"هلال شوال" ما بين الإفتاء وتيارات التشدد.. فتاوى تفريق وحدة الأمة
تستغل التيارات السلفية قضية رؤية هلال رمضان وبعدها شوال لتوظيف أغراضها السياسية، و تفريق الأمة، وذلك من خلال الدعوة للإعلان عن العيد ورؤية هلال شوال بعيدًا عن دور الإفتاء الرسمية ومجامع الفقة العالمية .
فتاوى التيارات السلفية تصب في النهاية في القدح في مشروعية عمل دار الإفتاء في استكشاف الهلال، واللجوء للطرق القديمة .
استغلت هذه التيارات السلفية وركب الموجة جماعة الإخوان فيما يعرف بـ"فتنة رؤية الهلال"، الأمر الذي تحدثه سنويا للترويج له عبر قنواتهم ولجانهم الإلكترونية، من خلال بث بعض عبارات
التشكيك في عدم توضيح الرؤية، واستغلال الأمر من الجانب السياسي، وتحديدًا عندما تختلف الدول الإسلامية في رؤية الهلال، خاصة في نهاية شهر رمضان مع بعض الدولة
لأخرى.
يتم توظيف الأمر
سياسيا، حتى إن الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين "اتحاد القرضاوي "، الذي يقوده الآن الدكتور أحمد الريسوني، كثيرًا ما أصدر بيانات يتكلم فيها عن
خلافات طلوع الأهلة الخاصة بالدول العربية والإسلامية حول استكشاف الهلال.
اتباع ولي الأمر في الرؤية
تلاحق دائما دار الإفتاء المصرية هذه الدعاوى والفتاوى الشاذة كل عام لتبصر المسلمين بالحقائق الواجبة، فقد أوضح الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، حكم الاحتكام للرؤية الفلكية في استطلاع الأهلة، وإعلان بداية الأشهر الهجرية وانتهائها، مشيرًا إلى أنه يجب على كُلِّ أهل بلدٍ متابعةُ إمامهم في رؤية الهلال من عدمه؛ بشرط إمكان الرؤية بالحساب الفلكي.
وأضاف علام، في
تصريحات له: "تختلف رؤية الأهلة في بعض الدول عن بعضها، نتيجة لاختلاف
المطالع بينها، فإذا استحالت رؤية الهلال في بلد، كانت دعوى رؤيته فى بلد آخر غير
ملزمة لهم، إلا أن الحج هو حيث يحج الناس، وهذا واحد لا اختلاف فيه؛ جمعًا لكلمة
المسلمين، ومن المقرر أن رؤية المشرقى حجة على المغربي، لا العكس"
وتابع:
"لدينا رؤية علمية وقطعية، أما العلمية فهى ما تقرر شرعًا من أن القطعى
مقدَّم على الظني؛ أى أن الحساب القطعي لا يمكن أن يعارض الرؤية الصحيحة، ولذلك
صدر قرار مجمع البحوث الإسلامية سنة 1964م، واتفقت المؤتمرات الفقهية كمؤتمر جدة
وغيره على الاستئناس بالحسابات الفلكية القطعية مع الاعتماد على الرؤية البصرية
الصحيحة، وهذا يعنى أن الحساب ينفى ولا يثبت، فإذا نفى الحساب القطعى طلوع الهلال
فلا عبرة بقول من يَدَّعِيه، وإذا لم ينفِ ذلك"
يحرم الآخذ برؤية
الفلك.
وخلال السنوات الماضية، كانت تتبني الدعوة السلفية فتوى مشهورة للشيخ محمد إسماعيل المقدم، القيادي
بالدعوة السلفية سابقًا، التي أكد فيها حرمة
الإعتماد على الحساب الفلكي، حيث قال إنه لإثبات دخول الشهر القمري خطآن جسيمان:
أولهما: إسقاط العلة الشرعية الموجبة للصوم والإفطار وهي الرؤية البصرية، والثاني:
إحداث علة للصوم والفطر لم يشرعها الله وهو الحساب الفلكي وإضفاء الحجية عليها.
وتكملة لفتواه،
قال إنه في الاعتماد على الحساب الفلكي إهدار للعلة الشرعية، وإسقاط لحجية الرؤية
الشرعية والحجية القضائية لحكم المحاكم الشرعية، واعتبار لما ألغاه الشرع وهو
الحساب الفلكي، وشذوذ عن اتفاق من يعتد به من أهل العلم وفقهاء المذاهب الذين حُكي
عنهم الإجماع على عدم جواز العمل به.
إشعال الفتنة
وبينما خرج سامح
عبدالحميد حمودة، الداعية السلفي المستقل ، على الجدل حول موعد يوم عيد الفطر
المبارك، قائلا: الحسابات الفلكية تقول إن عيد الفطر يوم الثلاثاء، لأن هلال شوال
سيبدأ مساء يوم الاثنين، لكن يصعب رؤيته، والحساب الشرعي يرفض الحساب الفلكي
ويعتمد على رؤية الهلال.
وقال: من هنا أقول
لا يجوز الاعتماد على الحساب الفلكي في تحديد بداية رمضان أو نهايته، قال صلى الله
عليه وسلم: "صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته" حديث متفق عليه، ويثبت دخول
شهر رمضان بأمرين: إكمال عدة شعبان ثلاثين يومًا، أو رؤية هلال شهر رمضان، وكذلك
في بداية شهر شوال، وهذا ما أجمع عليه أهل العلم، وذكر ابن تيمية أن "العلماء
أجمعوا على أن الحساب لا يُعتمد في إثبات الأهلة"
وأضاف في تصريحات
سابقة: "عليه فإن المعتمد هو رؤية الهلال بالعين المجردة أو بالأجهزة، وإذا
لم يظهر هلال شوال مساء يوم الاثنين 3 يونية 2019، فعلينا إكمال شهر رمضان ثلاثين
يومًا، ويكون عيد الفطر يوم الأربعاء الموافق 4 يونيو، ولا يجوز أن نُحدد بداية
شهر شوال وفقًا للحسابات الفلكية دون رؤية الهلال.
البكاء والتعاطف طرق الإخوان
ويري هشام النجار،
االباحث في الإسلام السياسي، أن جماعة الإخوان ترى أن هذه القاعدة الشعبية هي
مخزونها الذي يجب الحفاظ عليه وتعهده حتى في أوقات هزيمتها وتراجعها وغيابها عن
الساحة السياسية، فإذا عادت عندما تكون الظروف مواتية تجد مخزونها وقاعدتها
المتعاطفة معها والمؤيدة لها فكريا لا تزال تؤازرها.
وتابع: هذا لا
يعنى أن شعبيتها لا تزال كما هي أو أنها لم تهتز، لكن الجماعة تراهن على عدم وعي
البعض وعلى حاجة البعض لمعونات مادية، وعلى وسائلها القديمة في الاستقطاب وجلب
التعاطف.
تحديد الهلال من
الأفراد غير جائز
وحول هذا الجدل قال الدكتور مختار مرزوق مختار،
عضو المجلس الأعلي للشئون الإسلامية، إن تحديد رؤية الهلا لا يجوز لأحد من الأفراد
ولا لجماعة من الجماعات أن يتدخلوا في تحديد رؤية الهلال في مصر بعيدا عن دار
الإفتاء المصرية، وهي التي وحدها المناط بها ذلك وإلا حدثت الفوضى.
وتابع: أن يكون
هناك عيدان أو ثلاثة في البلد الواحد، فإن ذلك يزعزع الأمن والسلم في البلاد بل
ويثير الفتنة.
وأضاف في تصريحات
لـ"أمان": إن بعض الجماعات التي تسعى للمخالفة غالبا تجعل من ذلك اليوم،
وهو يوم فرحة عند المصريين، فرحا سواء بدخول رمضان أو بدخول العيد، وهما من اللحظات
المباركة حيث يفرح المصريون بدخول رمضان أو العيد، تجعل من كل ذلك مثار اختلاف
وشقاق وهذه هي عاداتهم في الغالب.
وأردف قائلا: فنجد
بعض التيارات الإسلامية تؤدى صلاة خاصة في مساجد خاصة بعيدا عن الناس، أو يقيمون الصلاة
بعد الصلاة بنصف ساعة وبعض ذلك موجود في بعض المناطق.
وأشار مرزوق إلى أن
جميع هذه الأفعال التي تصدر من بعض التيارات الإسلامية يجعلنا نقول للمصريين عليكم
بالالتفاف حول دار الإفتاء في الأمر المتقدم حتى يتم قطع دابر الفتنة.
وأوضح أن كل دعوة
تثير الفتن أو تعمل على تهييج مشاعر الناس أو إثارة الشغب يجب منعها ومقاومتها،
وكما قيل الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها.