نكشف دور خلايا التماسيح في خطة داعش لغزو نيوزيلندا "الحلقة 2"
ركز البند السابع من خطة داعش لغزو نوزيلندا على دور الانغماسيين، وهم السلاح الأشد فتكًا الذي يستخدمه داعش ضد خصومه، ومهمة الانغماسي تعتمد على الانغماس بين عناصر الخصم وقتاله في عمق منطقته بهدف إرباكه والتأثير على معنوياته، وتسهيل مهمة الفصيل الذي ينتمون إليه في الاقتحام والسيطرة.
وعادة ما يأتي دور الانغماسي بعد الانتحاري، فبعد تنفيذ عدة تفجيرات انتحارية تربك الخصم، يدخل بعدها الانغماسي لإكمال مهمة إرباك وإحداث خلل في الصفوف الأمامية للأعداء تمهيدًا لهجوم باقي عناصر التنظيم على الأهداف المحددة مسبقًا، ويستهدف من خلال اللجوء إلى الانغماسي لإيقاع أكبر قدر ممكن من الخسائر البشرية لدى الخصم.
فعادةً يستغل الانغماسي حالة الفوضي والاضطراب التي يحدثها عناصر التنظيم بعد قيامهم بتفجيرات ويقوم بمهاجمة العناصر الذين استهدفهم التفجير ويقضون على الأحياء منهم، بحيث لا يتبقي شخص حي بعد الاستهداف، وطبقًا لأدبيات التنظيم فإن الانغماسي يقاتل حتى يقتل، ولا بد أن ينفذ العملية المطلوبة منه على أكمل وجه، فلا مكان للخطأ في استراتجية التنظيم في مثل هذه العمليات التي ينفذها الانغماسي.
وأظهر التنظيم في خطته التدريب الذي يخضع له الانغماسي، حيث يخضع لتدريبات قاسية جدًا من التدريب الرياضي على اللياقة البدنية وعلى قوة التحمل تحت أسوأ الظروف، ويخضع لمعظم هذه التدريبات حاملًا أوزانًا ثقيلة، كما يخضع لتدريبات عسكرية لزيادة مهاراته في الاقتحام والقتال القريب والقنص وكيفية استخدام عنصر المفاجأة في إرباك الخصم.
وبالتوازى مع هذه التدريبات هناك جلسات دينية وعقائدية يخضع لها الانغماسي لتقوية إرادته للقتال (حسب زعم التنظيم)، وليصل إلى قناعة تامة بأن الموت والحياة شيء واحد، فالموت ينقل المجاهد إلى حياة أخرى أفضل، كما أن بقاءه على قيد الحياة يجعله يسهم بشكل أكبر في قتل عدد أكبر من أعداء الدين، وفق عقيدة التنظيم.
وأظهر التنظيم أن عملية اختيار الانغماسي تخضع لعدة شروط لا بد من توافرها، أهمها القوة واللياقة الجسدية العالية، والشجاعة وعدم التردد في الحسم، والتأكد من الولاء المطلق للتنظيم عبر إخضاعه لعدة اختيارات فكرية وعقائدية، فضلًا عن استعداده للموت في سبيل تحقيق أهداف التنظيم.
وبخصوص السلاح الذي يحمله الانغماسي، أظهر التنظيم أن الأسلحة التى يحملها في الغالب خفيفة، ولكن في المعارك الكبرى والاشتباكات العنيفة قد يحمل الانغماسي الأسلحة الثقلية، تصل إلى قيادة الدبابات، فطبقًا لاستراتيجية التنظيم فإن الانغماسي عادةً يحمل ذخيرة تقدر ما بين ثلاثة إلى خمسة أضعاف الذخيرة التي يحملها العنصر العادي في التنظيم، وذلك خلال المعارك العنيفة، كما قد يحتم الأمر أن يزود الانغماسي بحزام ناسف يستخدمه حسب الحاجة للتخلص من خصوم التنظيم.
يشار إلى أن تنظيم داعش عادةً ما يلجأ إلى الانغماسيين في معاركه من أجل إخضاع السيطرة وتمديد نفوذه، أو للتخلص من أعداء بعينهم، أو للمساهمة في تنفيذ خطة لإرباك صفوف العدو، وهذا الأمر نفذته عناصر انغماسية في المعارك التي خاضها التنظيم ضد الجيش الوطني السوري، والميليشيات المسلحة التابعة للجيش والحر، وتنظيم القاعدة، كما استخدم مع الأكراد في الشمال السوري.
وثيقة الإحلال العظيم .. والحث على العنف
وأعاد التنظيم نشر وثيقة "برينتون تارانت"، سفاح نيوزيلندا، والتي سميت بـ"الإحلال العظيم - نحو مجتمع جديد"، وعُرفت في الصحافة الأوروبية بـ"مانيفستو تارانت"، وتحوي أكثر من سبعين صفحة، وما يقارب من 16000 كلمة، والتي تركها قبيل تنفيذه جريمته التي استهدفت مسجدين، حيث أبرزت الوثيقة دوافعه ومبرراته ومعتقداته وما يؤمن به من أفكار، والتي لخص فيها هذه الأمور، بأنه يجب دحر الغزاة عن كامل التراب الأوروبي، وضرورة التخلص منهم وطردهم، فضلا عن إيمانه بضرورة الثأر للصليبيين القدامى في حروبهم ضد المسلمين.
ولجأ التنظيم إلى إعادة نشر هذه الوثيقة لعناصره، حتى يقنعهم بأن الغرب يحمل مشاعر بغيضة تجاه المسلمين كافةً (حسب زعمه)، فضلا عن أنهم يناهضون الإسلام ويسعون لمحاربته والقضاء عليه (حسب ادعائه)، لذلك يحاول التنظيم بث روح الكراهية والغضب تجاه كل ما يتعلق بالغرب وأصحاب الديانات أو العقائد الأخرى، ليكونوا بذلك من أعداء التنظيم الواجب التخلص منهم، واعتبار ذلك هدفا أسمى ولا بد من تجييش كافة الذئاب المنفردة لتنفيذ وتحقيق هذه المهام المطلوبة.
جدير بالذكر، أنه طبقا لمؤشر السلام العالمي، فإن أوروبا كانت أقل المناطق تعرضا للتهديدات والأخطار، مقارنةً بغيرها في المنطقة العربية، كما هو الحال في العراق وسوريا ومصر وليبيا، حيث أظهر المؤشر أن حجم العمليات الإرهابية التي شُنت خلال الفترة من عام 1970 حتى عام 2016، احتلت أوروبا المرتبة الثالثة في الترتيب العالمي حتى عام 2010، (بواقع 21 ألف عملية إرهابية و338 عملية من مجموع 170 ألف عملية و350 عملية، بنسبة 12.5%)، وتراجعت مرتبتها منذ الثورات العربية التي اندلعت، عام 2011، إلى المرتبة الرابعة، وتليها منطقة جنوب آسيا كمناطق مهددة بالعمليات الإرهابية، وتقل العمليات تماما في قارة أستراليا وشرق آسيا.
الذئاب المنفردة
يتضح من الخطة الكاملة التي نشرها تنظيم داعش الإرهابي لحث عناصره على الانتقام من نيوزيلندا أن الذئاب المنفردة التابعة للتنظيم ستكثف نشاطها خلال المرحلة المقبلة، حيث أطلق عليهم هذا المصطلح زعيم التنظيم الإرهابي أبوبكر البغدادي، في منتصف نوفمبر 2014، عندما دعا إلى استهداف المواطنين الشيعة في الممكلة العربية السعودية.
وتكمن خطورة الذئاب المنفرد، حسبما أكد خبراء أمنيون، في صعوبة معرفة عناصر التنظيم أو توقع العمليات الإرهابية التي من المتوقع تنفيذها بسبب بدائية الطرق التي تستعملها الذئاب المنفردة في عملياتها الإرهابية، مثل الدهس بالشاحنات وإطلاق النار داخل التجمعات، أو الطعن بالخناجر أو زرع المتفجرات وغيرها، فضلا عن أن التنظيم الإرهابي لم يعد يعتمد على الوسائل التقليدية للتجنيد، بل أصبحت هناك شبكة معقدة من العلاقات التنظيمة تتم عبر شبكات إلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي.