تعرف على الحياة العلمية والدينية في مدينة دمياط
إذا تتبعنا الدراسات التاريخية لمصر الحديثة في الآونة الأخيرة، فإننا نجد أن دراسة المدن المصرية لم تنل قدرًا كافيًا من الدراسات الأكاديمية بالقدر الذي نالته المتغيرات السياسية، والأحوال الاقتصادية والاجتماعية، على الرغم إن دراسة تاريخ أى دولة لا تكتمل جوانبه إلا عن طريق دراسة أقاليمه من جميع الجوانب دراسة وافية حتى يتسنى التعرف على سمات وملامح ودور هذا الاقليم التاريخي.
وسوف نستعرض في السطور التالية لكتاب مهم ورد مؤخرًا إلى المكتبة العربية، وأضاف إليها الكثير، وسد فيها ثغرات، ألا وهو "تاريخ دمياط" للدكتور راضي جودة، والذي صدر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب سنة. والدكتور راضي جودة باحث وأكاديمي عرفته المنتديات الثقافية والفكرية والتاريخية، يمتلك أدواته ويوظفها بدقة، حصل على الدكتوراه في التاريخ الحديث والمعاصر من كلية الآداب جامعة القاهرة سنة 2014، وقد أسدى للبحث العلمي وقدم له الكثير، ومنها: كتابه "السويس مدينة التاريخ"، والذي صدر عن المجلس الأعلى للثقافة، وهو في الأصل رسالته للماجستير والتي حصل عليها من كلية الآداب جامعة القاهرة، كما أن الكتاب الذي بين أيدينا هو في الأصل رسالته للدكتوراه والتي حصل عليها من كلية الآداب جامعة القاهرة. بتقدير مرتبة الشرف الأولى.
ويمكن القول إن تاريخ مدينة دمياط قد نال قدرًا من اهتمام الدراسات الأكاديمية في التاريخ الإسلامي وفي العصرين المملوكي والعثماني وبدايات القرن العشرين ومن ثم مثلت فترة البحث من عام 1810-1906م بعدًا غائبًا من تلك الدراسات، الأمر الذي دعانا لدراسة تلك الحقبة من تاريخ المدينة، خصوصًا وأنها تعتبر أهم مدينة تجارية، وصناعية في مصر بعد العاصمة(القاهرة) في نهاية العصر العثماني حتى بداية عشرينيات القرن التاسع عشر.
وقد قسم المؤلف هذه الدراسة إلى تمهيد وخمسة فصول، بالإضافة إلى المقدمة والخاتمة والملاحق...تناول في المقدمة أسباب اختياره لهذا الموضوع، بداية من عام 1810م كانطلاق لهذه الدراسة؛ لأنه شهد حدثًا مهمًا لتاريخ المدينة نفسها؛ لأنه هو العام الذي لم يختلف عليه أحد من المؤرخين أو الوثائق التي اطلعت عليها على أن دمياط أصبحت محافظة ضمن التنظيمات الإدارية التي أجراها محمد على في بداية حكمه على غير ما يذكره البعض أنها أنشئت عام 1817م.أما اختياره عام 1906م نهاية للبحث وهو عام مرتبط بتاريخ المدينة أيضًا حيث إنه العام الذي ألغيت فيه محافظة دمياط وجعلت مركزًا تابعًا لمديرية الدقهلية.
قصة كفاح
وقد تحدث المؤلف في المقدمة عن الصعوبات التي واجهته أثناء رحلته مع هذا البحث، وذلك لأن دراسة الجزء يتطلب دراسة الكل، بمعنى آخر دراسة مدينة مثل دمياط في الفترة من 1810-1906م يتطلب الرجوع إلى تاريخ مصر عامة في تلك الفترة، ومن ثم استخلاص واستنباط ما يخص دمياط خلالها فكان لزامًا عليه الرجوع إلى الوثائق الخاصة بتلك الفترة في وحدات أرشيفية متعددة بالإضافة إلى أرشيفات مختلفة (بدار الوثائق القومية، ودفتر خانة وزارة الأوقاف، ودار المحفوظات) ومن يزيد من الأمر صعوبة كثرة الوثائق الخاصة بمصر في القرن التاسع عشر بصفة عامة ودمياط بصفة خاصة في تلك الأرشيفات من سجلات المحاكم والدواوين والمحافظ وغيرها، وفي الوقت نفسه فقدان سجلات تعداد النفوس الخاصة بدمياط، الأمر الذي أفقد البحث الكثير من التفصيلات أضف إلى ذلك طول فترة البحث التاريخية.
ومن الصعوبات أيضا أنني تكبد العناء ووعثاء السفر في زيارات للعديد من الأماكن التي ذكرت في هذا البحث وقد أشار إليها في حينها، ولم يترك بابًا يستدل منه على ما يفيده في هذا البحث إلا وقد طرقته.
القضايا الشرعية
أما الفصل الثاني" الحياة الاقتصادية": فقد تعرض للجوانب المختلفة لاقتصاد المحافظة من زراعة وتجارة وصناعة بالإضافة لطوائف الحرف، هذا إلى جانب التعرف على خطوط السكك الحديدية والبريد والتلغراف بالمحافظة.
بينما تناول الفصل الثالث": الحياة العلمية والدينية" المدارس بأنواعها أهلية، وحكومية وأجنبية وعليا بالإضافة إلى المدارس الملحقة بالمساجد وغيرها من الكتاتيب، إلى جانب المساجد والكنائس وعلماء الدين وغيرهم.
الأعياد الدينية
ثم جاء الفصل الرابع" الحياة العامة": ليعرض جوانب بعض الأعياد الدينية الإسلامية والمسيحية، الزواج، والمآتم، الأسبلة والحمامات، بالإضافة إلى الشئون الصحية وتعداد السكان.
أما الخاتمة: فقد تعرضت فيها إلى أهم النتائج التي توصلت إليها هذه الدراسة وأرفقت بها عددًا من الملاحق المهمة ذات الصلة الوثيقة بالدراسة.