«الدعوة العكسية».. عائدون من الجماعة يكشفون أخطر مناهج التربية عند الإخوان
المناهج قائمة على تبرير الفواحش والتزوير وشهادة الزور وقطع الرحم والمحاباة
تستخدم الجماعة الإرهابية مناهج تربوية ذات طبيعة خاصة لإعداد المنضمين إليها، بعد خضوعهم لمرحلة طويلة من التهيئة والإعداد للوصول إلى مرحلة الانضمام، حتى يكونوا مؤهلين لحمل أفكارها وتنفيذ أهدافها.
«أمان» يكشف تجارب عدد من الذين خضعوا لهذه المناهج من البداية إلى النهاية، في مصر وخارجها، ليتحدثوا عن تفاصيل رحلتهم المريرة في قلب الجماعة الإرهابية، التي انتهت بانفصالهم عنها بعد أن أفاقوا من غفلتهم، والذين أكدوا أنهم بعد كشف هذه الجرائم، تم التضييق عليهم من قبل الجماعة ومحاربتهم في أرزاقهم وأعمالهم حتى تحول أحدهم من العمل كأستاذ جامعي في اليمن إلى العمل في مهنة يديوية كي يوفر لنفسه قوت اليوم.
في البداية قال الدكتور «ف. ع»، الأستاذ السابق بجامعة تعز اليمينة، والذي يتحفظ «أمان» على ذكر اسمه نظرا لوضعه الحالي:
«بعد أن بايعت الإخوان كان قلبي ممتلئا يقينا وإيمانا، وفي أول أسبوع بعد البيعة اتصل بي أحد أفراد الأسرة الإخوانية يطلب التوقيع على استمارة قرض ربوي خاص به كضامن، وبعد ثلاثة أسابيع اتصل بي مسئول في الأسرة يطلب مني مساعد «أخ» لنا في التعيين بالقسم، ليفوز بالدرجة، وبعد شهر اتصل بي مسئول إخواني كبير لمساعدة ابنه الراسب في مادتي بتسع درجات لكي ينجح، فكان ردي عليه قاسيا، فوجدت الخبر في اليوم التالي لدى مسئول الأسرة، وأخذت أتساءل: كيف عرف بالخبر؟
وبعد 6 أسابيع قررنا أن ننظم رحلة إلى مدينة ساحلية، تستغرق الزيارة بضعة أيام، ناقشنا التمويل، وبعد النقاش، طلب المسئول المالي للأسرة المساعدة في توفير الدعم، وكان حظي أن أزور أحد معارفي من التجار، لأطلب منه جزءا من زكاته لـ«الدعوة»!!، وبالفعل توجهت إليه وطلبت منه أموال الزكاة لصرفها على رحلة ترفيهية للأعضاء!!.
ويعلق على ذلك أبومحمد الدمياطي، أحد المنشقين عن الجماعة في محافظة دمياط، ويرغب أيضا في عدم ذكر اسمه الحقيقي، فيقول:
هذه تسمى الدعوة العكسية لدى الجماعة، وهذه الطريقة تهدف لطمس منهج الدعوة «الفردية» القائمة على مفردات من المكر الشيطاني، التي خضع لها العضو خلال فترة تهيئته للانضمام للجماعة، والتي تخضع لمنهج التربية على الغيبة وإفشاء الأسرار، كما حدث سرا بين الأستاذ الجامعي والقيادي الذي طلب منه شيئا في السر.
وأضاف أن الجماعة تربي أبناءها على الجاسوسية من خلال الإلحاح المستمر على العضو الجديد المبايع حول إخبارهم بما يعرفه عن أصدقائه وجيرانه وأقاربه ومحيطه الاجتماعي، بهدف هدايتهم أو كف أذاهم عن الدعوة، فيبدأ العضو بالثرثرة، ويمارس الغيبة ويفشي الأسرار، وينقل الأخبار عن أقرب الناس إليه، فيتحول إلى جاسوس يرصد كل تحركاتهم، وسكناتهم وينقلها إلى المسئول عنه في الجماعة.
التربية على الاستهانة بالمعصية
ويضيف الدمياطي: يقيم أحد الأعضاء القدامى علاقة صداقة مع العضو الجديد، فيلتقي معه كثيرا خارج لقاءات الأسر الإخوانية، وفي إحدى المرات يتشارك معه سماع الموسيقى، ومرة أخرى يشاركه كصديق فى مشاهدة بعض برامج الفضائيات الراقصة ونحوها من الأمور التي تخرج عن الوقار والحشمة كما يرفضها الشرع، وهكذا مرة بعد أخرى، ليصل به الحال إلى الاستهانة بارتكاب الذنوب، ويغره بعفو الكريم سبحانه وتعالى.
عقوق الوالدين والكذب عليهما
ويؤكد الدكتور «ف.ع»: «يتضمن المنهج الإخواني صورا من عظمة الصحابة رضوان الله عليهم، وكيف أنهم لم يثنهم أحد من الناس ولا شيء عن اتباع النبي صلى الله عليه وسلم، فمنهم من لم يلق بالا لمنع والديه أو أحدهما إياه من اتباع الإسلام، وبعضهم قتل أقارب له وذوي أرحام في بدر أو نحو ذلك.
ثم يوجه مسئول الأسرة الإخوانية تكليفات لأفرادها، فإن قال أحدهم يوما إن أبي يمنعني من فعل ذلك التكليف، أو إنه يتعارض مع وقت دراسته، وهذا سيغضب أبي، فيجيبه المسئول: لا تكن ساذجا، هل من الضروري أن تصارح أباك بكل شيء؟ إن أباك رجل مسكين من جيل محروم لم تصله أنوار الدعوة، فحاول أن تتكيف معه، أما إن قال العضو يوما إن أبي لا يمنعني من أداء تكليف ما فحسب، بل يأمرني بقطع علاقتي بكم نهائيا، كان رد المسئول: لا حول ولا قوة إلا بالله، أبوك يمنعك من الدعوة؟ يا أخي إن قدوتنا صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم».
التربية على قطع الرحم
ويضيف: «يتم فيه إيغار صدور الأعضاء على كل من يقف موقفا مناهضا، أو معارضا لمواقف الجماعة، وبالطبع فإن أولئك لهم ذوو رحم من أعضاء الإخوان، فيبادر العضو الإخواني لمقاطعة معارضي الجماعة من أولي رحمه، ويجعل الخصومة والبغضاء هي الغالبة على علاقته بهم».
التربية على الكذب
ويقول أبومحمد: «يتربى عضو الجماعة على أن الدعوة الإخوانية كلها خير، وقد قال صلى الله عليه وسلم: ليس الكاذب الذي ينمي خيرا، وأن الكذب فيما يخدم مصلحة الإخوان، ليس من الكذب المذموم، وصاحبه ليس كاذبا، لأنه ينمي خيرا».
التربية على المحاباة والظلم
ويشير الدكتور «ف.ع»: «يزرع الإخوان في قلوب أعضاء الجماعة الجدد مفهوم خدمة الدعوة من خلال الوظيفة العامة، أو الخاصة، وأن المواقع الوظيفية إما لك وإما لإخيك، وإما لـ«الذئب»، أي من لا ينتمي للجماعة، ولذلك يتربى عضو الإخوان على أن تمكين أخيه من الدرجة الوظيفية الجديدة، بدلا من «الذئب»، هي مصلحة راجحة للدعوة والإسلام، فإذا كان الإخواني هو صاحب القرار حابى الإخواني المتقدم للدرجة، حتى مع عدم استيفائه بعض الشروط، ويحرم منها «الذئب» حتى إن كان مستوفيا للشروط جميعها.
أما إذا لم يكن الإخواني هو صاحب القرار، فإن الإخوان يحرصون على أن يكونوا ضمن اللجان الوظيفية، وإن تعذر ذلك بحثوا عن وساطات ونحوها من الأساليب الرخيصة».
التربية على النفاق والتلون
ويضيف أبومحمد: «يتربى العضو الإخواني على أن الدعوة واجب، كونها تحقق الواجب المتمثل في إقامة دعوة الإسلام، وفقا لقاعدة ما لا يتم الواجب إلا به، فهو واجب، ثم ينظر إلى الأمور الأخرى التي تخدم الإخوان وفقا لهذه القاعدة، فإذا كانت مصلحة الجماعة لدى جهة ما أو شخص ما، تزلفوا له وتقربوا منه، وفقا لهذه القاعدة، حتى إذا قضوا وطرهم منه، أو رأوا أن غيره بات أكثر نفعا لهم، وأن التقرب إلى ذلك الغير لا يتم إلا بالقطيعة معه، أعلنوا له القطيعة وربما العداوة معه لكون ذلك واجبا لا يتم الواجب إلا به!!، فإذا تغيرت الأحوال وعادت المصلحة الإخوانية إلى يد الأول الذي قاطعوه، وعادوه، زارت شخصيات بارزة الأول للاعتذار عما بدر من بعض الأعضاء باعتبارها تصرفات فردية طائشة، وأن القيادة لم تعلم بها إلا صبيحة ذلك اليوم، فسارعت إلى الزيارة والاعتذار.
التربية على الانحطاط الأخلاقي
ويؤكد الدكتور «ف.ع»: تتم تربية العضو على أن الثقة ركن من أركان البيعة، وأنها ضرورية لاسيما في ظل كثرة الشائعات التي تستهدف الدعوة، ثم يقال له إننا مع ذلك بشر نخطئ ونصيب، فإذا وقعت أخطاء من بعضنا وجب على البعض الآخر النصح والصبر لأن أخطاء الإخوان لا تكون إلا صغيرة مما يمكن احتماله، فإذا سمع العضو جزءا عن الجرائم الأخلاقية التي تتم داخل صفوف الإخوان اعتبرها شائعات، وقد استقر في قلبه ذلك، كما استقر أن أخطاءهم لا تكون إلا من فئة الصغائر، وإن قدر له أن يرى بأم عينه واحدة من تلك الكبائر، قيل له 4 شهود أو حد في ظهرك!!.. ثم يقال له: كم حد زنى أو لواط أقيم في تاريخ المسلمين؟.. إنها قليلة جدا لأن شروطها صعبة، تلك الشروط لحكمة، وهي الستر، فاستر إخوانك كما قضى الشرع بأن يستر كل مسلم إخوانه العصاة وإلا لأقيم عليك الحد، وهكذا يتربى العضو على قبول الفواحش بأن يستر كل مسلم على إخوانه العصاة وإلا أقيم عليه الحد، فيتقبل الفواحش في التنظيم وقد تتكرر رؤيته لها، وشيئا فشيئا تصبح جرائم الشذوذ والمثلية والزنى، ونحوها أمرا مألوفا داخل صفوف الإخوان، لأنها وجدت-حسب زعمهم- في مجتمع المدينة المنورة، وكان مصيرها الستر، والستر خير».
التربية على الرياء
ويقول أبومحمد: «يتم شحن العضو الجديد على أهمية القدوة في حياة الداعية، وأنه يصلح بسلوكه الذي يقتدي به الناس أكثر ما يصلح بمواعظه، وأن صلاح ظاهره مصلحة شرعية راجحة، وأن الداعية لا يبتغي ثناء الناس عليه من خلال إصلاح ظاهره، وهذا هو عين الرياء، وإنما يبتغي صلاح الناس الذين يقلدونه، ويبتغي من وراء ذلك مرضاة الله عز وجل، وهذا عين الإخلاص لله تعالى، وأن الداعية يجب أن يكون حازما في هذه المسألة، فلا يسمح أبدا بالظهور أمام الناس كالظهور أمام إخوانه الدعاة أو يظهر للناس فتوره، وضعفه فيصيبهم الفتور والضعف في كل أحوالهم اقتداء به في حين أن فتوره كان عارضا وليس حالة دائمة، كما أنه يشرع له أن يدعو الناس من خلال القدوة إلى فضائل كثيرة لا يفعلها، فالدعوة عامة وليست مقصورة على ما يفعله الدعاة من القربات، ولذلك يشرع للداعية أن يظهر أمام الناس أنه يفعل الطاعات الكثيرة التي يريد الناس أن يفعلوها، وليس في ذلك رياء، كما أنه يدعوهم بلسانه إلى كل خير، وإن لم يفعله، فيدعوهم بظاهره لكل خير وإن لم يفعله».
التربية على شهادة الزور
ويتابع: «تتم تربية العضو الجديد على أن الثقة من أركان البيعة، وأن رجلا ادعى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يكن مع الرسول شاهد، فقال رجل من المسلمين: أنا شاهد، وهو لم يكن حاضرا الواقعة، فلما سئل: كيف شهدت ولم تر؟، قال: ثقة بصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولذلك تجد أن الذين يردون على التهم الموجهة لقيادات الإخوان عبر وسائل الإعلام ليس القيادات أنفسهم الذين يلوذون بالصمت لعلمهم أنهم مذنبون بالفعل، بل يرد عليها كل أعضاء الإخوان الذين لم يشهدوا الواقعة، وإنما شهدوا لقياداتهم ثقة فيهم».