مصطفى سلامة.. قصة مفتي تحريم أكل الدجاج
- الجماعة كانت تحرم اللحوم المستوردة والبيض
- سلامة عاد إلى السجن عام ٢٠١٤ بسبب مظاهرات «الإخوان»
قررت إدارة السجن استبدال (البيض) بلحوم، فخرجت عشرات الفتاوى بتحريم اللحوم المستوردة، وتطرف البعض فأفتوا أنها من ذبائح الشرطة وأنها حرام بإجماع. الأوامر كانت تابعة للفتاوى التى لا نعرف مصدرها بالضبط، وتقرر عدم تسلم هذه اللحوم وإلقاؤها خارج بوابات الزنازين فى إضراب كامل عن تناولها.
كنت أسأل نفسى حتى لو كانت حرامًا، وهذا كذب على الله، ألا توجد ضرورة لتناولها ونحن لا نراها إلا فى زيارات الأهالى، التى تجىء لنا كل ثلاثة أشهر على الأقل؟.. لكنهم لا يفهمون فقه الضرورات.
أصرت إدارة السجن على أن تكون اللحوم بديلًا للبيض، على اعتبار أن ذلك تحسن فى العلاقة، وتحسين فى ظروف السجون بالكامل.
بعد الإصرار على رفض تناول اللحوم، كانت إدارة السجن تخيرنا ما بين استلام البيض واللحوم، وكان الجميع مقهورين بالأوامر والفتاوى يفضلون بكل تأكيد البيض، لكن فى اليوم التالى، خرجت الفتاوى بتحريم البيض، على اعتبار أنه من الفراخ البيضاء، وأن هناك بحثًا متكاملًا للشيخ السلفى مصطفى سلامة عن (تحريم تناول الدجاج الأبيض)، كنت أضحك وأنا أقول: طب لو دجاج أحمر ألا يجوز تناوله؟!
انتشرت فتوى مصطفى سلامة، الذى ألقى القبض عليه عام ٩٦ وأفرج عنه عام ٢٠٠٦، وتناقل الجميع أن داخل مكونات العلف المُغذى لها الدم، وهو نجس، وأن كبد الدجاجة تحول إلى ما يشبه كبد الخنزير، حيث يُخرِج منه مادة - البولينا - بنسبة ٢٪ فقط ويختزن ٩٨٪. رد فقهاء الجماعة على ذلك وقالوا إنها تُقاس على (الجلالة) إن كان هذا فعلًا هو الحاصل، فالجلالة أغلب أكلها من النجاسات، فى حين أن مشتقات الدم المستخدمة فى علف الدواجن لا تزيد على ١٪، من مجموع المكونات، وهذه النسبة لا أثر لها، وبالتالى، فهى مباحة.
أثار مصطفى سلامة مشكلة كبيرة، وانقسمت العنابر ما بين من يفتى بالحل، وبين من يفتى بحرمة البيض، والفريق الأخير كان يرفض استلام اللحوم وكذا البيض.
مصطفى سلامة هو شيخ سلفى من مواليد ١٩٥٤ فى حى العجوزة، محافظة الجيزة، حصل على الثانوية العامة سنة ١٩٧٣، ثم دخل الفنية العسكرية وخرج بعد ٦ أشهر لأنها لم تناسبه، ثم انتقل إلى كلية الهندسة، جامعة القاهرة.
له مجموعة من المؤلفات غريبة جدًا ومنها: «تحريم الدجاج»، «يا قلفاء.. اختتنى»، «غيروا الشيب بالحناء»، «نعم العطاس وبئس التثاؤب»، «كفاية الأخيار فى سجود السهو»، «الامتثال والكمال بدفع الإسبال»، «البرُ بحرف الجر»، «حكم اللاهين من أطفال المسلمين وأطفال المشركين»، و«نصب المجانيق بنسف التفريق بين الفرض والواجب».
هكذا السلفيون لهم فتاوى غريبة، ويفضلون دائمًا الدخول إلى مناطق الفروع وليس الأصول، ليثيروا قضايا فرعية لا طائل منها، أو ليتحدثوا عن قضايا لا تمت للواقع بصلة، مثل الفرق القديمة، وقضايا خلق القرآن، والمعطلة، والجهمية، وباقى التصنيفات الأخرى.
سمحوا لنا أن نشترى بونات من الإخصائى الاجتماعى الذى يرسل لنا ما نطلبه من حاجات غير ممنوعة مع الجنائى، حيث كنا ممنوعين من الخروج من الزنازين.
البضائع المسموح بها هى الجبنة، لبن بودرة، الحلاوة الطحينية، سكر، والبونات لا تكفى أى غرفة لشراء ما يكفى.
صدرت فتاوى أخرى بتحريم أشياء وتحليل أخرى، وأغرقتنا المشاكل خاصة أن الجماعة رأت أن التكافل الاجتماعى يعنى أنه لا أحد يملك زيارة أو بونات، فكله ملك للجماعة توزعه بالتساوى بين الأفراد... كل شىء اشتراكى ومشاع بين الجميع حتى أرغفة العيش تقسم إلى لقيمات صغيرة وتلقى بين المجموعات ما عدا اللحمة والفراخ التى تأتى فى الزيارة الطويلة الأمد لا تلقى بين المجموعات بل تقسم بميزان حساس. كان الوعاظ يقولون إن الأشعريين إذا أرملوا فى الغزو جمعوا طعامهم وقسموه بينهم. كنت أحترم وجهة نظرهم، لكننى اتهمت بعد ذلك أننى أرفض الاشتراكية والتكافل الاجتماعى الإسلامى، وحديث أرملوا فى الغزو، وأؤيد الرأسمالية والأكل الخاص... والله أنا لا اشتراكى ولا رأسمالى، ففى هذا الوقت كنت أكره هذه المصطلحات ولا أعرف معناها... هذا وحده كفيل بأن حمّلنى من المشاكل ما لا طاقة لى به... وبعد أشهر أصدر أمير السجن بيانًا أن الجماعة اتجهت للرأسمالية ولن تقطّع أرغفة الخبز. أنا صراحة كنت سعيدًا لهذا الأمر لأن تقطيع أرغفة الخبز كان يحرمنى من طعامى كاملًا.
فى زاوية من الزنزانة، كان معى (ع.م) سلفى من محافظة الفيوم، تحدث معى مطولًا عن فتاوى مصطفى سلامة، وأكد أنه يمتلك مكتبة كبيرة جدًا، وأن جلّ وقته كان يقضيه بها، وأنه ظل ٣ سنوات يكتب فى كتاب، ولما سألته ما هو؟ أخبرنى أنه أيضًا فى تحريم الدجاج، لكنه لم يعلن عن ذلك لأنه السلفى الوحيد الذى يعيش مع أفراد الجماعة، التى أجازت أكل الدجاج المحرم.
عاد مصطفى سلامة الآن إلى السجون، حيث ألقى القبض عليه عام ٢٠١٤ بعد دعمه الكامل لجماعة الإخوان، وخروجه هو وأتباعه محرمى أكل الدجاج فى مظاهرات ضد الدولة.