القلنسوة". بعد ذلك كان يوري ملقى على الأرض لعدة دقائق. فور انصراف الجندي الروسي اتجه راكضاً إلى أقرب ملجأ، حيث تلقى الإسعافات الطبية الأولية. أما والد الصبي فقُتل وهو في 47 عاماً من عمره.
أفادت المطربة الأوكرانية كماليا أن الغزاة الروس أطلقوا النار على عدد من خيولها في إسطبل في بوتشا. بالإضافة إلى ذلك، قاموا بزرع ألغام في نادي بوتشا للفروسية، حسب قولها.
في المقابل، زعمت وزارة الدفاع الروسية أن جميع الصور الفوتوغرافية ومواد الفيديو التي نشرتها السلطات في كييف، والتي تشهد على الفظائع التي ارتكبتها القوات الروسية في بلدة بوتشا، هي جزء من "استفزاز" آخر من جانب أوكرانيا. في البيان، أشار المسؤولون العسكريون الروس بسخرية إلى أنه في الصور، لم تصبح الجثث صلبة بعد ولم يتم رصد أي بقع جثث.
تحرك دولي
قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن مجلس الأمن سيناقش غدا الثلاثاء ملف جرائم الحرب في ضاحية بوتشا ومدن أخرى.وتوقع الرئيس الأوكراني، حزمة أخرى من العقوبات ضد روسيا، مشيرا إلى أن تلك العقوبات لا تكفي، مشددا على ضرورة أن تكون أوكرانيا مضطرين لطلب أسلحة من القوى العالمية للدفاع عن نفسها.
وفور نشر الصور الموثقة من بوتشا، أدلى كلا من المستشار الألماني أولاف شولتس والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بتصريحات أدانوا تورط روسيا في جرائم الحرب هذه وأن مرتكبيها سيحاسبون.
وتجدر الإشارة إلى أنه اعتبارًا من 25 مارس الماضي، بدأت السلطات الأوكرانية تحقيقات في حوالي 2702 جريمة عدوان وجرائم حرب، وكذلك 1640 جريمة ضد الأمن القومي.
في 15 مارس الماضي، أصدر مجلس الشيوخ الأمريكي بالإجماع قرارًا يطالب بالتحقيق مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين باعتباره مجرم حرب.
وفقًا للأمم المتحدة، حتى 2 أبريل الجاريس، قُتل حوالي 1417 مدنياً، بينهم 121 طفلاً، على أيدي القوات الروسية، وأصيب 2038 شخصًا، بينهم 171 طفلاً. لكن الأرقام الحقيقية قد تكون أعلى من ذلك بكثير بسبب عدم القدرة على أخذ القتلى والجرحى في الاعتبار في المناطق التي تستمر فيها الأعمال العدائية، وكذلك في الأراضي المحتلة.