"تنقية التراث ضرورة أم رفاهية".. الموقف من المرأة (1)
كثيرا ما أثيرت الدعوات التي تطالب بتنقية التراث من المقولات والآراء التي لا تلائم مقتضيات العصر، كما تخالف العلم والمنطق والعقل وتتناقض مع نصوص الشرع.
ورغم أن هناك جهودا عديدة من العلماء لبيان عدم صحة هذه الآراء الفقهية التي وردت في بعض كتب التراث، إلا ان البعض يرى أنه يجب أن تبذل المؤسسات والمجامع الفقهية مجهودا إضافيا لكي تظهر مثل هذه الروايات وحقيقتها ومن وراء ترويجها وعدم التصدي لها.
يناقش "أمان" بعض هذه القضايا ومنها تحقير المرأة، وموقف الإسلام من غير المسلمين وتحريم دراسة العلوم الفلسفية والعقلية وأن يعيش الإنسان مريضا ويقبل على نفسه المرض أم يتداوى ويقبل بالاختراعات الحديثة في فقه التداوي وأيهما يثاب عليه المسلم.
في البداية يوضح الباحث علي جمال الدين، إمام وخطيب بوزارة الأوقاف، أن هناك بعض التفسيرات التي تنظر إلى المرأة وقضاياها من منظور سلبي، ومنها تشبيه المرأة بالجاموسة والبقرة والتشاؤم منها وكذلك جواز ضرب المرأة، واعتبارها عورة، مشيرا إلى ما ورد في تفسير القرطبي، حول هذه المسألة وقال إن القرطبي ذكر أن العرب ترى المرأة كـ "النعجة والشاة"؛ لما عليها من السكون والعجز، كما ينسب إلي بعض كتب التراث تشبيه المرأة "بالحمار والكلب".
وأشار إلى أن بعض كتب الفقه بها روايات تدل على تحقير المرأة، متعجبًا أن يصل الأمر إلى تبرير الفقهاء هذا التحقير بأنه صحيح عقلا.
أما بالنسبة للتشاؤم من المرأة، فقد ذكر الشيخ علي جمال الدين أن بعض كتب التراث نقلت نصا: "إنما الشؤم في ثلاثة: في الفرس والمرأة والدار" مشيرا إلى أنه حتى لو قال بعض فقهاء المسلمين واختلفوا في وجهات نظرهم في نقل هذه القضايا، فيجب أن نختار نحن أقرب الأحكام إلى تقترب من تقاليدنا وعاداتنا.
ونقل أن المرأة في أوروبا تباشر زوجها بنفسها ولها شخصيتها التي لا تتنازل عنها وأن من لا فقه لهم يجب أن يغلقوا أفواههم عن نقل بعض النصوص التي تسيئ للإسلام أو ما يتعارض مع صحيح القرآن والسنة.
حول هذا الموضوع قال الدكتور ساهر نافع الباحث في العلوم الاجتماعية وقضايا التراث: " إن مسألة تحقير المرأة التي تناقشها بعض كتب التراث تعد بعيدة كل البعد عن المقصد الحقيقي للنص القرآني، بينما جاء الإسلام وكرم المرأة بنصوص صريحة وقاطعة، مثل قول الله تعالى: " فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ، بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ، فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ثَوَابًا مِّنْ عِندِ اللَّهِ، وَاللَّهُ عِندَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ".
وأضاف نافع" أن الله ذكر في القرآن الكريم أمثلة من النساء ضرب بهن مثلًا لكل الناس سواء من الرجال والنساء، مشيرًا إلى كلام القرآن عن السيدة مريم وامرأة فرعون.
وأشار إلى أن بعض كتب التراث قدمت صورة سيئة للمرأة منها منع النساء من الصلاة في المساجد، وكذلك اعتبار أصوات النساء عورة، وأيضًا القول بأنهن ناقصات عقل ودين.
واختتم ساهر كلامه، أن هذه النصوص تبتعد بشكل كبير عن المقاصد الحقيقية للنص القرآني، والاعتماد على الأفكار والرؤى التراثية، مشيرًا إلى توجيه البعض الآيات الخاصة بالمرأة في اتجاه يعاكس الاتجاه الذي جاء من أجله القرآن الكريم.
في حين يري الدكتور أسامة قابيل أحد علماء الأزهر الشريف أن الإسلام جاء لتكريم المرأة وأنها تعد أمانة وما خلقت لإهانة؛ فيجب ان نرسم على وجها الابتسامة، وفي عهد النبي كانت المرأة تتعامل مع الصحابة ونقل قول الرسول صلى الله عليه وسلم "خذوا نصف دينكم من هذه الحميراء"، فالصحابة كانوا يسألون السيدة عائشة عن عبادة النبي صلى الله عليه وسلم وتجيب رضي الله عنها.
وتابع: أن الصحابة كانوا يأخذون نصف دينهم من امرأة وهي السيدة عائشة متسائلًا كيف يكون صوتها عورة والصحابة تأخذ من أم المؤمنين نصف دينهم، فهل الصحابة لا يفهمون الدين؟.