إدلب بلا سلاح ثقيل.. والفصائل أمام مهلة للانسحاب
سحبت الفصائل المعارضة وتنظيمات الإرهاب المسلحة سلاحها الثقيل من المنطقة العازلة المرتقبة حول ادلب مع انتهاء المهلة المحددة لذلك الأربعاء وفق الاتفاق الروسي التركي، في وقت يشكل إخلاء المقاتلين الجهاديين لمواقعهم فيها المهمة الأصعب خلال الأيام الخمسة المقبلة.
وجنّب اتفاق توصلت إليه روسيا مع تركيا، ينص على إقامة منطقة منزوعة السلاح حول ادلب، المحافظة، التي تؤوي ومناطق محاذية لها نحو ثلاثة ملايين نسمة، هجومًا واسعًا لوحت دمشق بشنه على مدى أسابيع.
وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن لوكالة "فرانس برس" "لم يتم رصد أي سلاح ثقيل الأربعاء في كامل المنطقة المنزوعة السلاح".
في نفس السياق تنتهي اليوم الأربعاء مهلة حددها الاتفاق حول إدلب بين روسيا وتركيا لسحب كافة الفصائل سلاحها الثقيل من المنطقة المنزوعة السلاح التي يراوح عرضها بين 15 و20 كيلومترًا، وتقع على خطوط التماس بين قوات النظام والفصائل المعارضة والجهادية.
وسحبت كافة الفصائل المعارضة والتنظيمات خلال الأيام الماضية وفق المرصد سلاحها الثقيل من المنطقة العازلة التي تشمل أطراف محافظة ادلب ومناطق سيطرة الفصائل المعارضة والجهادية في ريف حلب الغربي وريف حماة الشمالي وريف اللاذقية الشمالي.
وتم نقل السلاح الثقيل الى مقرات خلفية للفصائل في عمق محافظة ادلب، وعاين مراسل "فرانس برس" في ادلب الثلاثاء وضع فصائل معارضة دبابات ومدفعية ثقيلة داخل تحصينات على بعد نحو عشرين كيلومترًا من حدود المنطقة المنزوعة السلاح.
وفي خطوة بدّدت شكوك المحللين، التزمت كافة التنظيمات المسلحة وعلى رأسها هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقًا) التي تسيطر على ثلثي المنطقة المنزوعة السلاح بتطبيق البند الأول من الاتفاق.
لكن الاتفاق ينص في مرحلته الثانية على أن تنسحب التنظيمات الجهادية من هذه المنطقة في مهلة أقصاها الاثنين المقبل، وهو ما يشكل الجزء الأصعب.
ويقول الباحث في معهد تشاتام هاوس حايد حايد في تصريحات لوكالة فرانس برس "طبعًا تطبيق بند السلاح الثقيل هو الأسهل، والأصعب انسحاب القوات من هذه المنطقة" التي تعد المعقل الأخير لها.
ورغم أن هيئة تحرير الشام لم تعلن أي موقف من الاتفاق الروسي التركي منذ التوصل اليه، إلا أن محللين يتحدثون عن ضغوط تركية كبرى على كافة الفصائل وبينها الجهادية لتطبيق الاتفاق بحذافيره من أجل ضمان حمايتها من هجوم للنظام بدعم روسي.
وبدت دمشق بدورها واثقة من قدرة تركيا على تطبيق الاتفاق "بسبب معرفتها بالفصائل" وفق ما قال وزير الخارجية السوري وليد المعلم مطلع الشهر الحالي.
وتسيطر هيئة تحرير الشام (النصرة سابقًا) على الجزء الأكبر من إدلب، بينما تتواجد فصائل ينضوي معظمها في إطار "الجبهة الوطنية للتحرير" في بقية المناطق. وتنتشر قوات النظام في الريف الجنوبي الشرقي.
ويرى الباحث في المعهد الأميركي للأمن نيكولاس هيراس في تصريحات لفرانس برس أن "هيئة تحرير الشام تخطط على المدى الطويل في ادلب" انطلاقًا من اعتقادها بأن "تركيا ستسمح لها بمواصلة نشاطها في شمال غرب سوريا بقدر ما يبقى حضورها (الهيئة) بعيدًا عن الواجهة".
ويضيف "بقدر ما تبقى هيئة تحرير الشام تحت الجناح التركي، بقدر ما ستحظى بفرصة ذهبية لترسيخ جذورها بشكل دائم في ادلب".
وتراهن كافة الفصائل في إدلب ومحيطها على دور تركيا التي ترسل منذ أسابيع قوات وعتادًا إلى نقاط المراقبة التابعة لها والموجودة أساسًا في ادلب ومحيطها بموجب اتفاق خفض التصعيد.
وأفاد متحدثون باسم الفصائل المعارضة عن تلقيهم ضمانات حول توجه تركيا لتعزيز وجود قواتها على الجبهات الأمامية مع قوات النظام، أي في المنطقة العازلة.
وتسعى تركيا من خلال هذا الاتفاق، وفق هيراس، إلى "تثبيت أقدامها على المدى الطويل في إدلب، لتصبح الأخيرة من ضمن مناطق سيطرتها في سوريا".
ويعرب هيراس عن اعتقاده بأن "روسيا تسمح لتركيا بإنشاء منطقة دائمة في شمال غرب سوريا لأنه لا يوجد أمامها خيار أفضل في الوقت الراهن" انطلاقًا من رغبتها "بتجميد الحرب في المنطقة ومواصلة أعمالها في إعادة إعمار مناطق سيطرة (الرئيس السوري بشار) الأسد".
ورغم أن دمشق وصفت بدورها الاتفاق بأنه "إجراء مؤقت"، وخطوة لـ"تحرير" ادلب، لكن يبدو أن قبولها الاتفاق هو الخيار المتاح حاليًا.
ويشرح هيراس "قد يرغب الأسد باستعادة السيطرة على ادلب لكن في الوقت الراهن، ليس لديه خيار أفضل من هذا الاتفاق".
وتشهد سوريا منذ 2011 نزاعًا داميًا متعدد الأطراف، تسبب بمقتل أكثر من 360 ألف شخص وبدمار هائل في البنى التحتية ونزوح وتشريد أكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها.