تعليق مجلة «المنار» على مقال د توفيق صدقي ومعركة الإسلام هو القرآن وحده
قد سبق الكاتب إلى هذا الموضوع غيرُ واحد من المسلمين الباحثين من أشهرهم ميرزا باقر الشهير الذى كان تنصر وصار داعية لمذهب البروتستانت، ثم عُنى بدراسة سائر مذاهب النصرانية ومذهب اليهود، ثم عاد إلى الإسلام باجتهاد جديد، ودعا إليه فى إنجلترا بغيرة وعزم شديد، وقد ذاكرنى الكاتب فى هذا الموضوع مرارًا، وكذلك رفيقه الدكتور عبده أفندى إبراهيم، فأشرت عليه بعد البحث فى كثير من جزئياته أن يكتب ما يراه لعرضه فى المنار على العلماء والباحثين، فننظر ماذا يقولون ثم نقفّى عليه بما نعتقده. فنحن ندعو علماء الأزهر وغيرهم لبيان الحق فى هذه المسألة بالدلائل ودَفْع ما عُرِضَ دونه من الشبهات، فإن المحافظة على الدين فى هذا العصر لا تكون بالنظر فى شبهات الفلسفة اليونانية أو شذوذ الفِرَق الإسلامية التى انقرضت مذاهبها، وإنما تكون بإقناع المتعلمين من أهله بحقية الدين ودفع ما يعرض لهم من الشبهات على أصوله وفروعه الثابتة، وأهونها ما يعرض للمعتقدين المستمسكين ككاتب هذه المقالة، فإننى أعرفه سليم العقيدة مؤمنًا بالألوهية والرسالة على وفق ما عليه جماعة المسلمين مؤديًا للفريضة، وإنما كان إقناع مثله أَهْوَن على علماء الدين؛ لأنه يعد النص الشرعى حُجة فلا يحتاج مُناظره لإقناعه بالألوهية والرسالة ليحتج عليه بنصوص الوحى.
وإنى أعجل بأن أقول: إن أظهر الشذوذ فى كلامه ما قاله فى مسألة الصلاة فإن النبى صلى الله عليه وسلم مبين للتنزيل بقوله وفعله، كما ثبت بنص القرآن وقد تواتر عنه ما يفيد القطعَ بأن الصلاة المفروضة هى ما يعده جميع المسلمين اليوم فرضًا، والكاتب لم يستغنِ عن السنة فى بيان دعواه أن الفريضة ركعتان وغير ذلك، ولا أطيل فى المسألة الآن، وإنما ذكرتها لئلا تعلق شبهتها بأذهان بعض القراء فيطول عليهم العهد بالجواب عنها، وسنفصل القول فى الموضوع بعد أن ننظر ما يكتبه العلماء من بيان ما يجب عليهم أو السكوت عنه، ونحب أن يكون معظم ما يكتب فى أصل المسألة لا فى الأمثلة التى أوردها والله الموفق.