من الصعود إلى الهاوية.. كيف اختفت التنظيمات الإخوانية المُسلحة؟
شهدت مصر، خلال السنوات الخمس الماضية، صعود عدة حركات إرهابية مسلحة، ترتبط تنظيميًا بجماعة الإخوان الإرهابية، إلا أنه قبل عام من الآن، وبعد السيطرة على المشهد الإرهابي المصري، شهدت هبوطا إلى الهاوية، حيث لم تقم بأي عملية إرهابية، بعد أن كانت تصدع آذان أتباع الجماعة الإرهابية بأنها ما تأسست إلا لـ"القصاص".
◄ نشأة التنظيمات الإخوانية
بدأت التنظيمات، قبل خمسة أعوام اجتمع قيادات جماعة الإخوان الإرهابية، لوضع خطط مواجهة الشعب الذي قرر الثورة عليهم في 30 يونيو 2013، أي بعد أقل من عام واحد على الحكم، وهو ما أثار غضب الجماعة، لتكون من بين هذه المواجهات هو تحديد ميداني "رابعة العدوية –يقع في مدينة نصر-، والنهضة –يقع أمام جامعة القاهرة"، أماكن للتظاهر لعناصرهم، لم تكن هذه الميادين بحسب شهادات عدة، للتظاهر فقط لكن اشتمل على أماكن تدريب مصغرة على استخدام أدوات لتعذيب وقتل المعارضين.
ومن داخل هذه البروفة الصغيرة التي وضعتها الجماعة لشبابها، داخل الاعتصام، ومع قرار اللواء محمد إبراهيم وزير الداخلية بمساندة ودعم من الدولة، بفض اعتصامات المخالفة للقانون، تشرذم الشباب إلى خلايا عنقودية في عدة مناطق متفرقة داخل الجمهورية.
جاءت البداية مع عدة حركات صغيرة مثل "إعدام وكتائب حلوان والعقاب الثوري"، مستخدمين أدوات بدائية في مواجهات رجال الجيش والشرطة تحت مزاعم "القصاص"، خاصة بعد ترويج الجماعة "كذبًا"، أنه سقط أكثر من 4000 من عناصرها خلال عمليات الفض، رغم أن وزارة الصحة كذبت ذلك وقالت أنهم لم يتعدوا 900 قتيل وجريح.
◄ الهبوط
وعلى مدى السنوات المتتالية ظهرت تنظيمات أكثر شراسة، البداية كانت مع ظهور "لواء الثورة"، الذي بدأ أولى عملياته في 21 أغسطس 2016، باستهداف كمين "العجيزي" –الذي يقع ضمن مدينة السادات التابعة لمحافظة المنوفية-، وأعقب ذلك عمليات كان من بينها مقتل العميد عادل رجائي قائد الفرقة التاسعة مدرعة بدهشور في 22 أكتوبر 2016، وتبدو العملية هي بداية النهاية التي سقطت على إثرها الحركة.
فمنذ ذلك الحين لم تظهر "لواء الثورة"، بين محركات البحث إلا في عدة مرات متتالية، حيث بيانات وزارة الداخلية التي تعلن فيها مقتل كوادر الحركة كان من بينهم أربع طلاب بكليات مختلفة بجامعات الأزهر قبل تنفيذهم عمليات، واعترفت الحركة بمقتلهم.
وقبيل تأسيس "لواء الثورة"، تأسست حركة حسم الإرهابية، بالتحديد في يونيو 2016، حيث قيام عناصرها باستهداف سيارة رئيس مباحث طامية بالفيوم الرائد محمود تعيلب، ثم أعقبه عدة عمليات تخطت العشر عمليات في عام واحد، ثم اختفت الحركة بعد العملية الأخيرة التي زعمت أنها استهدفت سفارة ميانيمار بالقاهرة.
◄ قرار داخلي للجماعة
الآن وبعد خمس سنوات من الإطاحة بجماعة الإخوان، ومع الاختفاء التام لجميع التنظيمات الإرهابية التي تتبع الجماعة، وذلك لأكثر من 9 أشهر، وضع عدة تساؤلات أهمها هل اختفاء التنظيمات المسلحة جاء نتيجة خوف الجماعة من عدة متغيرات؟
واستبعد الباحث في شؤون الحركات الإسلامية هشام النجار، أن يكون اخفتاء عمل التنظيمات المسلحة التابعة للإخوان، قرار داخلي للجماعة، مؤكدًا على أن الاختفاء له عدة محاور أولها الضربة القوية التي نفذتها القوات المسلحة خلال الفترة الماضية خاصة في سيناء، وهو ما جعل التنظيمات عاجزة بسبب التنسيق التي كانت تفعله مع التنظيمات المتواجدة في سيناء.
ويضيف النجار في تصريح خاص لـ"أمان"، أن التنظيمات المسلحة كانت تنسق فيما بينها، هذا التنسيق توقف مع الضربات الأخيرة، بالإضافة إلى حل أولتراس، والخطة الامنية التي كانت تواجه العمليات قبل تنفيذها والكشف عن خلايا إرهابية.
واتفق معه الباحث في شؤون الحركات الإسلامية أحمد بان، بقوله: إنه من الطبيعي الاختفاء في ظل الضربات القوية التي وجهتها الدولة لهم، حيث إن فكرة اللجان النوعية ظهرت في الفترة التي كان يتحكم فيها محمد كمال عضو مكتب الإرشاد في الجماعة، والذي كان يرى أن الحل الوحيد للعودة هو العنف، ومع سقوطه خلال عمليات تبادل اطلاق النار مع قوات الأمن، نهج خلفه عشرات الشباب هذا السير ولكن سقطت في الأونة الأخيرة.
◄ الكمون
وهناك عدة فروض أخرى، تتجه إليها التنظيمات الإرهابية وهي الكمون، لتعيد نفسها مرة أخرى بعمليات كبرى وأكثر سراشة، ظهر ذلك جليًا خلال العملية الإرهابية التي نفذها تنظيم القاعدة تجاه أبراج التجارة العالمية بأمريكا خلال عام 2001 بعد سنوات من الكمون، يقول بان، إن التنظيمات ليست في حالة كمون، حيث أن الجماعة لم يعد بمقدروها السيطرة على الشباب وذلك بعد انقسمها إلى ثلاثة فرق الأولى ترى العودة إلى ما قبل 25 يناير، والثاني يرى أن العنف هو الحل، والفريق الأخير يرى أن حل التنظيم والاندماج في المجتمع أفضل.
واتفق معه النجار، بقوله: إن جماعة الإخوان فقدت جزء كبير من سيطرتها على عناصرها، بالإضافة إلى أن الضربات الأمنية الموجعة قضت عليهم، موضحًا أن الانتخابات التركية نتيجتها سيكون لها تأثير على مصر إما بالسلب أو الإيجاب الأولى، حيث إن نجاح رجب طيب أردوغان، يعيد الجماعة التفكير في الأمال والفرص القادمة، أما لو سقط كانت ستعود الجماعة بقوة نحو الإرهاب.
◄ تبني الجماعة لتنظيماتها
قبل ظهور مجدي شلش القيادى الإخوانى، والذى كان مقيمًا مع محمد كمال عضو مكتب الإرشاد، في أكتوبر 2016، بعد أيام قليلة من مقتل محمد كمال بأيام قليلة، لم يستطع أحد من المتابعين، أن يثبت نسبة لجماعة الإخوان، حتى ظهر على فضائية "مكملين" المحسوبة على الجماعة؛ إن الجماعة كانت تستهدف السيطرة على مؤسسات الدولة، مشيرًا إلى أنهم أصلوا شرعيًا لما وصفه العمل الثورى الذى يعنى انتهاج أعمال العنف، قائلًا "الهيئة الشرعية لإخوان أصدرت تأصيل شرعى للتعامل مع كل من دعم 30 يونيو".
وكشف "شلش"، إن سيدات فى جماعة الإخوان هددهم حال عدم تبنى الجماعة أعمال العنف، قائلًا:" سيدات الإخوان طالبونا بالاستمرار فى العمل الثورى، وتلقيت رسالة من الأخوات فى محافظة كفر الشيخ هددونا فيها بعدم الطاعة حال تراجعنا عن -العمل الثورى- الذى يعنى العنف وإفشال الدولة".
كما اعترف أن الإخوان يقفون وراء محاولات اغتيال عدد من الشخصيات العامة التى أيدت ثورة 30 يونيو، مؤكدًا أن غالبية شباب الإخوان يؤمنون بانتهاج العنف ولديهم إمكانيات لذلك، لافتًا إلى أن محمد كمال الذى قتل الأسبوع الماضى هو الذى كان يخطط للأعمال النوعية، زاعمًا أن ضباط الداخلية كانوا يخشون من المبيت فى بيوتهم خوفًا من الإخوان.