حماس وفتح والانتخابات الإسرائيلية المقبلة
تجري الانتخابات الإسرائيلية المقبلة المحددة في التاسع من أبريل، في ظروف استثنائية على الرغم من أن نتائجها قد تحمل نتائج مباشرة بخصوص الشأن الفلسطيني عامة وأوضاع الداخل الفلسطيني خاصة.
ويقول تيسير بركات (58 عاما) في أحد شوارع رام الله لوكالة فرانس برس: "نأمل أن تكون هناك حلول لنعيش بسلام وأمن، لكن خبرتنا كفلسطينيين من تاريخ الانتخابات الاسرائيلية تدل على أننا غالبا ما نكون الوقود لهذه الانتخابات".
ويضيف بركات، وهو يحمل أكياسا من المواد الغذائية: "على الأغلب أنه لن تكون هناك أي تغييرات لها معنى، رغم أملنا بأن يحصل جديد وتتغير الاوضاع"، مكررا: "انطباعنا أننا دائما نحن ضحايا للانتخابات الإسرائيلية".
ووافق قادة الائتلاف الحكومي الإسرائيلي على إجراء انتخابات إسرائيلية مبكرة، بعد أن كانت في نوفمبر، بعد أن شهدت الحكومة التي يترأسها بنيامين نتنياهو، التي تعتبر الأكثر يمينية في تاريخ إسرائيل، أزمات عدة.
قلق فلسطيني
وأصدر معهد فلسطين للدبلوماسية العامة مؤخرا تقريرا يظهر نماذج عن خطاب الكراهية في المجتمع الإسرائيلي ضد الفلسطينيين.
ويقول المدير التنفيذي للمعهد، سالم براهمة، إن الانتخابات أثارت مخاوف من زيادة التحريض، مضيفا لوكالة فرانس برس: "يبدو لي أن التحريض والكراهية أصبحا أكثر تطبيعا في المجتمع الإسرائيلي".
ويتابع: "خطاب الحملة الخاص بالعديد من السياسيين الإسرائيليين يسعى إلى تجريد شعب بأكمله من إنسانيته".
اليمين الإسرائيلي
في الانتخابات الأخيرة عام 2015، سعى نتنياهو إلى تحفيز قاعدته اليمينية، من خلال التحذير في يوم الانتخابات من أن العرب الإسرائيليين يذهبون إلى صناديق الاقتراع "بأعداد كبيرة"، وهو تعليق اعتذر عنه لاحقًا.
وشهدت المفاوضات الثنائية الفلسطينية الإسرائيلية تعقيدات عدة منذ اتفاقية السلام التي وقعها الجانبان في العام 1993، وكان آخرها تجميد هذه المفاوضات في عهد نتنياهو في 2014.
وتتمسك السلطة الفلسطينية بمطالبتها بوقف الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية، وإطلاق الدفعة الأخيرة من المعتقلين لدى اسرائيل قبل اتفاقية أوسلو كشرط لاستئناف المفاوضات.. وتعتبر المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية من منظور المجتمع الدولي غير شرعية.
وكانت كل التقديرات ترجح فوز حزب الليكود، برئاسة نتنياهو، على الرغم من الاتهامات بالفساد التي تحوم حوله، لكنه بات يواجه حاليا منافسة حقيقية من لائحة الوسط، برئاسة رئيس الأركان السابق بيني غانتز، وأعلن غانتز انفتاحه على انسحاب المستوطنين من بعض المستوطنات في الضفة الغربية، لكنه لم يتطرق بتاتا الى حل الدولتين.
ويقول عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، صالح رأفت: "حتى هذه اللحظة، لا نرى فروقا رئيسية بين اليمين وما يطرحه حزب الوسط، هم يطرحون القدس الموحدة واستمرار الاستيطان والسيطرة على الأغوار".
ويضيف: "لا توجد قوى بديلة تتبنى إنهاء الاحتلال وإقامة السلام مع الفلسطينيين.. بالتأكيد نتمنى أن يأتي رئيس وزراء آخر يتطلع نحو السلام مع الشعب الفلسطيني، وليس بفرض عقوبات على الشعب الفلسطيني، مثلما فعل نتنياهو".
المستوطنات والتهجير
ووصلت العلاقات الفلسطينية مع الحكومة الإسرائيلية الحالية إلى أسوأ درجة، عندما أعلنت الحكومة مؤخرا، وبقرار من الكنيست الإسرائيلي، قطع نسبة من الأموال الضريبية التي تجبيها إسرائيل لصالح السلطة الفلسطينية، بداعي أن هذه الأموال تذهب الى أسر المعتقلين لدى إسرائيل بتهم أمنية أو لأسر الذين قتلتهم إسرائيل بعد تنفيذهم هجمات ضد أهداف إسرائيلية.
ويعيش أكثر من 600 ألف إسرائيلي في مستوطنات في القدس الشرقية والضفة الغربية.
ويقول حافظ البرغوثي، وهو رئيس تحرير صحيفة سابق: "قد تسهم الانتخابات في تغيير الوضع القائم في إسرائيل، لكن بالنسبة للفلسطينيين هم خارج هذا الإطار".
ويضيف: "ليس هناك أي حزب إسرائيلي يتحدث عن القضية الفلسطينية، وإن تحدثوا، فبلهجة شرسة احتلالية، مثل: يجب قتل العرب، يجب طرد العرب، ولا دولة للفلسطينيين، أو نمنحهم حكما ذاتيا محدودا تحت السيادة الاسرائيلية".
ويرى أن "اليمين والوسط واليسار متفقون على تجاهل القضية الفلسطينية، يركزون أكثر على شرعنة الماريغوانا، وتخدير الشعب الإسرائيلي بما يقولونه عن الإرهاب والخطر العربي".
ويشير الى تركيز الحملات الانتخابية في إسرائيل حاليا على "التخويف من الخطر الايراني"، مكررا: "ليس لديهم أي مشروع سياسي يطرحونه بشأن القضية الفلسطينية".
خط الممانعة
وأثارت تصريحات غانتز حول إمكانية الانسحاب من الضفة الغربية المحتلة انتقادات من اليمين، في حين وجدها الفلسطينيون مشجِّعة، لكنهم طالبوا بمزيد من التوضيحات.
وتحدث رئيس حزب "المناعة لإسرائيل" بيني غانتز، في مقابلة صحفية عن المسألة الأمنية الإسرائيلية كمسألة مركزية، وقال: "نحن لا نبحث عن السيطرة على أحد، وعلينا أن نجد السبل لنتفادى السيطرة على أناس آخرين".
ولم يذكر صراحة الضفة الغربية، وامتنع عن تحديد أي شروط لاحتمال الانسحاب من الأراضي الفلسطينية.
وتعهد غانتز بالاحتفاظ بمنطقة غور الأردن الاستراتيجية على الضفة الغربية من نهر الأردن، إلى جانب القدس الشرقية المحتلة.
وأصدر حزب غانتز بعد نشر المقابلة توضيحا قال فيه إن "خطة فك الارتباط (الانسحاب من غزة) نفذت بمبادرة حكومة شرعية برئاسة الليكود، وصوّت نتنياهو وقادة الليكود عليها، وفي حكومة غانتز لن تكون هناك عمليات أحادية الجانب تتصل بإخلاء مستوطنات".
وتجري الانتخابات الاسرائيلية في ظل استمرار الانقسام الفلسطيني بين حركتي فتح وحماس، الذي أدى إلى انقسام جغرافي بين قطاع غزة، الذي تسيطر عليه حركة حماس، والضفة الغربية التي تسيطر على أجزاء كبيرة منها السلطة الفلسطينية بقيادة حركة فتح.