الرسائل السرية وراء الظهور الإعلامي لزعيم داعش
بعد غياب دام لأكثر من خمس سنوات، ظهر أبو بكر البغدادي زعيم تنظيم داعش الإرهابي في فيديو مرئي بعنوان في "ضايفة أمير المؤمنين" نشره أنصاره عبر منابرهم الإعلامية وبثته مؤسسة الفرقان (أحد الاذرع الإعلامية للتنظيم).
ويمكن تفسير هذا الظهور المفاجئ لزعيم داعش، أنه بمثابة رسالة لأنصاره من أجل رفع روحهم المعنوية، وحثهم على استمرار القتال وإلا تضعف عزيمتهم خاصةً بعد الخسائر التي تكبدها التنظيم في سوريا والعراق.
وأرد "البغدادي" من خلال ظهوره، توجيه رسالة لعناصره تفيد بأنه لايزال على قيد الحياة، ولا صحة للأنباء التي توترات خلال الفترة الأخيرة بشأن إصابته أثر أحد الغارات الجوية التي شنها التحالف الدولي.
ويعد ظهور "البغدادي" وبجابنه سلاح كلايشنكوف، تأكيدأً من زعيم التنظيم أنه لايزال يقاتل ما اسماه أعداء التنظيم، ولابد أن يقتدي به أنصاره ويستمروا في القتال ومجابهة الأعداء الذين تحالفوا ضد تنظيمه المزعوم.
وجاءت كلمة "البغدادي" محاولة منه لمساندة ودعم عناصره، خاصةً أن التنظيم يعاني من انشقاقات كبيرة في صفوفه في الفترة الاخيرة، بعدما خسر "داعش" أخر جيب له في مدينة الباغور شمالي سوريا عقب انتصار قوات سوريا الديمقراطية عليه عسكريًا، وطرده في مارس الماضي من هذه المنطقة.
ويعتبر ظهور "البغدادي" من جديد بعد اختفاء دام لأكثر من خمس سنوات، ضربة للمنشقين والذين طعنوا في خلافته للتنظيم وطالبوا بالانشقاق عن داعش وكف الأيدي عن مبايعة البغدادي، على اعتبار أن زعيم التنظيم هش لا يستطيع القيادة أوالزعامة فضلًا عن تقاعسه عن توجيه أنصاره بشكل مباشر.
وجاءت الرسالة البغدادية كمحاولة لتحويل استراتجية التنفيذ من التمركز في مساحات بعينها إلي مرحلة جديدة أطلق عليها " الضرب السريع والاختباء في الاوغال" أي لايكشف عناصر التنظيم عن افكارهم أو انتماءتهم أو يجهروا ببيعتهم أمام العلن، وانما يحفظوا عهد التنظيم في قلوبهم ويخططون بمفردهم للانتقام.
وحسب ابجديات التنظيم في الأزمات، فأن ظهور البغدادي هادئ وبلحية طويلة بيضاء ومحناة على الأطراف يعد دليلًا على صبره على الابتلاءات التي أصابت التنظيم في الفترة الأخيرة، ودليل على قوته وعزمه على مواصلة القتال ضد الأعداء، وأنه لا يحرص على الاهتمام بنفسه بقدر ما يفكر في انتصار التنظيم مرة أخري والانتقام من أعدائه.
ويمكن إرجاع كلمة البغدادي، ردًا على الاصوات التي نادت بعزله وتسليم القيادة لشخصية أخري أكثر قوة وقدرة على قيادة التنظيم خلال المرحلة القادمة، وما يؤكد ذلك رسالة أحد القيادات الدواعش لعناصر التنظيم بأن ينكثوا البيعة للبغدادي لأنه زعيم ضعيف ومصاب بجروج خطيرة لا تمكنه من قيادة التنظيم وتوجيه عناصره خلال الفترة القادمة، ما يعني ظهور البغدادي بمثابة القشة التي قسمت ظهر البعير وأثبتت أن هذه الدعوات مغرضة وأن الزعيم الحقيقي للتنظيم حيًا يرزق ولم يستطع التحالف الدولي قتله.
أما السبب الأخير، لظهور "البغدادي" في هذا الفيديو يعود إلي الأنباء التي توترات في الفترة الأخيرة بين عناصر التنظيم بشأن محاولة للانقلاب عن البغدادي وتخطيط لقتله من قبل قيادات داعشية أجنبية تريد الانفراد بزعامة التنظيم، ما يعني ظهور البغدداي جاء تأكيدًا لانصاره بأن هذه العملية فشلت وأنه لايزال حيًا وفي مأمن وسط مجموعة من معاونيه وذوي الثقة من قبل زعيم التنظيم.
بالإضافة إلي أنه قد يكون محاولة لتضليل للمتربصين بالبغدادي بشأن مقر اقامته الفعلي في سوريا، أو محاولة تضليلة ليؤكد أنه باقي في سوريا بينما قد يخطط أنصاره وبعض المقربين منه لتهريبه للعراق مرة أخري ليكون في مأمن بعدما أثر الانشقاقات والصراعات التنظيمية على مكانة التنظيم في سوريا.
ووفقًا لبعض الرسائل التي تدوالها داعش، فأن هذا الفيديو والذي ظهر فيه بعض معاوني البغدادي، تم تصويره بعد طرد تنظيم داعش من مدينة الباغور، ولم يتم نشره وقتها لدواعي أمنية، وحتي لا يتم تحديد مكان "البغدادي" بدقه، اي تم إعطاء فرصة لكي ينتقل البغدادي لمكان آمن قبل الإعلان عن الفيديو ونشره.
وحسبما أكدوا في منابرهم الإعلامية، فأن موعد بث الفيديو كان مًحدد ومخطط له، لكي يتم بثه ونشره عقب العمليات الإرهابية التي نفذها التنظيم في سيلارنكا وأسفرت عن مقتل أكثر من 359 شخص فضلًا عن عشرات المصابين بجروج خطيرة، ما يعني انتصار داعش (حسب زعمهم) في تنفيذ الهجمات الإرهابية ثم ظهور البغدادي، سيكون لها أثرًا على العديد من المناصرين والتابعين والراغبين في الانضمام لداعش أن يلعنوا عن بياعتهم وينصروا التنظيم.
يشار إلي أن تنظيم داعش الإرهابي نشر اليوم الأثنين، فيديو مرئي لزعيمه أبو بكر البغدادي بعنوان في "ضايفة أمير المؤمنين" كمحاولة لإثبات أنه لايزال حيًا وقادر على توجيه رسائل تحريضية لأنصاره.
وحرض زعيم التنظيم في الفيديو المرئي الذي بثته مؤسسة الفرقان (أحد الاذرع الإعلامية للتنظيم) والذي وصلت مدته لـ 18 دقيقه، عناصره بأن يواصلوا القتال ضد ما اسماه أعداء الإسلام.
جدير بالذكر، أن هذا الفيديو جاء بعد غياب دام لأكثر من خمس سنوات، حيث ظهر أبو بكر البغدادي زعيم تنظيم داعش الإرهابي، في فيديو مرئي للمرة الأولي في يوليو 2014، يلقي خطابا من جامع النوري في الموصل بعد سيطرة التنظيم على المدينة وإعلانه قيام دولته المزعومة على الأراضي الخاضعة لسيطرته.