الحج رحلة الى الله تعالى
فى هذه الأيام المباركة يتوافد المسلمون من كل فج عميق ويأتون من كل بلد سحيق الى بيت الله العتيق منبع النور الالهى ومهبط الوحى المحمدى وهو أفئدة المؤمنين ومقصد الموحدين يفدون الى بيت وضع بمكة المشرفة محفوفا بالخير والبركة حيث تمتلئ بطاح مكة وتزدحم المناكب حول الكعبة تلبيتة لأذان أبيهم ابراهيم واستجابة لدعوة العزيز الحكبم عن بن عباس-رضى الله عنهما-قال:(لما فرغ ابراهيم-عليه السلام-من بناء البيت قال:رب قد فرغت فقال:أذن فى الناس بالحج قال:يارب وما يبلغ صوتى؟قال:أذن وعلى البلاغ قال رب كيف أقول؟قال:قل يا ايها الناس كتب عليكم الحج الى البيت العتيق فسمعه أهل السماء والأرض ألا ترى الناس يجيئون من أقصى البلاد يلبون وليس بعجب أن يسمع الخليل ابراهيم بأذانه الحج من فى السموات ومن فى الأرض.
أن فريضة الحج:هى رياضة الوجدان على طاعة الرحمن الى خير البلدان يؤديها الكل بشوق وخضوع وهيبة وخشوع فطوبى لمن اجاب الداعى وقام بهذا الواجب المقدس ليقيم البرهان الساطع والدليل القاطع على طيب نفسه وصلابة عوده وقوة قناته وصلاحيته لخوض غمار الحياة بارادة قويه وعزيمة وثابه فأن مناسك الحج كلها قربات ومواطن تستجاب فيها الدعوات وتثمر الأعمال الصالحات.
ان هذه الفريضة المقدسة تصور تصور لنا بعض أدوار الأخرة فالحاج اذا دخل البادية وسار فى الصحراء لا يأكل الا من زاده ولا يعتمد الا على استعداده واغتسال المحرم وتجرده من المخيط ووقوف الجميع بعرفة ما بين مقبول ومخذول كيوم القيامة فمنهم شقى وسعيد والافاضة الى المزدلفة ودخول البيت الحرام يشبه دخول دار السلام.
الحج فى واقع الأمر رحلة الى الله -تبارك وتعالى-فيها انفاق وتجريد وتطهير وتهذيب فمن يذهب لأداء فريضة الحج يجب ان يتعود السخاء والجود والعطاء من يذهب الى الحج يحب أن يتجرد من الشهوات وأن يبتعد عن الحرام وأكل الحرام ويتجنب الأثام وأن يخلص قلبه وعمله لله-عز وجل- من يذهب للحج يجب أن يتحلى بمكارم الأخلاق ويترك أساليب النفاق وأن يتقى قلبه من السوء والا يضمر شرا لزملائه وجيرانه وان يعامل الناس بما يحبه لنفسه.
وللحج اسرار عظيمة وفضائل روحية شريفة وأثار احتماعية قدسية من ذلك تنظيم البيت العتيق وعمارته وزيارة الأرض المقدسة الحج أفضل العبادات التى يتقرب بها المسلمون الى خالقهم بارئ النسمات فتصفوا قلوبهم وتشف نفوسهم فى مشارق الفيوضات وترفرف أرواحهم مع نسمات الرضا والنفحات فيلتقون على المودة وتربط بينهم أواصر المحبة على اختلاف الديار وتباعد الأقطار.
وفى أعمال الحج تنزع من النفوس الجامحة الكبر والخيلاء.ثم ان الشروع فى أداء فريضة الحج يخرج الانسان من كل مشاغل الحياة وما فيها من أضغان ومنافسات وأول أعمال الحج:هو الاحرام وفيه اظهار التذلل والخضوع والعبودية وترك الزينة وأسبابها مت الملابس الفاخرة اذ يكتفى الحاج من اللباس بما هو ضرورى لم تناله يد الصانع بالخياطة ونحوها ثم ان من أهم المنافع التى قصدها الشارع الحكيم بالحج الى بيت الله الحرام ان اجتماع الجميع بمكة حول البيت ووقوفهم جميعا بعرفة يعتبر اجتماعا عالميا ومؤتمرا دوليا لوضع أسس السعادة والرقى والحضارة للمسلمين فى مشارق الأرض ومغاربها فضلا عن تبادل الخبرات والمعارف ودراسة المشكلات ووضع الحلول المناسبة لها بطريقة ايحابية وعملية.