«فاينانشيال تايمز»: حرب أوكرانيا تهدد بتعميق أزمة روسيا الديموغرافية
اعتبرت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية، في عددها الصادر اليوم الإثنين، أن أعمال القتال الدائر حاليًا في أوكرانيا، تُهدد بتعميق الأزمة الديموغرافية لروسيا؛ حيث أجبر الصراع العمال المهرة على الفرار، ما أدى إلى تفاقم تأثير معدلات المواليد المنخفضة والوفيات في روسيا بسبب وباء فيروس كورونا المستجد "كوفيد-19".
وأعادت الصحيفة، في مستهل تقرير نشرته عبر موقعها الرسمي، إلى الأذهان تصريحا للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، متحدثًا في مؤتمر صحفي في نوفمبر الماضي، بينما كان يحشد قواته على طول الحدود مع أوكرانيا، أكد فيه أن معدل المواليد في روسيا انخفض خلال الحرب العالمية الثانية وفي أوائل التسعينيات بعد سقوط الاتحاد السوفيتي، ما أدى إلى نقص في القوى العاملة.
وقال:"من وجهة نظر إنسانية ومن منظور تعزيز دولتنا ومن وجهة نظر اقتصادية، فإن المشكلة الديموغرافية هي واحدة من أهم المشاكل".
وفي هذا، قالت الصحيفة إن "العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا أدت بدورها إلى تفاقم المشكلة" حيث أثارت الحرب هجرة جماعية للمهنيين المتعلمين، ومن المرجح أن تسفر عن آلاف الضحايا، العديد منهم من الشباب الذين كان من المتوقع أن يسهموا في تعزيز الاقتصاد لعقود قادمة، ما يضاعف من تأثير جائحة كوفيد-19 التي أودت بحياة مليون شخص في تجاوز كبير للمعدلات الطبيعية.
وأضافت الصحيفة أن هذه التحديات تأتي وسط عقوبات معوقة يفرضها الغرب على روسيا بنحو قد يدفع إلى أعمق ركود لها منذ أوائل التسعينيات، ويهدد بخلق اضطراب اقتصادي طويل الأمد في البلاد ما قد يشجع الناس على إنجاب عدد أقل من الأطفال.
وتعليقاً على ذلك، قال إيليا كاشنيتسكي، الأستاذ المساعد في المركز متعدد التخصصات لديناميكيات السكان في الدنمارك، في تصريحات خاصة للصحيفة: أنه مع احتدام الصراع في أوكرانيا، يطلق بوتين النار على قدمه، وأكبر الخسائر لن تأتي من الصراع ولكن من أزمة اقتصادية عميقة في روسيا".
وفي إشارة إلى مخاوف روسيا من هجرة الشباب نتيجة للحرب، أعفت الحكومة الشهر الماضي العمال الشباب في قطاع التكنولوجيا من الخدمة العسكرية الإجبارية، وقدمت لهم فرص رهن عقاري مميزة، كما أعفت شركات تكنولوجيا المعلومات من ضريبة الدخل وعمليات التفتيش، وعززت لهم فرص الوصول إلى قروض رخيصة. فيما أبرزت الصحيفة حقيقة أن القيادة الروسية كانت تأمل في أن يعمل قطاع التكنولوجيا على تسريع التنمية الاقتصادية، ودعم التعافي بعد الوباء.
ومع ذلك، عانت روسيا من مشكلة حادة تمثلت في هجرة العديد من العاملين في قطاع التكنولوجيا منذ بدء العملية العسكرية في أوكرانيا في أواخر فبراير الماضي، وفي الأسابيع الأربعة اللاحقة، غادر ما بين 50 و70 ألف عامل في القطاع البلاد، حسبما قال رئيس اتحاد صناعي في تقرير للجنة برلمانية روسية في مارس.
وقال سيرجي بلجوتارينكو، رئيس الرابطة الروسية للاتصالات الإلكترونية (RAEC)، إن ما بين 70 و100 ألف شخص آخرين سيغادرون على الأرجح في أبريل، في حين قال الخبير الديموغرافي المستقل أليكسي راكشا: "من الواضح أن هناك هجرة تحدث على نطاق كبير وسرعة لم نشهدها من قبل".
وأضاف جان كريستوف دومون، رئيس قسم الهجرة الدولية في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، أن عدد الأشخاص الذين غادروا روسيا في السابق لم يكن مصدر قلق للحكومة، ولكن الوضع الآن يُغير قواعد اللعبة بالتأكيد، وعدد من الدول تنتهز الفرصة".
تجدر الإشارة إلى وفاة أكثر من مليون شخص في روسيا بين مارس 2020 ويناير 2022 أكثر مما كان متوقعًا بناءً على الاتجاهات في نفس الفترة بين عامي 2015 و2019، وفقًا لتحليل البيانات الحكومية بواسطة الفاينانشيال تايمز.