السفر والامتحانات وحكم فدية الصيام.. «الإفتاء» ترد على جميع الأسئلة
أعلنت دار الإفتاء المصرية عن استطلاعها هلال رمضان اليوم الجمعة 1 أبريل، من خلال لجانها الشرعية والعربية المنتشرة بجميع أنحاء الجمهورية في حفل رسمي وشعبي يقام في مركز الأزهر للمؤتمرات في مدينة نصر بعد صلاة المغرب.
وقد قامت دار الإفتاء بالإجابة على الكثير من الأسئلة الخاصة بالشهر الفضيل، شهر رمضان الكريم على صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» نستعرضها معكم في التقرير التالي:
ما حكم صيام رمضان؟
صوم رمضان واجب بالكتاب والسنة والإجماع، معلوم من الدين بالضرورة، وهو أحد أركان الإسلام.
ما هي شروط وجوب الصيام؟
إذا توافر في الإنسان الشروط التالية فقد وجب عليه صيام رمضان:
1) الإسلام.
2) البلوغ.
3) العقل.
4) القدرة على الصوم (الخلو من الموانع).
وتتحقق القدرة على الصوم بالصحة؛ فلا يجب صوم رمضان على المريض ومن في معناه ممن تلحقه مشقة بالصوم بنصيحة الطبيب المختص، وبالإقامة فلا يجب على المسافر، وبعدم المانع شرعًا فلا يجب على الحائض والنفساء.
ومن أفطر في هذا الوقت لعذر فلا إثم عليه حينئذ، إلا أن عليه قضاء هذه الأيام التي أفطرها بعد زوال المانع، أما من يتعذر عليه القضاء كالمريض مرضًا مزمنًا لا يستطيع معه الصوم، فعليه فدية عن كل يوم، ومقدارها 10 جنيهات كحد أدنى.
ما هي طرق إثبات دخول شهر رمضان الكريم؟
يثبت دخول شهر رمضان كغيره من الأشهر العربية القمرية برؤية الهلال، ويُسْتَطْلَع بغروب شمس يوم التاسع والعشرين من شهر شعبان، فإذا تمت رؤية الهلال فقد بدأ شهر رمضان، وإذا لم تتم رؤيته فيجب إكمال شهر شعبان ثلاثين يومًا؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ، وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ، فَإِنْ غُبِّيَ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ ثَلاثِينَ»، وبهذه الطريقة أيضًا يثبت دخول شهر شوال.
والاعتماد على الرؤية البصرية هو الأصل شرعًا، مع الاستئناس بالحساب الفلكي؛ إذ المختار للفتوى أن الحساب الفلكي يَنْفي ولا يُثْبِت، فيؤخذ به في نفي إمكانية طلوع الهلال ولا عبرة بدعوى الرؤية على خلافه، ولا يعتمد عليه في الإثبات، حيث يؤخذ في إثبات طلوع الهلال بالرؤية البصرية عندما لا يمنعه الحساب الفلكي.
فإذا نفى الحساب إمكان الرؤية فإنه لا تُقْبَل شهادة الشهود على رؤيته بحال؛ لأن الواقع الذي أثبته العلم الفلكي القطعي يُكَذِّبهم.
وفي هذا جمع بين الأخذ بالرؤية البصرية وبين الأخذ بالعلوم الصحيحة سواء التجريبية أو العقلية، وكلاهما أمرنا الشرع بالعمل به، وهو ما اتفقت عليه قرارات المجامع الفقهية الإسلامية.
كيف يثبت دخول شهر رمضان الكريم؟
• رؤية الهلال.
• إكمال شهر شعبان 30 يومًا.
ما هي فدية الصيام؟.. ما مقدارها وكيفية إخراجها؟
إن صيام رمضان فرض واجب على كل مسلم بالغ عاقل صحيح مقيم، ولكن من عجز عن صيام رمضان وكان لا يستطيع القضاء لاحقًا لكبر سن أو مرض لا يرجى برؤه، فإنه يفطر ويطعم عن كل يوم مسكينًا.
وقد ذهب بعض العلماء إلى أن ما ذكره الله عز وجل بلفظ الإطعام أو الطعام وجب أن يكون طعامًا ، وقد قال تعالى في الصوم: (وَعَلَى ٱلَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ) البقرة: 18.
وبذلك رأى هذا الفريق من العلماء أن إخراج القيمة في الكفارة بدلًا من الطعام لا يجزئ، وأجاز ذلك بعض الفقهاء إذا كان في ذلك مصلحة للمسكين.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: وَأَمَّا إخْرَاجُ الْقِيمَةِ فِي الزَّكَاةِ وَالْكَفَّارَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. فَالْمَعْرُوفُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِك وَالشَّافِعِيِّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يَجُوزُ. وَأَحْمَد - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَدْ مَنَعَ الْقِيمَةَ فِي مَوَاضِعَ، وَجَوَّزَهَا فِي مَوَاضِعَ. فَمِنْ أَصْحَابِهِ مَنْ أَقَرَّ النَّصَّ، وَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَهَا عَلَى رِوَايَتَيْنِ. وَالْأَظْهَرُ فِي هَذَا: أَنَّ إخْرَاجَ الْقِيمَةِ لِغَيْرِ حَاجَةٍ وَلَا مَصْلَحَةٍ رَاجِحَةٍ مَمْنُوعٌ مِنْهُ.
وبهذا نري أن الراجح إخراج الفدية طعامًا خصوصًا إذا لم يكن هناك مبرر لإخراج النقود كأن تكون تلك الفدية سيتم نقلها إلى بلد آخر بعيد لعدم وجود مستحقين في مكان الوجوب، أو لوجود من هم أحوج إليها في مكان آخر ويصعب نقل الطعام إليهم كما في حالة المحاصرين أو اللاجئين.
والمقدار المجزئ في الإطعام هو مد من طعام وهو ما يساوي 750 جرامًا تقريبًا عند الشافعية، وعند الحنابلة أن الواجب مد من البر أو نصف صاع من غيره ونصف الصاع هو ما يساوي كيلو ونصف الكيلو من الأرز تقريبًا .
ويجوز إخراج الطعام إلى مستحقيه مطبوخًا أو غير مطبوخ ولا بأس بدفع النقود إلى وكيل، إما شخص أو جمعية يشتري بها طعامًا يدفعه إلى مستحقيه. ويجوز صرف فدية أيام كثيرة إلى مسكين واحد أو فقير واحد وهو مذهب الشافعية والحنابلة وجماعة من المالكية.
هل تسقط فدية الصيام عن الفقير العاجز عن إخراجها؟
ذهب بعض العلماء إلى أن العاجز عن أداء الفدية لفقر تسقط عنه، ولا إثم عليه في العجز، لأنه خارج عن إرادته والله سبحانه وتعالى لا يكلف نفسًا إلا وسعها، وذهب البعض إلى أنها تثبت في حق الفقير ويؤديها إذا اغتنى وتخرج من تركته إذا ترك ما يكفي لذلك، وإذا فرض أن الشخص العاجز عن الصيام قوي بعد ذلك عليه كأن يكون مريضًا يتوقع عدم شفائه وأكرمه الله بعد ذلك بالشفاء، فهنا لا يجب عليه قضاء بل تثبت في حقه الفدية لأنه مخاطب بها.
ما حكم من أفطر قبل غروب الشمس ظنًا منه أنه غروبها؟
يبطل صومه؛ لأنه لا عبرة بالظن البين خطؤه، وعليه الإمساك بقية اليوم والقضاء.
هل يجوز للطالب أن يُفطر في رمضان ليتقوَّى على المذاكرة في أيام الامتحان؟
الجـواب:
ينبغي أن يفرق هنا بين من يستطيع المذاكرة مع نوع من المشقة، وبين من لا يمكنه المذاكرة أصلًا بسبب الصوم، وأن نفرق أيضًا بين مَن يجد عائلًا يعوله وينفق عليه وبين من ينفق هو على نفسه أو عياله، بحيث إن رسوبه سيؤثر على حياته العملية التي لا بد له منها لكسب قوته وقوت عياله، فإذا احتاج الطالب المكلَّف شرعًا احتياجًا أكيدًا يؤثر على معيشته أو معيشة من يعوله إلى المذاكرة في نهار رمضان، وغلب على ظنه بأمارة أو تجربة أن صومه يُفضِي إلى رسوبه المستلزم لضعفه أو عجزه عن إكمال مسيرته التعليمية التي لا بد له منها لاكتساب معيشته ونفقته الأساسية أو نفقة عياله، فإنه في هذه الحالة يباح له الفطر؛ أخذًا بما استظهره ابن عابدين وغيره من إباحة الفطر للخبّاز ونحوه من أرباب الحِرَف الشاقة، والواجب على هؤلاء الطلاب قضاء ما أفطروه بسبب هذه الضرورة أو الحاجة التي تُنَزَّل منزلتها فور زوال هذا الظرف الطارئ عنهم.
ويجب التنبه إلى أن هذه الفتوى إنما هي فتوى ضرورة، والضرورة تقدر بقدرها، وأنها مشروطة بكون مذاكرة الطالب مضطرًّا إليها في شهر رمضان ولا يمكن تأجيلها، ثم هي مشروطة أيضًا بأنه يغلب على ظنه الرسوب إن لم يذاكر، وهي مشروطة ثالثًا بأن هذا الرسوب سيضعفه أو يحرمه من استكمال دراسته التي لا عمل له إلا بها، أو من توفير الاحتياجات التي لا قوام له أو لعياله إلا بها. فإن عُدِم شرط من هذه الشروط فالصوم واجب عليه ولا يجوز له الإفطار.
هل يُرَخَّصُ الفطر لمن يداوم على السفر نظرًا لطبيعة عمله؟
الجواب: رخص الله سبحانه وتعالى للصائم المسافر أن يفطر متى كانت مسافة سفره لا تقل عن مرحلتين وتُقَدَّران بنحو ثلاثة وثمانين كيلومترًا ونصف الكيلومتر، بشرط ألا يكون سفره هذا بغرض المعصية، وأناط الشرع رخصة الفطر بتحقق علة السفر فيه من دون نظر إلى ما يصاحب السفر عادة من المشقة؛ فصلح السفر أن يكون علة لأنه وصف ظاهر منضبط يصلح لتعليق الحكم به.
والحكم يدور مع علته وجودًا وعدمًا، فإذا وُجد السفر وُجِدَت الرخصة، وإذا انتفى انتفت، أمَّا المشقة فهي حكمة غير منضبطة؛ لأنها مختلفة باختلاف الناس، فلا يصلح إناطة الحكم بها، ولذلك لم يترتب هذا الحكم عليها ولم يرتبط بها وجودًا وعدمًا، قال تعالى: {وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوۡ عَلَىٰ سَفَر فَعِدَّة مِّنۡ أَيَّامٍ أُخَرَۗ يُرِيدُ ٱللَّهُ بِكُمُ ٱلۡيُسۡرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ ٱلۡعُسۡرَ} [البقرة: 185]، فمتى تحقق وصف السفر في الصائم ولم يكن إنشاؤه بغرض المعصية جاز له الفطر؛ سواء أشتمل سفره على مشقة أم لا، وسواء أتكرر سفرُه هذا أم لا، حتى لو كانت مهنتُه تقتضي سفره المستمر، فإن هذا لا يرفع عنه الرخصة الشرعية.
وبين الله سبحانه مع ذلك أن الصوم خير له وأفضل مع وجود المُرَخِّص في الفطر بقوله تعالى: {وَأَن تَصُومُواْ خَيۡر لَّكُمۡ} [البقرة: 184]، والصوم خير له من الفطر في هذه الحالة وأكثر ثوابًا ما دام لا يَشُقُّ عليه؛ لأن الصوم في غير رمضان لا يساوي الصوم في رمضان ولا يُدانيه وذلك لمن قدر عليه، فإذا ظن المسافر الضرر كُرِه له الصوم، وإن خاف الهلاك وجب الفطر.