«الجامعة العربية»: الحل السياسى للأزمة السورية بات ضروريًا
قال السفير حسام زكي، الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، الخميس، إن الذكرى الحادية عشرة لاندلاع الأزمة السورية تتزامن مع اضطرابات عالمية خطيرة، تفرض تحديات إضافية على المجتمع الدولي وخطط استجابته للأزمات الإنسانية.
وأضاف زكي، خلال كلمته في مجلس الأمن بنيويورك، أنه من المتوقع ألا تكون الأزمة السورية بمنأى عن هذا المشهد القاتم الذي يلقي بظلاله على حالة السلم والأمن الدولي.
تغليب الدبلوماسية
وتابع: "برغم أن الأمل لا زال يحدونا في أن تتغلب لغة الدبلوماسية على لغة السلاح والاقتتال، إلا أن مخاوفنا تتزايد كل يوم مع تزايد معدلات النزوح في الحرب الدائرة في أوكرانيا، على نحو يطرح أمام المجتمع الدولي مسئوليات ضخمة، لاسيما فيما يتعلق بالتعامل مع التحديات والأزمات الإنسانية التي تزايدت وتيرتها مع تصاعد وتيرة الصراعات المسلحة في مناطق مختلفة من العالم".
كما أكد أن جميع الأبعاد المتعلقة بالصراع السوري في تشكيل أزمة إنسانية كارثية طالت جميع أبناء الشعب السوري بغض النظر عن مناطق تواجدهم: "وانعكست آثارها المفجعة على عدة أجيال منه، وتفاقمت حدتها في ظل تزايد معدلات اللجوء والنزوح وتردي الأوضاع الاقتصادية والإنسانية وارتفاع معدلات الفقر، فضلًا عن تردي الأوضاع الصحية في ظل جائحة كوفيد، والدمار الذي لحق بالمؤسسات العلاجية، والتي تخضع لعقوبات تجعلها عاجزة عن أداء أبسط مهامها الإنسانية".
تفاقم أزمة اللاجئين
كما أشار إلى أن التقديرات تفيد بأن 90٪ من أبناء الشعب السوري يعيشون حاليًا تحت خط الفقر، ويعاني نحو 12.5 مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي: "أدت سنوات الصراع إلى نزوح ولجوء أكثر من 12 مليون سوري، أي نصف سكان البلد تقريبًا، وهى حالة فريدة، للأسف- في التاريخ المعاصر"، مؤكدًا أن هناك أكثر من 14 مليون سوري في حاجة للمساعدة الإنسانية، إضافة إلى عشرات الآلاف من المحتجزين والمختطفين والمفقود".
ونوه بأن الجامعة العربية تُدرك الآثار الخطيرة لهذه الأزمة على الاستقرار في المشرق العربي، بل وفي المنطقة العربية على اتساعها، وتتابع تداعياتها وآثارها المؤلمة التي تطال الدول المجاورة لسوريا، لاسيما الدول العربية المستضيفة للسوريين وفي مقدمتها لبنان والأردن، واللتان تتحملان أعباء ضخمة في سبيل توفير الإغاثة والخدمات الأساسية للنازحين السوريين، رغم ما يشكله ذلك من ضغوط كبيرة على البنى التحتية والقطاعات الحيوية في تلك الدول خاصة قطاعي التعليم والصحة.
وتابع زكي: لبنان يستضيف العدد الأكبر من اللاجئين السوريين نسبة إلى عدد سكانه، والأردن يستضيف ما يزيد على مليون سوري منذ بداية الصراع، وهو ما يضع عبئًا هائلًا على كاهل دولة ليست ذات موارد كبيرة.
وأفاد بأن: "الجامعة العربية تتطلع لأن يسهم مؤتمر بروكسل السادس لدعم مستقبل سوريا والمنطقة" والمقرر عقده في 10 مايو المقبل، في التخفيف من حدة هذه المأساة الإنسانية التي طال أمدها، وحشد الدعم اللازم لمساندة الدول المستضيفة للنازحين السوريين.
وأضاف: "لا يفوتني هنا أن أشير إلي أن دعم النازحين واللاجئين هو مسئولية تشاركية بين المجتمع الدولي والدول المستضيفة، دونما تمييز علي أساس اللون أو العرق أو الدين، كما بتنا نسمع مؤخرًا بكل أسف، فاللاجئ والنازح من نزاع مسلح هو إنسان قبل أي اعتبار، انهارت ظروف حياته الطبيعية دون رغبة منه أو قدرة علي مواجهة الواقع الصعب".
وشدد على أن الاهتمام باللاجئين والتضامن مع أحوالهم وتقديم يد المساعدة لهم إنما هو من صميم مسئوليات المجتمع الدولي بكافة مكوناته، ونأمل أن يضطلع كل طرف بما عليه في هذا الخصوص.
قرار مجلس الجامعة الوزاري بخصوص سوريا
كما لفت إلى أن مجلس جامعة الدول على مستوى وزراء الخارجية اعتمد في 9 مارس قراره حول الأزمة السورية، يفيد بوجود قلق عربي كبير من تدهور الأوضاع الإنسانية، ومن العواقب الكارثية التي يمكن أن تترتب على استمرار العنف في مناطق متفرقة من سوريا على الرغم من ثبات خطوط التماس في شمال غرب وشمال شرق البلاد علي مدي 20 شهرًا.
وتضمن القرار، أيضًا، وجود اهتمام بتثبيت الاستقرار والتصدي لظواهر انعدام الأمن والاغتيالات وتهريب المخدرات في الجنوب السوري، لتمكين اللاجئين من العودة الطوعية إلى وطنهم ووقف تفاقم الأوضاع في الجنوب.
فيما نبه إلى وجود قلق مشروع إزاء الأوضاع الإنسانية المتردية التي يشهدها مخيم الهول وتجمع الركبان، ولذلك فهناك مطالبة من الأطراف الدولية والسورية بتحمل مسئولياتها والسماح بتأمين ممرات آمنة لإيصال المساعدات الإنسانية من الداخل السوري، والتأكيد على أهمية عودة كل قاطني الركبان إلى مناطقهم، وتفكيكه وإخلائه بشكل تام.
وواصل: "يوجد قلق مبرر وحقيقي إزاء أية ترتيبات جديدة على الأرض من شأنها أن تشكل تهديدًا لوحدة الأراضي السورية، والرفض القاطع لكل المحاولات التي تهدف إلى فرض تغييرات ديموغرافية قد ترسخ لواقع جديد على الأرض السورية، وكذلك للاستباحة الجوية المستمرة للأجواء السورية من جانب إسرائيل".
فيما رحبت الجامعة العربية باعتماد مجلس الأمن القرار 2585 (2021) بشأن تجديد آلية إيصال المساعدات الإنسانية، وطالب الدول المانحة بسرعة الوفاء بتعهداتها التي أعلنت عنها في مؤتمرات المانحين لدعم الوضع الإنساني في سوريا، بحسب كلمة حسام زكي.
انعكاسات الحرب الأوكرانية على الأزمة السورية
حسام زكي، تابع قائلًا: "لدينا خشية حقيقية من انعكاسات وتداعيات الحرب في أوكرانيا على الأزمة السورية، سواء كان ذلك ميدانيًا أو في تعامل مجلسكم الموقر معها، فما يواجهه النظام العالمي من تحديات خطيرة على خلفية الحرب يدفعنا إلى التأكيد مجددًا على أهمية ألا يتضاءل الاهتمام الدولي بالاحتياجات الإنسانية الملحة، أو ألا يتمكن المجلس من التعامل مع الشق الإنساني تحديدًا لأسباب سياسية بحتة".
وبيّن أن الجامعة العربية تعرب عن تطلعها لاستمرار آلية إيصال المساعدات الإنسانية عبر الحدود إلى سوريا، وتجديدها في يوليو المقبل، وبحيث يبتعد بهذا الموضوع الإنساني عن التسييس بسبب الأوضاع الحالية. إننا نعتبر تجديد قرار مجلس الأمن 2585 أمرًا حيويًا بالنسبة لمصير ملايين المحتاجين من الشعب السوري.
واختتم حديثه قائلًا: "أؤكد أن الأزمة الإنسانية في سوريا لن تجد طريقها إلى الحل سوى عبر تسوية سياسية شاملة تستند إلى التطبيق الكامل لقرار مجلس الأمن 2254 (2015)، وتحقيق التطلعات المشروعة للشعب السوري في تحديد مستقبله بحرية، فالحل السياسي وحده يظل السبيل لإنهاء الصراع وخلق مناخ آمن ومحايد يضمن العودة الآمنة والكريمة والطوعية لملايين المشردين والنازحين واللاجئين. ونجدد في هذا الإطار دعم الجامعة العربية لجهود المبعوث الأممي السيد جير بيدرسون، ونتعهد بمواصلة التعاون معه".