الأزهر: الأم قدوة لأبنائها في محاربة التطرف
قال مرصد الأزهر، إن “للقدوة الحسنة دور كبير في تشكيل المجتمعات وبنائها، وهي محركة ودافعة للإنسان للارتقاء بذاته في أعلى درجات الكمال”.
واضاف المرصد "وهي من القيم التي أكدها الإسلام في كثير من الآيات القرآنية، فقال تعالى: "لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ"، وقال سبحانه: "أُولَٰئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ" في أمر مباشر باتخاذ القدوة الحسنة لما فيها من صلاح شأن العباد، ولما تمثله من واقع معاش ومثال حي للمبادئ والقيم التي يدعو إليها الإسلام، ولطالما كان للمرأة دورها البارز في توجيه أبنائها والتأثير في سلوكهم وأفكارهم، فهي المدرسة الأولى التي يستقي منها الأبناء معتقداتهم ومبادئهم، وهي الطريق الذي يقطعونه طوال حياتهم ليصلوا إلى بر الأمان، وهي التي ينظر إليها الأبناء -غالبًا- مثالًا يُحتذى به".
وتابع "ويرغبون في تكراره في صورة زوجاتهم وأبنائهم وأصدقائهم ومحبيهم، فإذا ما كانت الأم لديها العلم الكافي الصحيح، والفكر السديد الذي ينطلق من هدي الإسلام الحنيف؛ فهي بالتأكيد ستنقل ذلك لأبنائها بسلوكها قبل قولها، وسيتبعها أبناؤها حتى لو لم يدركوا جميع المقاصد التي تنطوي عليها تلك السلوكيات، فهي قدوة مباشرة لهم من خلال ما تمارسه من سلوكيات وأخلاق حسنة، وتوجيه نفوسهم إلى الخير وتعويدهم على الصلاح؛ لأن شاهد الحال أقوى من شاهد المقال، والفعل أيسر في إيصال المعاني من القول".
وواصل "ولكي تكون الأم قدوة، وحقيقة، وحركة وتاريخًا لأبنائها، فلا بد أن تتحلى بأخلاقيات وصفات معينة نذكر منها: إخلاصها في تربية أبنائها واحتمال المكاره من غير ضجر، والتأني في انتظار النتائج مهما بعدت، واحتساب جهدها وتعبها في هذا الطريق لوجه الله تعالى.
- شعورها بالمسؤولية عند غرس القيم والفضائل في أبنائها وحمايتهم، تطبيقًا لقول تعالى: "يَا أَيُّهَا الَذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ"
-غرسها لقيم الانتماء والتعايش وترسيخ مفهوم المواطنة وغيرها من القيم العليا التي يزخر بها تراثنا الإسلامي. أما إذا غاب دور الأم وغفلت عن تبني مسؤوليتها، وأهملت دورها التربوي في إعداد أبنائها، وجهلت انعكاس ذلك على صلاحهم وصلاح الأمة، فإنها بذلك تضع أبناءها بنفسها في مهب الانحراف الأخلاقي أو التطرف الفكري؛ فيبتعدون عن منهج الله وفطرته، ويجهلون أو يتهاونون في شعائرهم الدينية، وينساقون وراء دعوات مغرضة وفتاوٍ مدسوسة، فيسقطون في براثن التطرف الفكري، ويشوهون صورة الإسلام المشعة بالعدل والرحمة والإحسان والتسامح ويصورونه –بممارساتهم الخاطئة- بأنه دين عنف وغلظة.
وأضاف أنهم يفسدون في الأرض ويقومون بأعمال تخريبية، ويخلّون بأمن المجتمع، ويمزقون وحدة الأمة ويضعفون شوكتها، وينشرون الرعب والفزع في نفوس العباد. على عكس الإنسان المتسلح بعقيدته وأخلاقه، المدرك لقيمته، المرتكز على المعاني الإنسانية لرسالة الإسلام التي جاءت لتتمم مكارم الأخلاق، ولتصون الدين والأنفس والأعراض والأموال، والتي لا تطرف فيها ولا مغالاة ولا إفراط ولا تعصب ولا تشدد ولا إكراه ولا إرهاب ولا ترويع للغير، فمثل هذا الإنسان لا ينساق أبدًا وراء دعوات مغرضة، ولا تغريه مصطلحات براقة، بل يقيم نفسه ويهذبها، فيبتعد عن ألوان الانحراف الأخلاقي ويراقب الله في كل أعماله، ويتحلى بمكارم الأخلاق.
وذكر أن تطرف الشباب وانحرافهم عن السلوك القويم سرطان ينخر في جسد أي مجتمع؛ فيمزق لُحمته، ويبدد نسيجه الأخلاقي والقيمي، مما يجعل القضاء عليه واجبًا دينيًّا ووطنيًّا وإنسانيًّا، والأم بكونها قدوة فطرية لأبنائها، يقع على عاتقها العبء الأكبر في تحصين أبنائها وتأهيلهم ليكونوا عزًّا لدينهم وأوطانهم وأمتهم، فيا أيتها الأمهات: "اصبرن، واحتسبن، وصُنَّ أمانة الله في أنفسكن وأبنائكن".