حسن البنا ما بين الصوفية والإرهاب
اعترف حسن البنا، مؤسس جماعة الإخوان، فى كتابه "مذكرات الدعوة والداعية" بأنه قام فى البداية بإنشاء جماعة صوفية وكان اسمها "جمعية الإخوان الحصافية الخيرية"، واختير أحمد أفندي السكري التاجر بالمحمودية رئيسا لها، وهو نائب له، ثم تحولت إلى جماعة الإخوان المسلمين فيما بعد، وذلك لحبه وولعه بالصوفية فى بداية الأمر لأنه تربى فى أحضانها، لذلك انتمى البنا للطريقة الحصافية الشاذلية منذ أن كان طالبًا فى مدرسة المعلمين بدمنهور.
وذكر حسن البنا أنه كان يستمتع بأداء الحضرة والأوراد والأذكار الجماعية للصوفية وبالاحتفال بالمولد النبوي وبزيارة قبور الأولياء والصالحين.
والأكثر من ذلك أن حسن البنا قد تناول فى كتابه (العقائد) أن مذهبه فى الصوفية (أشعرى مفوض)، وقد أثبت الصفات الثلاثة عشرة التى أثبتها الأشاعرة، وتتكون من الصفات السبع التي تسمى صفات المعاني والصفات الخمس التي تسمى الصفات النفسية ثم أثبت صفة الوجود، ومن يثبت ذلك بطريقة الأشاعرة يُعتبر أشعريًا.
ومن هنا يتضح أن البنا كان صوفيا أشعريا باعترافه، وأنه كان يحضر الحضرة الصوفية وأورادهم وأذكارهم، وأنه بايع على الطريقة الحصافية الشاذلية.
ولكن، وتحديدًا فى عام 1928م، قام المدعو حسن أحمد عبدالرحمن محمد البنا الساعاتي، وشهرته حسن البنا،
باستبدال جماعته الأولى التى أنشأها بهدف اعتناق وممارسة الفكر الصوفى بجماعة أخرى باسم "جماعة الإخوان المسلمين".
ولم يكن تأسيس حسن البنا جماعة الإخوان عفويًّا، بل كان مخططا ومرتبًا له، حيث أسهمت أطراف دولية وإقليمية عديدة في التنفيذ، فبمجرد تخرجه من دار العلوم وهو فى عمر 22 عامًا في عام 1928 طلب حسن البنا التعيين في مدينة الإسماعيلية، وهناك اتصل بشركة قناة السويس(الإنجليزية- الفرنسية) وعرض على مسئوليها فكرة تأسيس الجماعة واستطاع أن يحصل منهم على مساعدة مالية قدرها 500 جنيه، وهو مبلغ كبير آنذاك بدأ به البنا إنشاء جماعة الإخوان ومسجدها في الإسماعيلية، كما ورد فى مذكرات البنا نفسه.
كان والد حسن البنا، وكذلك أحمد السكري، زميل البنا، يتابعان أولا بأول أخبار إنشاء الجماعة في الإسماعيلية، وكان حسن البنا يرسل إليهم تفصيلات نشاطه واتصالاته في الإسماعيلية، وما يحققه من نجاح وما يقابله من مشاكل، وهو ما أورده جمال البنا في كتابه (خطابات حسن البنا الشاب إلى أبيه)، الذي نشرته دار الهلال عام 2009، وكان والده يساعده عن طريق شبكة اتصالاته الواسعة والغامضة حتى نقل نشاط الجماعة إلى القاهرة، وعند ذلك سافر أبوه وأحمد السكري إلى القاهرة واستقرا بها، حيث تولى والده منصب (المراقب العام للإخوان المسلمين وعضو اللجنة التأسيسية) وأشرف على إصدار جريدة (الإخوان المسلمين)، كما تولى أحمد السكري منصب (الوكيل العام لجماعة الإخوان).
أخفى حسن البنا الأهداف الحقيقية لجماعته حتى تتستر في البداية في ثوب الدعوة الدينية الخالصة، حيث نصت المادة الثانية من اللائحة الأولى للجماعة عند إنشائها عام 1928 على أن (هذه الجمعية لا تتعرض للشئون السياسية أيا كانت)، ثم جاء التعديل الأول بعد ذلك ليحذف هذه الفقرة بالكامل، ثم التعديل الثاني في عام 1945 ليغير اسم (الجمعية) إلى (هيئة الإخوان المسلمين) التي كشفت عن وجهها الحقيقى كجماعة سياسية، حيث وضعت ضمن أهدافها (إقامة الدولة الصالحة التي تنفذ أحكام الإسلام وتعاليمه) إشارة إلى عملها في أمور سياسية، وسعيها إلى السيطرة على الحكم تحت شعار الخلافة الإسلامية وإقامة الدولة الإسلامية الصالحة.
وسرعان ما قامت الجماعة بتنفيذ جرائم إرهابية وقتل من خلال التنظيم السري لها، وتمثل في اغتيال رئيس الوزراء أحمد ماهر باشا لأنه أسقط حسن البنا في انتخابات برلمان عام 1945، واغتيال رئيس الوزراء الذي خلفه محمود فهمي النقراشي باشا عام 1948 لقراره بحل الجماعة، وأيضا قتل المستشار أحمد الخازندار لإصداره أحكاما ضد الجماعة فى نفس العام.
ولعل أشهر شهادة على شبهة اتصال جماعة الإخوان بأجهزة غربية جاءت من الشيخ محمد الغزالي، وكان عضوًا في الجماعة، وذلك في كتابه (من معالم الحق في كفاحنا الإسلامي الحديث، ص 226) أنه يوقن أن هناك أصابع هيئات سرية عالمية تعبث داخل هذه الجماعة، واتهم أكبر قادة الإخوان، ومن بينهم المرشد حسن الهضيبي، بأنهم من الماسونيين، وقال تعليقا على تولى المستشار حسن الهضيبي منصب المرشد: "استقدمت الجماعة رجلًا غريبًا عنها ليتولى قيادتها.. وأكاد أوقن بأن من وراء هذا الاستقدام أصابع هيئات سرية عالمية".
أما المفكر ثروت الخرباوي، الذى وصل إلى منصب نائب المرشد العام للجماعة، فقد قال: إن البنا أول من وضع ملامح المجتمعين، مجتمع الإيمان الصحيح وهم الإخوان، ومجتمع الباطل وهم باقي المسلمين، حيث تضمنت رسائل البنا خاصة رسائل التعاليم العديد من اللمحات للأمة بأنها كافرة وغاب عنها الإسلام منذ قرون، وأن الله سخره وجماعته ليعيد الإسلام لها.
وقال طارق أبوالسعد، القيادي الإخواني السابق: إن حسن البنا مارس شكلًا من أشكال الخداع الفكري، فقد صنع جماعة ظاهرها الدعوة وباطنها استخدام القوة، مستشهدًا بقول حسن البنا: "سنستخدم القوة عندما لا نجد غيرها، وسننذر أهلها قبلها، وسنكون شرفاء ونتحمل النتائج"، جاء ذلك في رسالة المؤتمر الخامس.
ومن كل ما سبق ذكره يتضح بما لا يدع مجال للشك أننا أمام حقائق مؤكدة، أولاها: إن حسن البنا عندما بدأ التفكير فى إنشاء جماعة، كانت بفكرة ممارسة وإحياء الفكر الصوفى، ولكن سرعان ما اقتنع بتغيير الفكرة بعد تدخل جهات أجنبية ووعده بتقديم دعم مالى كبير فكان إنشاء جماعة الإخوان المسلمين.
وثانيها: إن فكر ومبادئ وأدبيات جماعة الإخوان بُنيت وتأسست على منهج العنف والإرهاب والعنصرية، على خلاف ما يُظهره جماعة الإخوان.
وثالثها: إن جميع الأحداث المرتبطة بجماعة الإخوان منذ نشأتها فى عام 1928م حتى اليوم بقياداتها السابقة والحالية، قولا وعملا، تؤكد عنف وإرهاب ودموية وعنصرية الجماعة.