محمد الأسواني.. مخطط الهروب الكبير من ليمان طرة عام 88
محمد محمود محمد الأسواني، اسمه الحقيقي، بدأت قصته وهو في ريعان الشباب فقد دخل السجن وهو شاب لم يتجاوز خمسة وعشرون عامًا، كان يحمل في جوانحه طموح الشباب وتطلعاته وأفكاره، كان وأصدقاء طفولته، محمد صلاح عبد القادر قتل في أفغانستان، وصلاح السيد بيومي حكم عليه بالمؤبد وأفرج عنه بعد قضائه خمسة وعشرون عامًا، محمد سعد عثمان قتل في سجن.
وكانوا يترددون علي مساجد دعاة السبعينيات، الشيخ عبد الحميد كشك، والشيخ أحمد المحلاوي، والشيخ عبد اللطيف المشتهري، والشيخ عبد الله السماوي، والشيخ حافظ سلامة، وكان التزامهم الديني عامل من عوامل رصد أمن الدولة لهم، وربما لو تعاملت سلطات الأمن بطريقة أخري مع هؤلاء الشباب غير الطريقة المتبعة والمعروفة لما تطور الأمر ونتج عنه مثل هذه الويلات التي دفع ثمنها هؤلاء الشباب أولًا، ثم عائلاتهم وأقاربهم ثانيًا، ثم المجتمع بأسره فيما بعد ثالثًا.
مواقفه المتطرفة
لقد تم إلقاء القبض علي محمد الأسواني في عام 1981م بعد اغتيال الرئيس الراحل محمد أنور السادات، وتحديدًا في 16 أكتوبر من نفس العام، واقتيد إلي سجن القلعة الشهير، والذي كان به مقر مباحث أمن الدولة آنذاك، وتم استجوابه حتي يدلي باعترافات تفصيلية علي علاقاته بآخرين ودوره في تنظيم الجهاد.
وتم إلقاء القبض علي والده الكفيف محمود الأسواني، ووالدته الكفيفة السيدة كوثر، وشقيقة طارق الأسواني، وشقيقته الصغيرة آنذاك عبير الأسواني، وتم اقتيادهم إلي مقر مباحث أمن الدولة في منطقة لاظوغلي، وتعرضهم للضرب، ليلقي ذلك بظلاله علي ملامح شخصية الأسواني وجميع من أحاط به سواء من أقاربه من الدرجة الأولي حتي الدرجة الخامسة أو أصدقائه.
كل ذلك دفعة للتخطيط للهروب من السجن فيما بعد لتفادي التعذيب والإهانة، وتم إلحاق الرجل بقرار الاتهام في قضية تنظيم الجهاد الشهيرة عام 1981م، ليحكم عليه بالسجن المؤبد خمسة وعشرون عامًا، وينتقل من مقرات مباحث أمن الدولة إلي السجون.
قام ومعه بعض رفاق السجن بالإعداد والتخطيط للهروب من السجن، وتنجح المحاولة في سابقة هي الأولي من نوعها في تاريخ السجون المصرية ويخرج محمد الأسواني وخميس مسلم وعصام القمري من السجن ليعيشوا في الحرية 21 يومًا ويتم تصفية عصام القمري وخميس مسلم ويلقي القبض علي الأسواني ويتم القبض علي أسرة الأسواني بأكملها، في تسعينات القرن في وزارة الداخلية اللواء زكي بدر، وأعيد مرة أخري بعد 23 يومًا إلي سجن ليمان طرة.
ليتم إلقاء القبض فيما بعد علي مجموعات طلائع الفتح، وخاصة الجزء الخامس، مجموعة عين شمس، والتي كانت مسئولة عن كفالة المعتقلين السياسيين وذويهم ليتم الزج بهم في القضية بحجة أمداد معلومات عسكرية لهم بخطابات من داخل السجن للخارج ليحكم عليه مرة ثالثة بالسجن عشر سنوات، لتصل جملة أحكام الرجل إلي 47 عامًا كلها من داخل السجن، في سابقة قانونية فريد لم تعرفها الحالة السياسية المصرية.
حتي صدر قرار من المجلس العسكري بالإفراج عنه عقب ثورة 25 يناير 2011، فقد أكدت تقرير الطب الشرعي ما حملته أسرته إلي الرأي لأنه مريض ويحتاج للرعاية صحية كبيرة حيث بلغ من العمر55 سنة،ومصاب بشلل نصفي نتيجة جلطة دماغية وحالته الصحية سيئة، تقدمت الأسرة بأكثر من بلاغ للنائب العام والمجلس العسكري والسيد عصام شرف، رئيس الوزراء ليتم الإفراج عنه في أسرع وقت مثل باقي زملائه وأقرانه ممن أفرج عنهم في الأسابيع السابقة حتى تمتلئ الساحة المصرية بالجهاديين عقب ثورة 2011 بخروج أغلبهم من السجون.
أفكاره
كانت أفكار محمد الأسواني، نابعة من قبل كل العمليات، التي قام بها تنظيم الجهاد في هذا الوقت، فهو كان نفس أفكار أيمن الظواهري، فهو كان يريد أن يكون مجموعة لم يكن يخطط للقيام بعمليات فردية يتم اغتيال بعض الشخصيات فيها، فقد كان يعد ليكونوا خلايا نائمة للقيام بثورة يصبحون فيها هم الحرس الثوري عن طريق التغلغل في الجيش وتكوين فريق من الضباط والقيادات داخل الجيش المصري، فخرج عليه الإخوة.
ولم يتنازل عن أفكاره التكفيرية التي كان يتبنها، بقوله: بالعكس لم أندم أبدًا على أفكاري ومبادئي التي تعلمتها واعتنقتها وتعذبت من أجلها كل هذا العذاب ولكن الله سبحانه وتعالى عوضني بانتصار الثورة وإبادة الظالمين والفاسدين من حكم مصر وهذا دليل قاطع على أننا كنا على خير وعلى بينة وعلى يقين بأن الله عز وجل سينصرنا مهما طال الوقت.
هاجم الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، بقوله: الحمد لله سجله خال من أي أخلاق أو قيم أو رحمة وأذكر في هذا المقام أن شابًا جهاديًا يدعى مرسى حكم عليه بالإعدام في قضايا طلائع الفتح حينما أيد الحكم تفتق ذهن محاميه عند التقدم بطلب لمبارك للعفو عنه غير أن المخلوع لم يستجب وخط بيديه الرد الالتماس مرفوض وينفذ حكم الإعدام، وهو ما يكشف افتقاده لأى ذرة رحمة بقلبه في الأثر يقال الراحمون يرحمهم الرحمن وهو ما لا يتوفر في حالة مبارك الذي ابتهجت جدًا لإفلاته من جميع محاولات الاغتيال حتى يرى نفسه أقصى مظاهر الإذلال والمهانة كما أذاقها لمئات الآلاف من معارضيه.
كما دافع عن الرئيس الأسبق محمد مرسي، قائلًا: مرسى مدين لمن أوصلوه إلى الحكم خصوصًا من جهة الاستجابة لمطالبهم المشروعة وإنهاء جميع تداعيات ما عانوه طوال ثلاثين عامًا في سجون ومعتقلات مبارك فلولا تضحيات هؤلاء ما وصل مرسى للسلطة ولا قامت الثورة والواجب هنا على السلطة العمل على إنصاف هؤلاء ورعايتهم وتعويضهم عن العقود الطويلة في زنازين النظام حتى يتوفر عمل كريم لهم يكفل لهم العيش بكرامة وهذا حق أصيل لهم، لا اعتقد أن لهم مثل هذا التأثير، والمشكلة أن صوتهم عال وهناك أناس يسمعون لهم وأنهم يعارضون مرسى في كل شيء في حين أن مبارك كان يضربهم بالجزمة ولا يجرؤ أي متفلسف منهم على الاعتراض وهؤلاء فشلوا فشلًا ذريعًا طوال العقود الماضية وعليهم أن يصمتوا ويتركوا التأسيسية تعمل والرئيس يعمل والصندوق هو من يحكم على أعمالهم، لاسيما أن ولاية الرئيس لا تتجاوز 4 أعوام.
الأسواني، أحد أهم الشخصيات الجهادية في مصر، فهو زميل عصام القمري ونبيل نعيم ونبيل المغربي؛ فهم من قادوا التيار الجهادي في مصر على مدار أكثر من ثلاثين عامًا.