إخوان الجزائر علي صفيح ساخن.. التنظيم يسعي لركوب ثورة الشعب وإخوان مصر يرتدون ثياب الواعظين
قيادي سابق: الإخوان خربوا ثورة مصر ويريدون تخريب الجزائر
النجار: إخوان الجزائر ورقة محروقة
فاروق: الإخوان سقطو فكريا وتنظيميا
جاء إعلان رئيس الأركان الجزائري قايد صالح بشغور منصب رئيس الجمهورية تمهيدا لعزل بوتفليقة من سدة الحكم في الجزائر وتفعيل المادة 102 من القانون الجزائري والتي تقضي بإيكال مهام منصب رئيس الجمهورية لرئيس مجلس النواب لحين اجراء انتخابات رئاسية، وهو الأمر الذي رفضه الشارع الجزائري، كما رفض من قبل محاولة بعض الأحزاب والقوى السياسية والدينية ركوب ثورتهم وفي القلب منها جماعة الإخوان الإرهابية والأحزاب والكيانات الممثلة لها.
"جمعية العلماء المسلمين الجزائريين"، دعت إلى ضرورة ضمان حياد المؤسسة العسكرية، كما أنها شددت على ضرورة استمرار الحراك الشعبي والحفاظ على سلميته حتى تحقيق مطالبه، وشددت على عدم الاستجابة للمطالب الشعبية كاملة.
جاء ذلك في "مبادرة" أطلقتها "جمعية العلماء المسلمين الجزائريين" أمس الأربعاء، من خلال ندوة صحافية عقدتها بمقر الجمعية بالعاصمة برفقة مجموعة من هيئات المجتمع المدني الجزائري، في أول تعليق رسمي من الجمعية على خطوة الجيش عزل الرئيس بوتفليقة.
وقالت "علماء المسلمين" في المبادرة التي اختارت لها عنوان "الحل السلمي من أجل مستقبل الجزائر"، بـ"وجوب المحافظة على سلمية الحراك الشعبي واستمراريته إلى غاية تحقيق مطالبه المشروعة.
ودعت إلى "ضرورة ضمان حياد المؤسسة العسكرية واحتفاظها بمهامها الدستورية، المتمثلة أساسا في حفظ أمن الوطن والمواطن، في إطار الشرعية الدستورية ضمانا لعدم الانفلات.
وسجلت الجمعية أنه "وبعد انقضاء الأسبوع الخامس على الحراك الشعبي في مسيراته ووقفاته السلمية الحضارية الراقية، وأمام عدم الاستجابة الكاملة للمطالب المشروعة، فقد برزت بعض الشعارات غير المنسجمة مع التوجه الشعبي العام ومصالحه الوطنية العليا.
وقالت: "نظرا لصعوبة الوضع فإن الحسم في الشكل الذي تعالج به الأزمة الراهنة لا يمكن أن يكون إلا بإحالته على أهل الاختصاص من الكفاءات الوطنية المشهود لها بالصدق والأمانة والنزاهة ونظافة اليد والذمة.
ومن جهتها، نشرت حركة مجتمع السلم "حمس" أكبر الأحزاب الإسلامية فى الجزائر وفرع الاخوان هناك، بيان توضح فيه موقفها من الحراك الشعبى، وضمان الانتقال السلسل للسلطة، موضحة أن المرحلة التي تعيشها الجزائر مرحلة حاسمة في تاريخها لم يمر مثلها منذ الاستقلال، ولا شك أن حالة الفراغ الدستوري الذي تسبب فيه تأجيل الانتخابات دون ترتيبات قانونية وسياسية بديلة متفق عليها ستضعنا أمام حالة شغور منصب الرئاسة يوم 29 أبريل 2019 قد تكون آثارها وخيمة على استقرار البلد.
وفي ظل هذه الأوضاع المتأزمة شعر كثير من الأحزاب والشخصيات بمسؤولية اقتراح رؤى وخرائط طريق لتجنب الأسوء وضمان انتقال سلس للسلطة.
واعتبرت حركة مجتمع السلم نفسها جزء من النسيج الوطني ومن ثم قامت باتصالات ومشاورات لتبادل وجهات النظر مع غيرها للبحث عن المخرج الآمن للجزائر، داعية إلى استمرار الحراك إلى غاية ضمان الانتقال السلس للسلطة وتنحي رئيس الجمهورية وأعوانه.
إخوان مصر
ولم يكن إخوان في مصر بمعزل عن إخوان الجزائر في الثورة فقد خرج وجدي غنيم القيادي الإخواني، محاول الزج بنفسة في ثورة الشعب الجزائري، وبرز مرتديا ثياب الناصح الأمين، مطالبا الشعب الجزائري بإزاحة النظام العلماني الذي فصل الدين عن الحياة – بحد تعبيره.
وأضاف في فيديو له: ينبغي أن يخرج الشعب الجزائري لتطبيق الشريعة وتحكيمها وهذا هدفنا جميعا، وحذر الشعب الجزائري بعدم تكرار ما فعله الإخوان في مصر من قول الشعارات التي كان ينادي بها الإخوان في ثورة يناير مثل مسلم ومسيحي أيد واحدة، وإسلامية إسلامية،" لا تفعلوا ما فعلناه في مصر من يخريج يكون واضحا نخرج نضحي في سبيل الشريعة، وصب غنيم جام غضبه علي التيارات السلفية الجزائرية مثل المداخلة والجالية، واصفا إياهم بأنهم مجرمين.
وعقب محي عيسي القيادي السابق بجماعة الإخوان، علي كلام وجدي غنيم بقوله: بعد أن خربوا ثورة مصر يريدون الان تخريب ثورة الجزائر والعمل على تفتيتها وانقسامها الايديوليجى مضيفا، وجدي غنيم يدعو المتظاهرين بالجزائر الى رفع شعار تطبيق الشريعة والشعارات الاسلامية حقا من الجهل ما قتل.
من جهته، أكد هشام النجار، الباحث الإسلامى، أن وضع الاسلاميين في الجزائر بشكل عام ضعيف نتيجة عدة عوامل أهمها أنهم بمثابة ورقة محروقة لمشاركتهم في السلطة وعلاقاتهم القوية مع مؤسساتها لذا فقد تلوثوا بأوزار المرحلة والحالة التي ينتفض ضدها الجزائريون اليوم لأنهم شاركوا كوزراء وشاركوا في المحليات والبرلمان وتلوثوا بالفساد وكانوا جزءً من فشل الإدارة كغيرهم، لذلك فقدوا أمرين، الأول: مكانتهم وحضورهم كمعارضة سياسية بما يضعف فرص تحقيقهم مكتسبات ومصالح في سياق الحراك الجماهيري الحالي وثانيا فقدوا الكثير من خلفيتهم الدعوية ومقدرتهم على الحشد من منطلق دعوى أي أن رأسمالهم في مجال الدعوة في حالة ضعف.
وأضاف في تصريحات لـ" أمان" أن جماعة الإخوان في الجزار ليست لديهم القدرة على ركوب ثورة الجزائر أولا للسبب الذي ذكرته الآن، ولسبب آخر وهو انقسامهم فالإسلاميون الجزائريون منقسمون وغير موحدين على رؤية سياسية محددة من جهة ولا على آلية للعمل والتحرك من جهة أخرى حتى أنهم منقسمون على الموقف من الاحداث فمنهم مع التمديد لبوتفليقة ومنهم من هو مع الشارع.
وتابع: الى جانب أن القوى الثورية والشارع الجزائري لديه ما يشبه المناعة والحصانة المزدوجة ضد هذا التوظيف من قبل الاسلامية وهي مناعة متمثلة في أولا خبرة الجزائريين المكتسبة من أحداث العشرية السوداء ونتائج صراع التسعينات وما بعدها وما خلفته من قتل وفوضى وكان الاسلاميون والجهاديون طرفا وعاملا اساسيا فيما جرى، ثانيا تتمثل في الخبرة المكتسبة من احداث ما بعد الربيع العربي وتعلمهم الدرس من نتائج ما جرى بالبلاد العربية نتيجة ركوب الاسلاميين للثورات وسعيهم لتوظيفها لصالح برامجهم واهدافهم الخاصة.
وأشار النجار، أن كلام وجدي غنيم لا قيمة له بالمرة وهو مجرد تنفيس وبحث عن دور لمجموعة من العاطلين والعاجزين والفشلة لا أكثر وكلامه يخاطب به من يخوض معهم جدل كلامي فارغ من رفاقه الهاربين هنا وهناك لكن دون اي انعكاس أو أثر على الحالة الجزائرية التي نضجت بما فيه الكفاية بحيث يصعب تماما خداعها بمثل تلك الشعارات.
وأوضح الباحث الإسلامي أن وجدي غنيم يوجه كلامه للجهاديين والقاعدة لأنه يعلم أن الاسلاميين والاخوان موقفهم ضعيف سياسيا ولا حضور لهم ولا مكتسبات إذا سارت الامور بالشكل الطبيعي في سياقه السياسي الجماهيري السلمي، ولذلك هو يحاول محاولة يائسة أن تمارس الخلايا المسلحة هوايتها في قلب الحراك الى مسلح ليجد الاخوان ثغرة ينفذون منها ويهيء لهم المناخ ليلعبوا دورا أكبر باللعب على المتناقضات وتوظيف التنظيمات المسلحة بشكل غير مباشر كما حدث بالحالة المصرية والتونسية والسورية والليبية.
ويرى الباحث في شؤون جماعات الإسلام السياسي عمرو فاروق، بداية المتابع لإخوان الجزائر تخديدا يجد انهم دائمًا لديهم قدرة على المناورة السياسية والخوف في عباءة النظام الحاكم من باب التفاوض والحصول على مكاسب سياسية.
وأضاف في تصريحات لـ" أمان" أن تجربة الإخوان في الجزائر خلال مرحلة العشرية السوداء منحتهم فرصة كبيرة للظهور بمظهر الوسطية الإسلامية اذ انهم انحازوا للجيش في ظل صراعه مع التيارات الاسلامية المسلحة المنبثقة من جبهة الإنقاذ في نهاية القرن الماضي، وانقلبوا عليها وعلى التيار الإسلامي من أجل الحصول على المناصب الوزارية أملا في الوصول تدريجيا للحكم.
وأكد أن الإخوان تضع في مخططها فكرة التدرج والاستقطاب المجتمع الأفقي وليس المواجهة المسلحة المباشرة، ومن ثم تجربة إخوان الجزائر ربما تشهد نوعا من التوازن لاسيما أن تجربة إخوان مصر وإخوان تونس وسقوطهم شعبيا ستكون أمام أعينهم، وبالتالي سيتجه إخوان الجزائر إلي سيناريو التفاوض مع القوات المسلحة الجزائرية لأنهم يدركون انه ليس من مصلحتهم ذلك حتى لو كان ذلك ضد الرغبة الشعبية فسيكون الإخوان ظاهريا في المشهد الثوري وحقيقيا هم شريك أساسي في التفاوض والحراك الرسمي، ومن ثم تراجعت حركة مجتمع السلم عن الدفع بمرشحها واعلنت مقاطعتها لانتخابات وحاليا يرددون أن الإعلام عن شغور منصب رئيس الجمهورية ليس كافيا لارضاء المجتمع الجزائري.
وتابع: يضاف إلى ذلك أن سقوط الإخوان في مصر لم يكن سقوطا تنظيميا فقط لكن كان سقوطا فكريا وتاريخيا ومن ثم سيكون قرار اخوان الجزائر بعيدا عّن ترتيبات التنظيم الدولي خاصة ان ابراهيم منير ومحمود حسين سقطت شرعيتهم مؤقتا، كما ان الممثل الرسمي للجماعة حاليا هو محمود عزت الذي يرغب في اعادة الجماعة للمشهد مرة اخرى دوليا بعيدا عن مشهد العنف والسعى للدخول في تفوض مع الأنظمة الحاكمة.
وأردف قائلًا: لكن لا يمنع كل ذلك سعي الإخوان لتصدر المشهد وركوب الثورة لكن غالبا لن يدخلوا في نزاع مع الجيش وسيقدموا أنفسهم كشركاء في المشهد سياسيا.