قراءة فى عملية نابلس
لم يفرح الشعب الفلسطيني كما فرح بعملية نابلس، رغم أنها لم تسفر عن قتلى إسرائيليين كثر، بل أدت فقط لاغتيال مستوطن واحد، إلا أنها جاءت بعد تشديد أمني إسرائيلي، وعربدة صهيونية عسكرية وسياسية، بالإضافة إلي أنها أول عملية بعد إعلان ترامب القدس عاصمة للكيان، وبعد مشروع الليكود الذي يعتبر الضفة الغربية جزءًا من الكيان، وبعد أن خفتت العمليات العسكرية ما شجع الصهاينة على التوسع وزيادة الأطماع، فكانت العملية انعاشًا للهمة الفلسطينية، ومنحتها قوة وأملا في استمرار انتفاضة القدس وتطورها.
فاعتبرت هذه العملية لدى شعبنا أنها بقعة ضوء في نفق مظلم من التنسيق الأمني والتراجع الفلسطيني والعربدة الصهيونية والخيبات العربية والتوسع الاستيطاني، وجاءت لتحيي العمل المقاوم العسكري في الضفة، وما تميزت به أنها ليست فردية بل منظمة كما قال الاحتلال ومنفذو العملية نجحوا في الانسحاب بمهارة وذكاء، وحدثت رغم تعقيدات الواقع الأمني، ويعني تنظيم العملية أن الطوق قد كسر أمام حالة الضغط والمتابعة وإحباط العمليات، ما ينبئ بتكرارها في أي لحظة من اللحظات.
عملية نابلس اختبار حقيقي للسلطة الفلسطينية وللرئيس محمود عباس، وهي فرصة لأن ينقل الرئيس أقواله وتهديدات إعلامه لأفعال وسياسات وتوجهات جديدة، وأن يظهر حقيقة موقفه من إعلان ترامب وسياسة التصفية الممنهجة، ومدى جدية مواجهته ومقاومته للانقلاب الأمريكي، ولا أدري هل ستستمر السلطة في التنسيق الأمني أم ستمنح المقاومة الشعبية أمانا واطمئنانا ودفعات جديدة للاستمرار والرد على إعلان ترامب الليكود وتوحيد القدس كعاصمة للكيان!
الضفة الغربية الآن هي ساحة المواجهة الحقيقية خصوصا بعد إعلان الليكود وتوجهاته، ولهذا استنهاض الضفة استنهاض وطن لا مقاومة من غير السواعد الرامية في نابلس والخليل وقلقيلية وجنين، هناك تحدث الفروقات، فعمليات مكثفة تشبه عمليات نابلس لا شك ستؤثر على معادلة الصراع وستعيد حسابات الاحتلال وسيضحى الاستيطان عبئًا ثقيلًا على الكيان بدلا من كونه محل إنجازاته وأطماعه ومشاريعه، وسيصبح التخلص منهم على سلم برامج الأحزاب الصهيونية في أي انتخابات مقبلة.
لا شك أننا لا نريد من أحد الإعلان عن هذه العملية، ولا يهم من نفذها إن كانت حماس أو فتح، وإن كانت تغريدة أبوعبيدة الناطق باسم كتائب القسام حول عملية نابلس تعتبر تبنيًا غير مباشر للعملية ووعدًا ضمنيًا بالمزيد، وهذا ما سيمنح الوطن روحًا جديدة، عنوانها الضفة ستتحول للهيب يلسع المستوطنين في كل حين.
باحث فلسطيني